ازمة الصحافة الورقية تدق ابواب السعودية

أوقفت شركة “وطنية للتوزيع” السعودية، توزيع الصحف الورقية في بعض المناطق، اعتبارا من الاثنين. وقد فجر القرار جدلا واسعا بين من حمّل المسؤولية للقائمين على الصحف الذين لم يطوروا أنفسهم ومن عده قرارا طبيعيا بسبب الأزمة العالمية التي تضرب الصحف الورقية.
الرياض – وجهت شركة “وطنية للتوزيع” في السعودية خطابا إلى مسؤولي المؤسسات الصحافية، تخبرهم فيه بإيقاف توزيع الصحف الورقية في بعض مناطق المملكة ومحافظاتها، من بينها العاصمة الرياض وجدة وأبها والقصيم وعرعر والجوف وحفر الباطن بدءا من يوليو الجاري.
وأوضحت الشركة في خطابها “أن التوزيع سيُوقف في بعض المناطق، بسبب ارتفاع التكاليف وانخفاض الإيرادات، وعدم تحمُّل المؤسسات الصحفية لتكاليف تشغيل هذه الفروع”.
وكشف مدير عام الشركة عبدالعزيز السحلي، في بيان له الاثنين عن الأسباب الرئيسية لإيقاف توزيع الصحف الورقية في بعض مناطق المملكة “تلك الأسباب في انخفاض عدد القراء والمشتركين في نقاط البيع، بالإضافة إلى انخفاض اشتراكات القطاعات الحكومية والأفراد”، مؤكداً “استحالة استمرار عملية التوزيع في تلك المناطق”.
وقال السحلي “المصاريف في إحدى المدن 10 آلاف ريال للخط الواحد، ودخل هذا الخط 911 ريال خلال الشهر، مستحيل الاستمرار، نحتاج لإعادة هيكلة الخطوط والشركة بما يتناسب مع وضع الصحف حالياً”.
ولم تعقب المؤسسات الصحافية على وقف توزيعها، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشا واسعا بين الإعلاميين السعوديين.
وخلصت النقاشات تعقيبا على هذا القرار إلى أن نجاح الصحافة الإلكترونية، التي ظهرت في السعودية في نهاية التسعينات، في تلبية حاجة القراء إخباريا ومعرفيا، كان من العوامل التي قللت أهمية الصحف الورقية، التي لم تستطع التكيف مع متغيرات العصر، فلم تطور أدوات النشر ولا أساليب التحرير، على الرغم من الإمكانات الهائلة المتوافرة لديها.
ويخوض إعلاميو السعودية بمختلف تخصصاتهم، منذ عامين، في نقاش واسع يستهدف إيجاد حلول للصعوبات المادية التي تواجهها الصحف الورقية العريقة في السعودية مع عزم البعض منها التوقف عن الطباعة الورقية نهائيًا. وتتباين آراء الصحافيين حول الموقف من الصحافة الورقية بين متمسك بها ومؤمن بدورها وقدرتها على الاستمرار والتأثير وبين من يرى في وجودها لحد الآن أمرًا مستغربا واستنزافا لموارد مالية لم تستغل في بناء صحافة رقمية تنافس الصحف الإلكترونية التي تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة بعد أكثر من عشر سنوات على انطلاقتها الفعلية.
وتصمد إلى حد الآن أكثر من عشر صحف ورقية كبرى تصدر في السعودية.
وسبق أن تلقت الصحف السعودية ضربات موجعة، فبعد أن قررت وزارة المالية إيقاف نشر الإعلانات الحكومية فيها، في قرار تزامن مع إيقاف الخطوط الجوية السعودية توزيع الصحف السعودية على متن رحلاتها، قررت وزارة التجارة في وقت سابق وقف إعلان ميزانيات الشركات على صفحاتها، الأمر الذي حرمها دخلاً كبيرًا.
وتراجع الدخل الإعلاني، وهو العمود الفقري للمؤسسات الصحفية بنسبة 58 بالمئة من 2.763 مليار ريال إلى 1.170 مليار.
كما قررت الجهات الرسمية بشكل مفاجئ تخفيض سعر الاشتراك السنوي تدريجيا من 730 ريالا للنسخة الواحدة حتى وصل إلى 350 ريالا، بما نسبته 52 بالمئة، وكذلك تخفيض عدد النسخ تدريجيا من 229 ألف نسخة يوميا في 2013 لجميع الصحف إلى 86 ألفا في 2018 بما نسبته 62 بالمئة، وبالتالي انحدار دخل الاشتراكات الحكومية من 88 مليون ريال في 2013 إلى 23 مليونا في 2018، واشتراكات الخطوط السعودية من 38 مليون ريال إلى 2.5 مليون لذات الفترة. وتعد الاشتراكات الحكومية والنسخ المخصصة للخطوط السعودية ثالث أهم دخل للمؤسسات الصحفية بعد الإعلان التجاري ثم الحكومي.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي العام حول اتجاهات السعوديين نحو قراءة الصحف اليومية، بمشاركة 1016 شخصا من مختلف مناطق المملكة، عام 2017، تفوق الإلكترونية في الحصول على متابعة القراء بنسبة 53 بالمئة، في حين حصلت الصحف الورقية على نسبة 23 بالمئة.
وتوزعت بقية الآراء على قراءة الصحف الورقية والإلكترونية معا بنسبة 16 بالمئة، بينما جاءت نسبة من يقرأ النسخ الإلكترونية للصحف على شبكة الإنترنت فقط 8 بالمئة.
وأوضح الاستطلاع الذي أجراه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام، التابع لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أن 39 بالمئة من السعوديين ليس لديهم اهتمام بقراءة الصحف اليومية، في حين أفاد 23 بالمئة بأنهم يحرصون على قراءة الصحف اليومية بصفة دائمة.