حلا شيحة تفتح قلبها لتتحدث مطولا عن خططها وطموحاتها بعد عودتها للفن
عادت الفنانة المصرية حلا شيحة إلى الساحة الفنية مجددا، وشاركت في بطولة مسلسل “زلزال” خلال موسم رمضان المنقضي، بعد غياب استمر 13 عاما إثر قرارها المفاجئ بارتداء الحجاب واعتزال الفن، ما جعل عودتها مرة أخرى تأخذ أبعادا دينية واجتماعية عديدة.
وقالت الفنانة المصرية حلا شيحة، في حوارها مع صحيفة “العرب” اللندنية، إنها اختارت أن تعيش حياة هادئة بعيدة عن الأضواء السنوات الماضية، وساعدتها التقلبات المتتالية التي حدثت في حياتها الشخصية على اتخاذ قرار خلع النقاب ثم الحجاب والعودة إلى التمثيل، واتخذت تلك الخطوات بكامل إرادتها الشخصية لإدراكها صعوبة الاستمرار في الحياة من دون أن يكون هناك هدف تسعى لتحقيقه.
وأضافت الفنانة المصرية أن إقامتها لفترة قصيرة في كندا، بصحبة زوجها السابق، كان حاسما في قرارها أن تعيش حياة طبيعية وتحافظ على وسطية لا تدفعها لخسارة حياتها ومستقبلها، وتجعلها أكثر انفتاحا على العالم من حولها، وأقدمت على خلع النقاب قبل أن تعود إلى القاهرة.
وأوضحت “رغم إيماني بأهمية ارتداء الحجاب، لكن أدركت خلال فترة وجودي في الخارج بأنه ليس الأساس، وتيقنت أن البعد عن الحياة من أجل شيء بعينه مبدأ خاطئ، فمن الممكن أن أعيش حياة أحبها وفي ونفس الوقت لا أغضب الله، وهذا لا يعني عدم إمكانية التفكير في ارتدائه مجددا، وحاليا لا أفكر في الأمر مطلقا”.
فرحة وقلق
أشارت حلا شيحة لـ”العرب” إلى أن قرار عودتها للفن واجه موجة غضب عارمة من متابعيها، وفي المقابل دعم الجمهور الذي حزن وقت اعتزالها للفن قرارها بشدة، ما يبرهن على أن الفنان من المستحيل أن يرضي جميع الأطراف، قائلة “في النهاية المسألة ترجع إلى رغبتي وشعوري تجاه اتخاذ القرار المناسب”.
وقدمت شيحة آخر أعمالها الفنية في العام 2006، عبر مشاركتها في بطولة فيلم “كامل الأوصاف”، وهي مرتدية الحجاب، وكان آخر عمل درامي للتلفزيون في العام 1999 أمام الراحل نور الشريف في مسلسل “الرجل الآخر”، لتكون عودتها في رمضان المنتهي حديثا عبر مسلسل “زلزال” مع الفنان محمد رمضان، وهو الأول لها منذ 20 عاما، وهي التي لها ثمانية أعمال سينمائية أبرزها: “غاوي حب” و”السلم والثعبان” و”اللمبي”، و”أريد خلعا”، و”عريس من جهة أمنية”.
وأثار القرار الذي اتخذته شيحة في شهر أغسطس الماضي بخلع الحجاب والعودة إلى التمثيل جدلا واسعا، وأخذ طابعا سياسيا ودينيا، بعد أن دخل مجموعة من السلفيين على خط الأزمة ووجهوا انتقادات لاذعة للفنانة المصرية التي حرصت طوال فترة غيابها على التبرؤ من أعمالها السابقة، وتعهدت بنشر بعض النصائح الدينية.
ورد عدد من النقاد المصريين على انتقادات السلفيين بتشجيعها على خطوة عودتها، وأكد الكاتب خالد منتصر أن شيحة “أدركت أنّ الدين أكبر من كونه قطعة قماش على الرأس”.
وأوضحت حلا في حوارها مع “العرب”، أن عودتها إلى الوقوف أمام الكاميرا امتزجت بالفرحة والقلق في آن واحد، لأنها لم تكن تتوقع عودتها للعمل في المجال الفني مرة أخرى، كما أن الحالة التي أحدثتها عند رجوعها جعلتها أكثر خوفا من ردة فعل الجمهور، وهي متشوّقة للإحساس الذي كانت تشعر به عند غوصها في أعماق الشخصيات التي تجسدها.
وأضافت أنها بحاجة إلى بعض الوقت كي تستعيد لياقتها الفنية، وهو ما انعكس على طول فترة الإعداد لأداء شخصية صافية في مسلسل “زلزال”، وزيادة عدد جلسات التحضير التي عقدتها مع فريق الإخراج، واستعانت بعدد من مصححي اللهجات للتمكن من اللكنة الصعيدية، لكنها في الوقت ذاته لم تحصل على دورات تمثيلية واعتمدت على خبراتها السابقة.
ولفتت إلى أن طاقم العمل تفهم فكرة أنها تبدأ من الصفر، وترتب على ذلك إعادة العديد من المشاهد خلال التصوير، سواء كان ذلك بطلب منها لشعورها أنها ما زالت بحاجة إلى التركيز بدرجات أكبر أو من خلال مخرج العمل إبراهيم فخر الذي حاول استخراج جميع طاقاتها عبر هذا الدور المركب.
ولعل ذلك أحد أسباب التأخر في عدم الانتهاء من تصوير المسلسل حتى يوم 31 مايو الماضي، أي قبل نهاية عرض العمل بأقل من أسبوع، بالإضافة إلى أن العمل واجه العديد من الانتقادات والتي ارتبطت أغلبها بانخفاض مستوى أداء الممثلين، ما انعكس على جماهيرية مسلسل “زلزال”، مقارنة بما حققته أعمال الفنان محمد رمضان في السنوات الماضية.
وتدور أحداث “زلزال” حول رجل يشتري منزلا بأقساط محددة المدة، وحين يأتي موعد سداد القسط الأخير يطالب صاحب المنزل بتسجيل البيت باسمه والتنازل عن ملكيته،
إلاّ أن البائع يُماطل إلى أن يقع زلزال 1992 الشهير في مصر، الذي يلقى فيه المشتري حتفه وينهار المنزل إثر وقوع الزلزال وتبعاته، فيرفض حينها البائع تسليم قطعة الأرض التي كان المنزل يقع عليها لورثة الراحل، ما يخلق صداما بينه وبين ابن المتوفى، وعلى الرغم من وجود قصة حب تجمع الأخير بابنة البائع، أمل، فإن والد الفتاة يقف عائقا بينهما.
طاقة فنية متعددة
أكدت حلا شيحة في حوارها مع “العرب”، أن موافقتها على تجسيد الفتاة الصعيدية صافية لأول مرة منذ أن دخلت مجال التمثيل يرجع إلى شعورها بالشخصية، وهو مفتاح نجاح الفنان، إلى جانب أن شخصية صافية، وهي فتاة بسيطة تقطن منطقة العياط (جنوب القاهرة)، كانت مناسبة لعودتها للتمثيل إثر انقطاعها منذ فترة طويلة، وتطلبت ارتداء ملابس تتوافق مع الصورة التي أرادت الظهور بها.
وقالت حلا “كنت في حاجة إلى الخروج عن إطار الفتاة الجميلة التي كانت حاضرة في أغلبية الأعمال السينمائية التي شاركت فيها من قبل، وسعيت لأن تكون عودتي بعد غياب طويل مختلفة عن السابق، وأدركت أن وجودي لأول مرة في هذا الدور يسلط الأضواء على ما جعلني أكثر رغبة في إظهار مواهبي المختلفة”.
وكشفت الفنانة المصرية أن غالبية الملابس التي ارتدتها في العمل كانت مستهلكة، لتتلاءم مع طبيعة الفتاة الأمية التي تعمل على “عربة” فول بإحدى مناطق الجيزة الشعبية، وفضلت الابتعاد عن ارتداء العباءات السوداء التي لم تكن منتشرة بالكثافة الحالية خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ولذلك تمت الاستعانة بأدوات قديمة مثل أجهزة الكاسيت و”بوسترات” النجوم التي تملأ الغرف والطرقات.
وتعود شيحة إلى السينما مرة أخرى من خلال مشاركتها في بطولة فيلم وثائقي عن الشاعر “طرفة بن العبد”، وتبدأ تصويره في أبوظبي الأيام المقبلة، وتجسد فيه دور مذيعة تحضّر تقريرا عن الشاعر العربي الراحل الذي تقابله خلال الفيلم وتدور بينهما أحداث عدة.
وذكرت في حوارها مع “العرب”، أنها وافقت على خوض تجربة الأفلام التسجيلية بحثا عن الاختلاف الذي تسعى إليه، والتعرف على طرق تصوير مثل هذه الأعمال التي لا تعتمد على الحديث بقدر اعتمادها على التعبير، وتلقت عددا من العروض للمشاركة في بطولة أحد الأعمال السينمائية المصرية، غير أنها لم تحسم الأمر للعمل من عدمه حتى الآن.
وثمنت الفنانة المصرية عودتها من زاوية أنها أصبحت تكتنز طاقات تسعى لإخراجها من خلال تقديم كافة الأشكال الفنية، وهذا يأتي من إيمانها أن الفنان الحقيقي غير ملزم بنوع معين من الفنون، طالما لديه القدرة
والموهبة والأفكار التي تجعله يستطيع توصيل رسالته بأشكال مختلفة، وهو ما يدفعها إلى التمثيل والموسيقى والرسم.
وقالت إنها تقبل بأداء بعض الأغنيات المطروحة بالفعل من دون أن تكون خاصة بها، وتفكر جديا في رسم عدد من اللوحات الخاصة بها وتلوينها، وقد ينتهي بها الحال إلى إقامة معرض اقتداء بوالدها الفنان التشكيلي أحمد شيحة.