سر تاريخي.. إسرائيل تهمّ بتحويل جهاز بلوتونيوم إلى قنبلة نووية خلال حرب 1967

تحدث المسؤول الذري الإسرائيلي السابق ايلي غيزلير عن حراسة النواة، التي قال انها كانت مخبأة داخل محطة شرطة بريطانية سابقة في مركز اسرائيل، فقبل حرب عام 1967، كانت اسرائيل قد خبأت نواة بلوتونيوم في محطة شرطة بريطانية سابقة في بلدة غاديرا، وخططت تحويلها الى قنبلة نووية في حال الضرورة، بحسب شهادة مسؤول اسرائيلي سابق حرس الموقع صدرت يوم الأربعاء الماضي.
وصدر المقال ضمن سلسلة جديدة حول الجانب النووي لحرب عام 1967 في مجلة منع الإنتشار النووي، التي يديرها معهد ميدلبري للدراسات الدولية، الذي يقول انه يركز على “اسباب وعواقب انتشار اسلحة الدمار الشامل”.
وجمع افنير كوهن، أحد الباحثين البارزين في تاريخ اسرائيل النووي، شهادة ايلي غيزلير، المسؤول الذري السابق. وكوهن هو شخصية جدلية في اسرائيل، نظرا لتطرق العديد من كتاباته لأسلحة اسرائيل النووي المفترضة، ما يخالف موقف الحكومة الإسرائيلية بعدم التأكيد على أو نفي حوزتها على قدرات نووية.
وفي سلسلة المقالات، يبحث كوهن اعتقاده بأن اسرائيل سعت لصناعة، وربما تفجير، قنبلة نووية خلال الحرب في حال الضرورة، من أجل اظهار القوة ضد الجيوش العربية المعادية. وهذا الموقف ليس شائعا بين باحثي الحرب.
واعتقاد كوهن مبني بالأساس على مقابلات أجراها عام 1999 وعام 2000 مع العقيد (احتياط) يتسحاك يعكوف، الذي أشرف على برنامج الاسلحة وادعى انه المسؤول عن الخطة. ولم يتم نشر المقابلات حتى عام 2017، اربع سنوات بعد وفاة يعكوف، في الذكرى الخمسين للحرب.
وكانت المخططات النووية “آخر سر في حرب 1967″، قال كوهن لصحيفة “نيويورك تايمز” عام 2017، عندما نشر سجل المقابلات مع يعكوف.
وبحسب كوهن، هذا الموقف مدعوم على يد الشهادة الجديدة، حيث يذكر غيزلير دوره في الدفاع على ما وصفه بإحدى نوى البلوتونيوم القليلة التي كانت بحوزة اسرائيل حينها.
وكتب كوهن “خلال فحوصاتي، فكرت بأن اول نواة ذكرية اسرائيلية يهودية كانت خاضعة لسيطرتي”.
وفي شهادته، التي وردت أجزاء منها في كتاب صدر تحت اسم مستعار عام 2017 – يصف غيزلير حرب أهلية مصغرة كادت تندلع في الموقع، مع مطالبة العقيد يعكوف دخول الموقع المدني مبدئيا.
وبسبب البلبلة المفترضة، لم يتم منحه موافقة لدخول الموقع، ما ادى الى مواجهة – بين يعكوف، المدعوم من قبل جنود عسكريين، وغيزلير، المدعوم من قبل عناصر حرس حدود.
وذكر غيزلير انه قال ليعكوف، “إن حاول استخدام القوة، سوف نسفك دم اسرائيلي بدون سبب”. ومن أجل تجنب العنف، نادى غيزلير أحد المسؤولين عنه، ما عادة يكون بمثابة مخالفة للبروتوكول، وقيل له انه “يعلم عن العقيد يعكوف وزيارته، ولكن لسبب ما – نسي شخص ما أو سبب آخر – لم يتم ابلاغي”.
وبحسب كوهن، تطابق رواية غيزلير ادعاء اصدره يعكوف خلال المقابلة عام 1999، انه “كانت هناك مشكلة” في دخول الموقع.
ويعتقد غيزلير على ما يبدو ان محاولة يعكوف دخول الموقع كانت بمثابة “محاولة غير شرعية من قبل الجيش لحيازة اسلحة البلاد النووية”، بحسب كوهن.
“كنت هناك بالصدفة وشهدت أحداثا، ادركت عواقب بعضها التاريخية الكبيرة، ولم ادرك عواقب أخرى. لهذا انتظرت عدة عقود قبل ان اكتب هذه الذكريات”، قال غيزلير لكوهن، الذي جمع ذكريات الحادث في مقال شامل بناء على عدة مقابلات ومحادثات.
ولكن يعارض كوهن هذه النظرة، ويقول أن أفعال يعكوف لم تكن محاولة لتنفيذ انقلاب عسكري، بل نتجت فقط عن بلبلة حقيقية ومبنى تنظيمي غير واضح.
وبين عامي 1963-1973، عمل غيزلير في برنامج اسرائيل النووي ضمن هيئة العلوم السرية، منظمة مدنية مسؤولة عن تطوير اسلحة البلاد، بحسب الشهادة.
ولكن أسابيع قبل الحرب، أرسل غيزلير مع مجموعة عناصر حرس حدود الى محطة الشرطة البريطانية بالقرب من غاديرا، وكلف بحراسة “رزمة”، صندوق خشبي يحوي “نصف كرة معدنية” مشعة.
“مهمتي الرئيسية كانت الاعتناء بالـ’رزمة’ بواسطة استخدام جهاز قياس غايغر وأجهزة أخرى لضمان سلامة وأمن الجهاز – النواة – وتأكيد عدم وجود تسريب مشع”، كتب غيزلير.
ونظرا لإصدار الجهاز اشعة غاما وألفا، كان غيزلير واثقا بأن هذا كان “الشيء الحقيقي”، أي نواة بلوتونيوم.
ويعتقد غيزلير انه كان بحوزة اسرائيل حينها مواد مشعة تكفي لصناعة نواة واحدة أو اثنتين، بالرغم من ادعاء البعض انه تم انتاج نواتين أو ثلاثة نوى.
وقال : “كنت أقف في هذه الغرفة الصغيرة وانظر الى الجهاز بإرتياب، بعد أن رأي صورا وافلاما تظهر الدمار في هيروشيما وناغازاكي”.
“علمت تماما أن استخدام الجهاز سيكون ’الحل الأخير’ للقيادة السياسية في البلاد، التي كانت سياستهم، وتبقى الى يومنا، ان لا تكون أول من يدخل الاسلحة النووية للشرق الاوسط، بدون التأكيد على أو نفي قدرات اسرائيل النووية”، اضاف غيزلير.
وطور غيزلير خطط طوارئ مع قائد حرس الحدود لطريقة نقل النواة الى “نقطة تركيب، حيث يمكن جمعه بسائر الجهاز”.
وبحسب كوهن، في مقابلته عامي 1999 و2000، تحدث يعكوف عن خطة لتفجير جهاز كهذا، الذي كان يلقب بـ”شمشوم”، على اسم الشخصية التوراتية.
وقال يعكوف أن هذه الخطة كانت نابعة من خوف شديد.
“كان طبيعيا جدا”، قال يعكوف لكوهن. “لديك عدو، ويقول انه يريد ان يرميك في البحر. انت تصدقه”.
“كيف يمكنك وقفه؟” سأل. “تخيفه. إن لديك شيء يمكن ان يخيفه، انت تخيفه”.
وبحسب الخطة، قال يعكوف، اسرائيل سوف “تخيف” مصر عبر تفجير قنبلة نووية على رأس جبل يبعد حوالي 20 كلم عن مجمع عسكري مصري في ابو عقيلة.
“وكانت الخطة، في حال تفعيلها بأوامر من رئيس الوزراء ورئيس هيئة اركان الجيش، ارسال قوة مظليين صغيرة لتحويل انتباه الجيش المصري في منطقة صحراوية كي يتمكن طاقم بالتجهيز للانفجار النووي”، ورد في التقرير.
“وكان من المفترض ان تهبط مروحيتيان كبيرتان، لتوصيل الجهاز النووي وبعدها اقامة موقع قيادة في غور او وادي. في حال صدور الاوامر للتفجير، كان سيتمكن رؤية الوميض الشديد وسحابة الفطر في انحاء سيناء وصحراء النقب، ربما حتى في القاهرة”.