الانتفاضات الجماهيرية العربية ودول الطوائف والإسلام السياسي
بقلم : د. كاظم ناصر

أثّر الإسلام السياسي على العقيدة السياسية في دول المشرق والمغرب العربي على مدى الأربعين سنة الماضية، وحقق مكاسب مهمة في مراحل زمنية مختلفة في الانتخابات البرلمانية في الأردن والجزائر وتونس والمغرب وفلسطين وغيرها، واستفاد من حركات الربيع العربي التي بدأت في تونس سنة 2011.
حركات الربيع العربي قام بها الشباب المحبطين الفقراء الثائرين على الأنظمة العربية الدكتاتورية القمعية الفاسدة، ولم تتسبّب في اندلاعها الأحزاب والتنظيمات الإسلامية، لكنها كانت صاحبة الخبرة السياسية، ولهذا تمكنت من استغلال الأحداث وقفزت الى الصدارة وملء الفراغ السياسي في تونس ومصر، ووصلت الى الحكم عن طريق الانتخابات النيابية في العراق.
فشلت الأحزاب الإسلامية التي حكمت مصر وتونس والعراق فشلا ذريعا لأنها استحوذت على السلطة، وأخفقت في احداث تغييرات ديموقراطية حقيقية تضمن حقوق المواطن وحرية التعبير، ولم تقدّم أي حلول اقتصادية واجتماعية ذات معنى كابتكار سياسات عملية لحل المشكلات العامة التي يعاني منها المواطن مثل الفقر المتصاعد، والبطالة الجماعية، وغلاء المعيشة، والفساد ونهب الثروات، وفشل التعليم والنظام الصحي، وسوء البنية التحتية.
هذا الفشل أدى الى المزيد من المعاناة والاحتقان الشعبي، ودفع الشعب للنزول الى الشوارع في عدة أقطار عربية، وخاصة لبنان والعراق؛ إن ما يحدث ما في هاذين البلدين العربين هو انتفاضة شعبية ضدّ الطائفية والطوائف والطائفيين تطالب بإصلاحات ديموقراطية حقيقية تعيد للشعب حقوقه، وتمكنه من اختيار قادته من خارج صناديق الطوائف، وبناء على قدراتهم لخدمة الوطن، وليس لخدمة الزعماء الطائفيين الطوائف التي ينتمون اليها كما هو الحال الآن.
الانتفاضات الشعبية في الجزائر ولبنان والعراق والسودان تشير إلى تراجع الإسلام السياسي في الوطن العربي، وتبشّر ببدء حركة شعبية عربية جامعة للتخلص من الأنظمة العربي القبلية والطائفية الفاسدة، وإقامة أنظمة ديموقراطية تساوي بين المواطنين، وتنهي أنظمة الفساد التي يتحكم فيها زعماء الطوائف والقبائل وأعوانهم من رجال الدين.