الانتخابات الأوروبية تسفر عن خارطة جديدة يتصدرها اليمين الشعبوي المتطرف

بالرغم من أن المحافظين والاشتراكيين لا يزالون يشكلون أكبر كتلتين في البرلمان الأوروبي، إلا انتخابات 2019 أفرزت خارطة جديدة للمرة الأولى منذ أربعين عاما، ولعل فرنسا وإيطاليا تشكلان وجهة جديدة لليمين الشعبوي والمتطرف.

فقد تعرض شريكا الائتلاف الحاكم في ألمانيا، التحالف المسيحي الديمقراطي، الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي لخسائر فادحة في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت امس الأحد. وفي المقابل يمكن اعتبار حزب الخضر المعارض الفائز الأكبر في هذه الانتخابات.

التحالف المسيحي يتصدر رغم خسائره

بيد أن التحالف المسيحي مازال يحتل المرتبة الأولى، رغم خسارته، إذ حصل على أكثر من 28 في المائة من الأصوات، أي أنه فقد أكثر من 8% مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2014. ولعل الخاسر الأكبر هو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي تراجع للمركز الثالث خلف التحالف المسيحي وحزب الخضر. فقد حصل الاشتراكيون على 15,5 في المائة من الأصوات وفق نتائج أولية غير رسمية، في حين حصل الخضر على 20,6%، وهي أعلى نسبة يحصل عليها أنصار البيئة في ألمانيا.

وإذا كان اليمين الشعبوي والمتطرف قد حقق نتائج قوية في عدة دول أوروبية، فإن شعبويي ألمانيا حلوا في المرتبة الرابعة خلف المحافظين والاشتراكيين وأنصار البيئة. فقد حصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي على ما نسبته 10,8%، أي بزيادة أكثر من ثلاثة بالمائة عن الانتخابات السابقة لكنها أقل مما حصلوا عليه في الانتخابات التشريعية في ألمانيا.

لوبن تتفوق على حزب ماكرون

أما في فرنسا فقد اختلفت الصورة إذ تقدم اليمين المتطرف (الشعبوي) بزعامة مارين لوبن على حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، في نتيجة لها رمزية كبيرة.

وحسب نتائج أولية فإن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (بزعامة لوبن) نال 24% من الأصوات متقدما على حزب ماكرون الذي نال ما بين 22 و23%. وسارع حزب لوبن إلى المطالبة بـ “تشكيل مجموعة قوية” داخل البرلمان الأوروبي. المفاجأة الأخرى في فرنسا تمثلت بحصول الخضر على المركز الثالث بنسبة بلغت 12%.

وبعد فرنسا تركزت الأنظار على نتائج الانتخابات الأوروبية في إيطاليا، إذ حلّ حزب الرابطة اليميني المتطرف بقيادة ماتيو سالفيني، المعروف أيضا على غرار لوبن بمناهضته الشديدة للتجربة الوحدوية الأوروبية، في المرتبة الأولى بحصوله على حوالي 29%. فيما تعرض الحزب الديمقراطي (وسط يسار) لخسارة تاريخية إذ فقد أكثر من 20% من الأصوات.

وفي النمسا حقق حزب المستشار سباستيان كورتس (الشعب النمساوي) فوزا كبيرا بحصوله على 34,5 في المائة من الأصوات (بزيادة بمقدار 7,5 نقطة مئوية مقارنة بانتخابات 2014). فيما حل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المرتبة الثانية بحصوله على 23,5 في المائة.

أما حزب الحرية اليميني الشعبوي فقد حصل على 17,5%، وهي نسبة أقل من تلك التي كان قد حصل عليها في انتخابات 2014. وتأتي هذه التطورات بعد مضي أسبوع على انهيار الائتلاف الحاكم في النمسا بعد فضيحة الفيديو التي أطاحت بزعيم الحزب ونائب المستشار هاينتس-كريستيان شتراخه.

وفي المجر حقق الحزب السيادي برئاسة رئيس الحكومة فيكتور أوربان انتصارا ساحقا جامعا نحو 56% من الأصوات، ومتقدما بأكثر من 45 نقطة على المعارضة من يسار الوسط واليمين المتطرف، حسب استطلاعات الرأي أيضا.

المحافظون الكتلة الأكبر

ورغم خسارة الأحزاب التقليدية (المحافظة والاشتراكية) في هذه الانتخابات إلا أنها بقيت تشكل أكبر كتلتين في البرلمان الأوروبي. إذ يعتقد أن المحافظين سيحصلون على 173 مقعدا (بخسارة 43). وفي المرتبة الثانية كتلة الأحزاب الاشتراكية بـ 147 نائبا (بخسارة 37 مقعدا). بيد أن الكتلتين خسرتا الأغلبية، وذلك للمرة الأولى منذ أربعين عاما.

ارتفاع نسبة المشاركة

وحتى لو أن نسب المشاركة تبقى ضعيفة مقارنة بالانتخابات الوطنية، فإنها سجلت ارتفاعا في أكثر من نصف بلدان الاتحاد الأوروبي. فقد ارتفعت نسبة الاقتراع في كل من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا على سبيل المثال. وفي البلد الأخير من المتوقع أن تبلغ نسبة المشاركة ما بين 52 و54% أي اكثر بما بين 8 و10 نقاط عن انتخابات العام 2014.

ودعي 427 مليون ناخب أوروبي إلى التصويت لانتخاب 751 نائبا في البرلمان الأوروبي لولاية مدتها خمس سنوات، يلعبون خلالها دورا حاسما في صوغ القوانين الأوروبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى