من ذاكرة الأرشيف.. حوار الفكر والفن بين صاحب العبقريات عباس العقاد ونجمة الاغراء هند رستم

 

من ذاكرة الأرشيف الصحفي المصري يطلع هذا الحوار التاريخي النادر بين المفكر الكبير عباس محمود العقاد، ونجمة السينما المصرية وإحدى أيقوناتها هند رستم، وقد نشر على صفحات مجلة “آخر ساعة” القاهرية فى 18 ديسمبر/ كانون الاول من العام 1963 قبل اربعة اشهر فقط من رحيل العقاد، وقد أجراه يومذاك الصحفى كمال سعد.
                                        لقاء بين العقل .. والإغراء  
التقت هند رستم مع الكاتب الكبير عباس العقاد لأربع ساعات كاملة.. جلست تناقشه فى آرائه وأفكاره.. وقال عباس العقاد رأيه فى هند رستم.. قال لها أنه وجد فيها سارة جديدة .. ماذا حدث فى هذا اللقاء بين عقل العقاد الكبير وبين هند رستم ممثلة الإغراء ؟.. هل تهيب العقاد؟ وهل تراجع أمامها؟ أم تحركت عواطفه وقرر أن يعيد تجربة سارة من جديد ؟ إن “آخر ساعة” تسجل فى هذا التحقيق أول لقاء بين العقل والإغراء.
قالت لى : أنا خايفة .. خايفة الى درجة إنى ما نمتش طول الليلة اللى فاتت ، وقلت لها : ولماذا كل هذا الخوف ؟.. وقالت لى وهى تفرك أصابعها : ما اعرفش .. ربما لإنى أتصور الفرق الضخم بينى وبين هذا الرجل .. هو يجلس على قمة تجارب البشرية كلها ، ويضع فلسفة الإنسانية داخل برشامة فى رأسه.. وأنا كل تجاربى معدودة..ومن الحياة .. قلت لها : وهل فى هذا ما يخيفك ؟ وقالت لى فى تردد : ما اعرفش برضه .. لإنى قعدت أسأل نفسى طول الليل : ياترى بأى لغة ياهند حتتكلمى مع عملاق الأدب والصحافة ؟ وقلت لها وأنا أضحك : كلميه عن مشاكلك كأنثى .. ولا تتكلفى .. ولا تضعى فى اعتبارك أن تكونى عملاقة لتحدثى عملاقا .. فكثيراً ما حدثنا التاريخ عن عباقرة وعمالقة استسلموا أمام طغيان الجمال والإغراء!..
وقالت لى هند رستم وقد غرقت هى الأخرى فى الضحك:
أنا دلوقتى ما يهمنيش التاريخ.. أنا يهمنى المقابلة دى نفسها.. ياترى هتكون سهلة ؟.. فقلت لها وبسرعة : طبعا ما فيهاش أى صعوبة بالمرة!
وأردت أن أزيد من اطمئنانها.. فقلت لها إن أجمل ما قيل عن ملكات الإغراء فى العالم قاله عباقرة.. فالروائى العظيم ألبرتو مورافيا قال لممثلة الإغراء الجديدة كلوديا كارديناللى: إنى أرى فيك ظمأ الحياة .. ظمأ نقيا بريئا يكره التعقيد .. فهل أخطأت ؟ وقالت له ضاحكة : ومن أتا لأقول لألبرتو مورافيا أنه أخطأ ..مثلا ؟
وهناك شاعر إيطالى لا أتذكر اسمه دفعته العاطفة الى أن يقتحم حجرة بريجيت باردو ليراها على الطبيعة ، وكتب عنها قصيدة أروع من الخيال ، وهذا بخلاف الكتاب الذى ألفته عنها الكاتبة الفرنسية سيمون دى بوفوار.
وهناك الكاتب الأمريكى آرثر ميللر الذى قال عنزوجته مارلين مونرو: إنها عبقرية ، وقالت عنه مارلين مونرو إنه مجنون..
وهناك أمثلة كثيرة لا حصر لها عن أنه ليس هناك حاجز بين العقل والإغراء بالمرة.
وقالت لى هند رستم: ولو .. فكل هؤلاء .. أنا أضعهم ومعهم مائة فى كفة.. وأضع العقاد فى كفة أخرى.
قلت لها : إزاى ؟
قالت : العقاد شئ آخر فى العبقرية، وغير هذا.. أو ليس هو الذى قال عن المرأة إنها تراوغ وتكذب وتميل مع الهوى، وتنسى فى لحظة واحدة عشرة السنين الطوال؟
قلت لها ومن أين لك هذا؟
قالت: منذ عرفت هذه المقابلة وأنا أقرأ كل شئ كتبه العقاد.
قلت لها: يعنى سنذهب؟
قالت وهى تضحك: سأذهب.. وأمرى لله!
أنت ملكة التعبير
وكانت هند رستم وهى فى طريقها الى بيت العقاد، ترتدى فستانا أسود صدره مقفل، ومن النوع المحتشم الذى يلفت وقاره الأنظار، بينما وضعت على كتفها فروا أبيض، وتركت وجهها وعليه نفس العلامات.. علامات الخوف الذى وصل الى درجة أنها قالت لى فى الطريق: هل تدرى أن هناك شيئا يزيد خوفى من هذه المقابلة؟
وقلت لها: بمعنى ؟
قالت : إنها فى يوم 13، وهو يوم أهرب منه وأتشاءم منه ولا أمثل فيه بالمرة حتى لو أخذت مليون جنيه فى المشهد. وقد وصل تشاؤمى من هذا اليوم الى درجة أننى قررت أن أنتقل من شقتى فى الزمالك لمجرد أنها تحمل رقم 13..
قلت لها ، وأنا أكتم الضحكة فى أعماقى: وماذا لو عرفت كذلك أننا ذاهبان للبيت رقم 13؟ وكادت تصرخ وهى تقول لى: يامصيبتى .. هو العقاد ساكن فى رقم 13؟
قلت لها: ويتحداه، ولا يعبأ به.. ويعتقد أن التشاؤم من صنع الصدفة ولا دخل للحقية فيه!
المهم كل ما تصورته هند رستم من عداء أستاذنا العقاد للمرأة ذاب بمجرد مقابلته لها.. فقد وجدناه فى انتظارنا خارج شقته.. وعلى وجهه ابتسامة لم أرها فى كل المقابلات التى زرته فيها.. وكان يرتدى نفس ملابسه التقليدية التى يميزها شيئان: الطاقية الصوف والكوفية!
وقال لنا أستاذنا العقاد ، بمجرد دخولنا : هل نذهب الى المكتب أو نجلس فى غرفة الإستقبال؟.. قالت له هند رستم: فى غرفة الإستقبال أحسن.
وبمجرد جلوسنا قال لها أستاذنا العقاد: تعرفى يا أستاذة هند إنك نجمى المفضّل؟
قالت له، وهى لاتكاد تصدق ما تسمعه بأذنيها: ياه! للدرجة دى؟
قال لها: وأكثر .. فقد اكتشفت الآن أن الحقيقة أروع من الخيال.. فأنا أهنئك بالموهبة الطبيعية، والوجه المعبر.. فأنت فى رأيى لست ملكة الإغراء ولكنك ملكة التعبير.. لأن الإغراء عملية حسية.. عملية رخيصة.. لكن التعبير عملية نفسية تخاطب العقل.. والوجه المعبر فى رأييى أهم من الوجه الجميل.
قالت له هند: ولكنى أعترض على الهجوم على الإغراء، لإنه فن ما نقدرش ننكره.
قال لها العقاد، وهو مستمر فى كلامه: عندما رأيتك لأول مرة فى فيلم شفيقة القبطية ذكرتنى بأول مرة رأيت فيها انجريد برجمان.. كان عمرها 22 سنة.. وكانت صريحة وطبيعية مع انفعالاتها.. ولذا فى رأيى أقرب إنسانة الى سارة.. ولذا أنا أرشحك لتمثيل هذا الدور.. إنك سارة نفسها.. بكل ما فيها من ذكاء الأنثى، وطبيعة الأنثى، ورغبتها فى أن تستجيب. والفارق الوحيد بينك وبين سارة هو أن الناحية العصبية عندك طاغية، وهى على عكسك، لدرجة أنك لو قفلت شفتيك بدون كلام لمدة خمس دقائق لارتعشنا على الفور!
ونظرت الى هند رستم وهى تنصت بكل حواسها لهذه الكلمات الرقيقة.. ورأيت فى عينيها طبيعة الأنثى التى تطلب مزيدا من هذه الكلمات، فتدخلت لأقول لأستاذنا العقاد: وهل كانت سارة على قدر كبير من الأنوثة؟
قال لى: إنها أنثى مائة فى المائة.. وهى مليئة بالإحساس العاطفى والجسدى. وسارة فى تجربتها معى كانت تأخذ صف الرجل فى كل المواقف، فكنت إذا حدثتها عن خناقة بين زوجين كان شعورها يذهب على الفور مع الرجل.
وهنا أسرعت هند رستم لتقول: عندها حق، وأنا دائما أؤيد الرجل، وأحس أنه كل شئ فى حياة المرأة، وبدونه تكون الحياة بالنسبة للست عبارة عن صحراء.. لأنه هو اللى بيحميها، وهو اللى بتحمل اسمه، وهو اللى بتفخر بيه..
وأضاف العقاد: وهو اللى تضيف وجودها لوجوده!
وهنا تساءلت هند: لكن من كلامى مع الأستاذ العقاد.. واضح إنه بيحب المرأة قوى!
وانفجر العقاد فى ضحكة من أعماقه وهو يقول: قوى جدا.. ثم عاد بظهره الى الوراء على الكنبة التى كان يجلس عليها، ووضع ساقا فوق ساق، وقال لها: ومين قال إنى عدو المرأة ؟.. إنت بتصدقى إنى عدو المرأة ؟.. ده كلام فارغ .. أنا باحب المرأة الطبيعية.. وهى امرأة كأم، أو زوجة، أوعاشقة.. لكن المرأة اللى نسخة تانية من الرجل.. أعمل بيها إيه ؟.. أنا الذى أنكره أن تكون المرأة نسخة مكررة من الرجل.. يعنى بانكر أن تقول مساواة فى كل شئ، وتقول إنى راجل فى صورة أخرى.. أعمل بيها إيه ؟.. وحياتى مع المرأة هكذا.. فى كل دور من أدوارها!
– يعنى حضرتك بتؤمن بحب المرأة ؟
– أومن بالحب والإرادة .. وأنا فى الواقع ضعيف أمام العاطفة!
– الى أى درجة ؟
– الى درجة أنى كنت لا أستطيع أن أنام أو أصحو إلا على صورتها التى علقتها أمام سريرى.
وقام العقاد من مكانه، وقادنا الى مكان الصورة، وهو يقول: وعندما أردت أن أنساها لجأت الى الفن.. فأحضرت تورتة عليها صرصار والى جوارها كوب من العسل يتساقط فيه الذباب.. وضعت هذه اللوحة المنفرة بدلا من صورتها.. وها هى، وفى نفس المكان.. حتى تجعلنى أنفر من ذكراها!
واستغربت هند رستم من أغرب طريقة للنسيان.. وقالت لعقاد: لكن.. إنت قلت الإرادة.. وبالطريقة دى إنت بتهرب من الحب!
قال لها، بعد أن عدنا الى نفس المكان الذى بدأ فيه الحديث: أنا عايز الإرادة.. وإرادة واحدة للعاطفة ما تكفيش!
– يعنى الحب والعاطفة فى رأيك أقوى من الإرادة؟
– شوفى.. أمام العواطف أنا ألجأ دائما لحاجتين: للفن، وللعقيدة الدينية.. لإن الإرادة فى مثل هذه المواقف لا تكفى!
عايزة أزور بيت الله!
واستأذنت هند رستم الأستاذ العقاد فى إشعال سيجارة.. ثم قالت له: فيه حاجة مهمة جدا يافندم عايزة أسألك فيها؟ قال لها: أنا مستعد..
قالت له: فيه حاجة شاغلة بالى الأيام دى.. أنا عايزة أزور بيت الله.. فهل حرام أن الفنان يزور بيت الله، ويرجع يشتغل فى السينما؟
وأسرع يقول لها: أبدا.. لاحرام ولا حاجة!
قالت له: أنا لغاية دلوقتى ما سألتش حد من علماء الدين..
– لا .. لا.. الفن، فن التمثيل، غير محرّم مطلقا.. لكن الحرام هو الخلاعة!
– حتى لوكان فيها درس للناس؟
– يعنى قصدك تقولى كتشريح الجثة مثلا.. فدينيا لا يجوز عرض الجثة.. ولكن من ناحية الفائدة العلمية يصح.. على كل حال زورى بيت الله.. ولا تستمعى لكلام أى واحد يشكك فى هذه المسألة!
وهنا عادت هند رستم لتقول : فيه حاجة تانية برضه عايزة أسألها .. كل إنسان مؤمن بالله.. وانا مؤمنة بالله.. لكن الحاجة الوحيدة اللى باخاف منها هى الموت!
قال لها فى هدوء: شوفى أنا شخصيا لا أخاف الموت.. ولو شرّف فى أى وقت أقول له إتفضل. ويمكن الشئ الوحيد اللى باخاف منه هو المرض!
– يمكن لإنك ما اتجوزتش قبل كدة وما عندكش أولاد!
– مين قال لك إن ده السبب؟
– إنت قلت مرة إنك خايف من الجواز لأنك خايف تترك أولاد يتامى من بعدك.. وانا عندى بنت وخايفة عليها!
– مش ده السبب.. دى علة.. حتعللى بيها دايما رغبتك فى الحياة.. وانا أذكر إن جدتى عاشت الى أن تجاوزت المائة.. وكانت متعلقة فى هذه السن بالحياة.. وكانت دايما تعلل معيشتها بحفيدتها الجميلة بدور..
– أيوة لكن ياترى الخوف من الموت بينشأ من إيه ؟
– من فرط الحساسية، ولو بحثت فى نفسك حتلاقي حاجات تانية بتخافى منها زى خوفك من الموت بالضبط!
– فعلا أنا باخاف من العفاريت.. ياترى إنت بتصدق حكايات الناس عنهم؟
– أنا معلوماتى إن فيه أرواح .. وفيه جان .. لكن مسألة العفريت اللى بيطلع للناس – دى ولو إنى أتحدى العفاريت كلها – لا أستطيع أن انفيها أو أؤيدها، وانا لما كنت طفل وأسمع الناس بتتكلم عن مكان بتسكنه العفاريت.. كنت اروح مخصوص وأبات فى المكان ده.. عشان أثبت لهم إن كلامهم تخريف فى تخريف.
– ياه.. لوحدك ؟.. وما كنتش بتخاف؟
– كنت أخاف فعلا.. وكنت أفكر: هاعمل إيه لو طلع لى العفريت؟
– بس ده مش خوف.. ده تحدى!
– شوفى.. أنا عمرى ما خفت من حاجة إلا الفقر لو عرضنى للذل.. ولكن الحمد لله إن ربنا بيسترها دايما.. لدرجة أنى لا أقترض أبدا!
– طيب وغير حكاية العفريت.. بتؤمن بقراءة الكف؟
– أومن بحاجة واحدة فيه.. أومن بإن كفى ليس له شبه.. هذه حقيقة علمية.. إن مافيش كف إنسان يشبه لكف إنسان آخر.. إذن فأنا أومن بأن هناك إرتباطا بين الكف وشخصية الإنسان.
وكان أستاذنا قد بسط كفه ليثبت هذا الكلام.. فبسطت هند كفها هى الأخرى.. وبدأ يشرح لها، وهو ممسك بيدها صدق هذه النظرية. قالت له هند فى غمار الحديث: لكن يا فندم ده انت إيدك ساقعة قوى. وضحك وهو يقول لها: من الإنفلونزا!
مارلين هى الإغراء!
وقطع هذا الحديث وصول أكواب عصير الليمون، التى تناول العقاد أحدها من السفرجى وقدمها الى هند وهو يقول: فيه نصيحة منى لك يا أستاذة هند.. أنا عايزك ما تستغرقيش فى أدوارك.. فالفن فى إنك تعرضى ولا تتقمصى.. وأنا باحس إنك بتتقمصى الأدوار اللى بتقومى بيها.. وده فيه خطر كبير عليكى.
وتحمست هند رستم لهذه الحقيقة وقالت فى انفعال: ما اقدرش أمثل إلا بالطريقة دى.. لدرجة إنى بعد ما قمت بدور شفيقة فى نهاية حياتها.. حسيت بعد تمثيلى للدور بشلل كاذب فى أكتافى. كنت لا أستطيع تحريكها.
قال لها العقاد، وهو يهز رأسه: فعلا.. لدرجة إنك لما وقعتى.. وقعتى بجد.. وقعتى جد لدرجة إنى حسيت إنك بتعيشى على أعصابك أكثر من اللازم فى أدوارك. وسكت العقاد قليلا ثم عاد الى الكلام قائلا: لكن فيه حاجة بالنسبة لشفيقة أشك فيها.. أنا أشك إن شفيقة كانت بتتعاطى كوكايين؟
قالت له هند، وكأنها تتذكر: أظن اللى عودها على المسألة دى كان راجل طليانى..
قال لها: يجوز .. وربما السبب فى إدمانها هو الفجيعة العائلية الأبوية التى أصابتها.
واندفعت هند لتقول: بس شفيقة خلّفت صحيح؟
قال لها: ولد من أحد الأعيان.. وليس من زوجها الذى تركته!
وهنا قالت له: وشفيقة القبطية كانت مغرية؟
– شفيقة كانت تحوط تصرفاتها دائما بنوع من الأنفة والكبرياء.. ولم أسمع أنها كانت فى تصرفاتها مع الناس مبتذلة!
-يعنى ما كانتش مغرية؟
– لا، ليس قصدى.. وعلى كل حال أنا غير متعمق فى حياتها!
– طيب مارلين مونرو فى رأيك كانت مغرية ولاّ ومعبرة؟
– مارلين مونرو كانت هى الإغراء.. لأنها أنثى ناقصة تكوين.. وأمها مجنونة.. ولذا فكل الذى كانت تفعله عبارة عن تعويض لشعورها بنقص الأنوثة.. فمارلين عبارة عن امرأة عايزة وسائل تجلب بها الأنظار.. وعايزة تثبت أنوثتها بأى طريقة.. لدرجة أنها فى سبيل أن تكون أنثى رضيت برجل يهودى وغيرت دينها وتزوجته.. وأنا رأيت لها صور كثيرة.. وفى الواقع إنها مبالغة جدا فى حركاتها.. وحاسة إنها ما تقدرش تغرى إلا إذا وصلت لهذا الحد.. ولو كانت واثقة من أنوثتها لكان ربع هذا المجهود فى الإغراء يكفى!
– لكن يا أستاذ عقاد ربما ده مش ذنبها.. لكن فيه مخرجين بفرضوا عليها الحركات دى.. والمخرجين عندنا مثلا.. لو شافوا إن هند ناجحة فى الإغراء.. فلازم الممثلات الى ييجوا بعدها لازم يكون شعرهم أصفر زى هند، ويقلدوها فى كل الحركات.. الممثلة بتبقى فى اللحظة دى مسكينة، ومظلومة من حكم الناس عليها.
– على كل .. المخرجين اللى في بلدنا نوعين: نوع يعمل بالفطرة.. وده كويس.. أما النوع الثانى اللى فاكر إنه بيطلع نظريات ولازم يمشى عليها الممثلين فده نوع فاشل لإنه بيفتعل المواقف!
وهنا تدخلت لأقول لأستاذنا العقاد: وهل من الممكن أن نقول على الرجل أنه مُغر ؟!
وأسرعت هند لتنفى هذه الصفة عن الرجل وقالت: لا.. لا يمكن أبداً أن نقول على الرجل إنه مُغر..
قال لها العقاد: الرجل يغري بإظهار قوته.. وهذا ما كنا نلاحظه فى الأفلام الأمريكية زمان، فقد كانت تحضر شابا جميلا فيه مظهر الرجل ليمثل دور معبود الجماهير.. أمثال رودلف فالنتينو. واللى باعرفه إن رودلف ما كانش مغرى لكل النساء، وكذلك رودلف منجو.. الذى كان مغريا للنساء النواضج فقط.
وأسرعت هند لتقول له: يعنى القوة فى الرجل تغرى والعقل لا يغرى؟
قال لها: القوة هى الإغراء فى الرجل.. أما العقل فهو الحيلة.. ويجوز أن نرى أحدبا يحتال على امرأة جميلة بعقله، ويجعلها تقع فى غرامه!
المرأة والرجل والحيوانات
وغير هذا تناول الحديث بين العقاد وهند رستم أمورا كثيرة خرجت منها بأن العقاد ينظر نظرة معيبة لتعدد الزوجات إذا ما ناقش القضية من ناحية العقل. أما دينيا فهو يعتبر تعدد الزوجات رخصة لمصلحة المرأة إذا طبق كما يجب، لأن الزوجة أحيانا تكون عقيما، وحرام أن يطلقها الزوج. إذن فلابد أن يتزوج عليها واحدة أخرى.
وقال العقاد إن عائلته كلها ليس فيها رجل واحد جمع بين زوجتين!
وقالت له هند رستم: طيب فيه سؤال حساس شوية..
قال لها: ما هو؟
قالت له: لو فرض إن استاذنا العقاد دخل جنينة.. ولقى فيها زهور وبعض الحيوانات.. ياترى تشبه المرأة بإيه من الحيوانات.. والراجل برضه هتشبهه بإيه؟
واعتدل العقاد ليقول لها: شوفى بقى.. لو أنا مصور باعمل موديل لن أشبه الرجل بالأسد والمرأة بالغزال.. أو أقول إن الرجل نسر وان المرأة بلبل.. لكن التشبيهات دى فى رأيى غير صحيحة!
– إزاى؟
– الرجل فى رأيى هو الشمبانزى، والمرأة هى الأرنب!
– ياه.. مش معقول!
– الأسد حيوان وبس.. لكن الشمبانزى حيوان حساس.. الأسد قوى وبس.. لكن التانى وليف وممكن يفهمك.. ولو فيه فى حديقة الحيوان عندنا أورنجتان.. يمكن الرجل الطبيعى فى خيالى هو الأورنجتان!
– وله المرأة أرنب؟
– لأن الأرنب مثل المرأة فى النعومة والتجسس والتحسس والولع بالسراديب.
– لكن كتاب كتير بيشبهوا المرأة بالأفعى؟
– الرجل ممكن يكون أفعى وأكتر منها.. فالمرأة فى رأي ليست أفعى!
– لكن إنت بتدافع عنها قوى رغم إنك قلت إن المرأة لو حكمت العالم، فإما أن أعلن العصيان أو أنتحر.
– أبدا .. أنا ما قلتش كدة.. لأنى متأكد إن المرأة إذا حكمت العالم.. فإحنا معشر الرجال اللى حنحكم العالم!
والى هنا انتهى حديث هند رستم مع العقاد.. وخرجت لتقول رأيها فى هذه المقابلة فى جملة واحدة: سأرسل باقة أزهار الى العقاد وعليها نفس الكلمات.. نفس المعانى التى شعرت بها: لن أنسى فى حياتى طعم هذه المقابلة!
كمال سعد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى