هل سيتمكن الشعب العراقي من تقويض دولة الطوائف؟

تمكن أبناء الشعب العراقي من إرغام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، وحققوا أول انتصاراتهم منذ اندلاع انتفاضتهم احتجاجا على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وضد دولة الطوائف وتدخل أمريكا وإيران وبعض دول الجوار في شؤون بلدهم الداخلية.
الفوضى والفساد والنهب والطائفية والمحسوبية هيمنت على العراق منذ سقوط نظام البعث عام 2003؛ فجميع الأحزاب التي قفزت الى حكمه ساهمت في إقامة دولة دينية طائفية أدمته وأذلته، ومكنت الطبقة الدينية والسياسية الفاسدة من سرقة تريليون دولار (ألف مليار دولار) وأوصلته إلى المرتبة الثالثة بين دول العالم الأكثر فسادا، وعزلته عن محيطه العربي، وفشلت في إصلاح أوضاعه الصحية والتعليمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وجعلته دولة انتماءات طائفية ضعيفة بلا هوية وطنية جامعة، وعرضة للتدخلات الأجنبية والشرذمة والانقسامات.
استقالة حكومة عبد المهدي المدعومة من إيران والمرجعية الشيعية تعني أن السيد على السيستاني تخلى عنها وعن رئيسها، ووافق على استقالتها في محاولة للحفاظ على دماء العراقيين التي سالت بغزارة في بغداد والناصرية والنجف وغيرها من المدن العراقية، ولإيقاف الانتفاضة واحتوائها قبل ان تتمكن من تحقيق أهدافها ومن أهمها إقامة نظام ديموقراطي يلغي الطائفية وامتيازات الطبقة الدينية والفساد، ويعيد العراق للعراقيين وأمته العربية، ويساوي بين الجميع في المواطنة والحقوق والواجبات، ويمنع انزلاقه في حروب مذهبية تبدأ ولا تنتهي.
الشعب العراقي الذي ما زالت شريحة كبيرة من أبنائه تعيش في بيوت من الطين والصفيح، ويعاني من البطالة والفقر والجوع والتهميش في بلد يطفو على النفط، كسر حاجز الخوف من السلطة، وقدم مئات الشهداء خلال الشهرين الماضيين، وما زال ثائرا بشيعته وسنته ومسحييه وطوائفه الأخرى ويضحي لإقامة دولة تمثله وتوفر له حياة حرة كريمة؛ ولهذا، وعلى الرغم من المخاطر والتدخلات الإيرانية والأمريكية والعربية لإفشال هذه الانتفاضة العراقية المباركة، فإننا على ثقة بأن هذا الشعب العربي العظيم سيتمكن من اسقاط النظام الطائفي ورموزه، وسيقيم دولة ديموقراطية يستحقها، ويكون عونا لأمته العربية في مواجهة أعدائها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى