القطاع العقاري الأردني يراوح بين واقع الانكماش ومحاولات الانعاش

اتسعت مخاوف الأوساط الاقتصادية الأردنية بعد تفاقم حالة الركود بقطاع العقارات في ظل غياب أي ضوء في نهاية النفق نتيجة تراكم أزمات الاقتصاد، رغم محاولات الحكومة المستميتة لإنعاش سوق الإسكان من خلال إغداق الحوافز لتحريك النمو في هذا القطاع الحيوي.
فقد فاقمت بيانات جديدة حول نشاط قطاع العقارات الأردني حالة التشاؤم والإحباط في أوساط المطورين الباحثين عن طوق نجاة للخروج من أزماتهم المتراكمة.
وذكرت دائرة الأراضي والمساحة في تقريرها الشهري نشرته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية أن حجم التداول في السوق انخفض بنحو 24 بالمئة في نهاية مايو الماضي بمقارنة سنوية ليصل إلى 1.75 مليار دينار (2.47 مليار دولار).
كما تراجعت قيمة الإيرادات في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري لتبلغ 129.6 مليون دولار، مقابل 170.4 مليون دولار في الفترة ذاتها قبل عام.
وبلغت القيمة التقديرية لمبيعات العقارات للأجانب نحو 157.3 مليون دولار، مقارنة مع 159.6 مليون دولار للفترة نفسها في عام 2018.
واحتل العراقيون المركز الأول في امتلاكهم للعقارات بمجموع 285 عقارا، بينما جاء السعوديون في المركز الثاني بمجموع 223 عقارا، أما حملة الوثيقة الغزاوية فحلوا في المركز الثالث بمجموع 168 عقارا.
وكانت الحكومة الأردنية قد وافقت في يناير/ كانون الثاني الماضي ولأول مرة على آلیة تملك مواطني قطاع غزة للعقارات في البلاد مع تحديد مقدار التملك.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات العقارية، التي هربت من الأردن منذ عام 2016 اقتربت من سقف 1.4 مليار دينار (ملياري دولار).
وتؤكد كل تلك المعطيات أن متاعب القطاع تسير نحو الأسوأ وقد تنحدر إلى حالة من الكساد غير المسبوق، وهو ما يزيد من منسوب المخاوف من انفجار فقاعة عقارية محتملة.
ومنذ فترة، أطلقت الأوساط العقارية صفارات الإنذار من فقاعة وشيكة قد يتعرض لها القطاع بشكل قد يسبب تداعيات سلبية على الاقتصاد المحلي هو في غنى عنها، في ظل ما تعيشه البلاد من أزمات مالية متراكمة منذ سنوات.
ودخلت الحكومة الشهر الماضي معركة شاقة لتحريك هذا القطاع المتعثر بإقرار حوافز تشجيعية للشركات والمستثمرين، يرى كثير من المختصين أنها غير كافية.
ويشكك كثيرون في جدوى الإجراءات المتخذة رغم ترحيبهم بها. وأكدوا ضرورة اتخاذ خطوات أخرى أكثر جرأة واعتماد أدوات أكثر فاعلية لإنعاش قطاع الإسكان، الذي يعتبر أحد أبرز ركائز نمو الاقتصاد على أسس مستدامة.
وكانت الحكومة قد خفضت رسوم التسجيل بنسبة 20 بالمئة وأَعْفت من رسوم التسجيل في حالات الانتقال والتخارج بين الورثة، ودعت إلى شمول جميع مناطق البلاد بفرز الأراضي بمساحة 4 كيلومترات مربعة كحد أدنى.
وتكمن أهمية الاستمرار بتحفيز السوق العقارية في ارتباطها بعدة نشاطات حيوية لاسيما مواد البناء والصناعات الكهربائية والإنشائية والأثاث والمطابخ والتمديدات الصحية وغيرها.
واعتبر رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان السابق، زهير العمري، في وقت سابق قرارات الحكومة إيجابية، لكنها تتطلب جرأة أكبر لتنشيط القطاع بالشكل الصحيح ولتمكين المستثمرين من تجاوز التحديات.
وطيلة العقد الماضي، عانى الأردنيون من غليان أسعار الشقق السكنية والأراضي، والتي تضاعفت بشكل لا يتماشى مع مقدرتهم الشرائية، رغم أن البنك المركزي أكد مرارا أن القطاع حقق نموا بنحو 50 بالمئة في تلك الفترة.
ووفق البنك الدولي، تحتاج السوق العقارية المحلية سنويا إلى 65 ألف مسكن جديد، ولكن ما يتم إنتاجه لا يزيد على 30 ألف شقة.
ويرى البعض أن الظروف الإقليمية وخاصة في دول الخليج وانعكاساتها على المقيمين فيها، أثرت على الأفكار الاستثمارية للعديد من المغتربين في هذه الدول سواء لشراء الشقق أو الأراضي.
ونسبت وكالة الأناضول للمستثمر نبيل اشتي التميمي، قوله في وقت سابق إن الإحصائيات الرسمية خير دليل على تراجع حجم الإقبال على القطاع.
وأشار إلى أن المغتربين ساعدوا على تنشيط حركة بيع وشراء العقارات، غير أن ذلك لم يكن بالمستوى المطلوب من إنعاش القطاع.
وتظهر بيانات حديثة أن 18.5 بالمئة من الشقق فارغة وأن شركات التطوير العقاري، التي تتسابق لبناء شقق تتراوح مساحتها بين 120 و200 متر، لا يستطيع شراءها سوى 35 بالمئة من المواطنين.
ولا يستطيع معظم الأردنيين تحمل أعباء شراء شقق تزيد مساحتها على مئة متر، والتي يصل سعرها إلى 90 ألف دولار وقد يزيد في بعض المناطق.
وتشكل مشكلة السيولة أحد الأسباب الأساسية، التي تجعل القطاع يدخل في ركود، حيث أن المصارف المحلية مستمرة في الحجز على العشرات من الشقق السكنية المباعة للمواطنين لعدم قدرتهم على تسديد الأقساط المستحقة عليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى