حركة النهضة التونسية “الاخوانية”.. نجاح بطعم الفشل في الانتخابات البرلمانية

تونس – تشير النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التونسية إلى خسارة حركة النهضة الإسلامية نحو 29 مقعدا في مجلس النواب وهو الانحدار الذي لا يحجبه تصدرها للنتائج بـ40 مقعدا من أصل 217 مقابل 69 في الانتخابات الماضية و89 مقعدا في انتخابات المجلس التأسيسي في 2011.
وبحسب نتائج تقديرية لشركة “سيغما كونساي” المختصة باستطلاع الآراء حصدت الحركة 17.5 بالمئة من الأصوات مقابل 27.79 بالمئة في انتخابات 2014 وحوالي 37 بالمئة في 2011.
وتعني هذه النتائج أن الحركة خسرت أكثر من نصف خزانها الانتخابي في هذه الاستحقاقات التشريعية وهي الخسارة التي يرجعها مراقبون إلى عدة أسباب من بينها غضب نسبة كبيرة من قواعدها التي تتبنى مواقف متطرفة، من “التنازلات” التي قدمتها في سبيل بقائها في الحكم لاسيما تجاهلها لمطالب بتطبيق “الشريعة” وإلغاء قوانين الأحوال الشخصية وموقفها من أنصار النظام السابق.
ويرى مراقبون أن أصوات هؤلاء الغاضبين ذهبت إلى ائتلاف الكرامة الذي فاز بـ18 مقعدا ويقوده المحامي سيف الدين مخلوف القريب من الفكر الإسلامي.
يمينة الزغلامي: نعي جيدا أن تكوين حكومة مهمة صعبة ومعقدة
كما خسرت النهضة أصوات الكثير من التونسيين الذين فقدوا الأمل في قدرتها على التغيير واحتواء المطالب الاجتماعية مثلها مثل باقي الأحزاب التي كانت تتمتع بثقل سياسي قبل مشاركتها في الحكم خلال السنوات الثماني الماضية، وفقدت مواقعها مقابل صعود قوى جديدة.
وقاد فشل الأحزاب في النهوض بالوضع الاقتصادي وتفاقم الأزمات الاجتماعية إلى تغير معادلة التنافس التي كانت في 2014 قائمة على صراع أيديولوجي بين حداثيين (نداء تونس) وإسلاميين إلى معركة بين المنظومة الحاكمة والقوى الجديدة التي يراهن التونسيون عليها في صناعة التغيير.
وكشفت نتائج الاستطلاع لـ”سيغما كونساي” التي أجريت بموازاة الاقتراع الأحد، عن فارق ضيق بين النهضة وحزب قلب تونس حديث النشأة للمرشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية نبيل القروي الموجود في السجن.
كما كشفت النتائج أيضا عن صعود قوى جديدة ستكون مؤثرة في مفاوضات التحالف أو في المعارضة مثل “الحزب الدستوري الحر” الذي يمثل أنصار النظام السابق، و”ائتلاف الكرامة” الذي يقوده المحامي سيف الدين مخلوف القريب من الفكر الإسلامي، إلى جانب أحزاب الوسط مثل “تحيا تونس” لرئيس الحكومة يوسف الشاهد و”التيار الديمقراطي” و”حركة الشعب”.
وتختلف الأحزاب التي تحصلت على أكبر عدد من المقاعد في خطها السياسي مما يصعّب مهمة حركة النهضة في عقد تحالفات تضمن الأغلبية للحكومة (109 أصوات)، ما قد يؤدي إلى انسداد حكومي سيضع البلاد في أزمة سياسية غير مسبوقة.
ويزداد مأزق النهضة مع إعلان عدد من الأحزاب رفضها التحالف معها لاختلاف الخط السياسي.
وقبل الانتخابات استبعدت حركة النهضة وحزب القروي (قلب تونس) المشاركة في ائتلاف حاكم معا. وكرر متحدث باسم القروي نفس الموقف بعد الانتخابات الأحد واصفا ذلك بأنه “خط أحمر”، رغم تصريحات لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصفت بـ”المغازلة” لقلب تونس.
وأكد الغنوشي أن النهضة ليست مسرورة باستمرار وجود رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي في السجن، “ونتمنى لو كان الأمر يخضع لرغبتنا أن يكون خارج السجن”.
وقال حزب التيار الديمقراطي، الذي سيحصل في ما يبدو على أكثر من 14 مقعدا في البرلمان، إنه لن يشارك أيضا في حكومة تشكلها حركة النهضة.
وقال محمد عبو رئيس حزب التيار الديمقراطي “سنكون معارضة جدية ومسؤولة”. في المقابل قال ائتلاف الكرامة إنه لا يمانع في التحالف مع حركة النهضة.
ومع ذلك قال المتحدث باسم النهضة عماد الخميري الاثنين إن الحركة ستعمل على التفاوض مع الأحزاب والمستقلين القريبين منها من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة تستجيب لطلبات التونسيين في العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد.
في حين اعترفت القيادية بحركة النهضة يمينة الزغلامي بوجود صعوبة قائلة “نحن نعي جيدا أن مهمة تكوين حكومة ستكون صعبة ومعقدة”.
وأمام بوادر تشكل أزمة سياسية أعلن القيادي والمتحدث الرسمي لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي عن مقترح تشكيل حكومة إنقاذ وطني غير متحزبة في ظل مؤشرات عن نتائج متقاربة للانتخابات التشريعية.
وأضاف أنه في ظل المشهد السياسي الحالي، وبعد ظهور النتائج الأولية فإنه من الصعب تشكيل حكومة.
وتابع في تصريحات إذاعية “سنقوم بمشاورات لمواجهة الأزمة، وإن لم يتم التوصل إلى حل، نقترح حكومة إنقاذ وطني تتكون من كفاءات مستقلة تعمل على أساس خارطة طريق تضعها كل الأحزاب السياسية التي اختارها الشعب، ولا تكون حكومة متحزبة”.
وينص الدستور التونسي على تكليف رئيس البلاد مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس النواب، بتشكيل الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة.
وفي صورة تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس النواب يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس النواب الثقة للحكومة، للرئيس الحق في حل المجلس والدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى