اردوغان والغنوشي يبحثان في اسطنبول مأزق المشروع الإخواني

اللقاء الذي جمع رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي يأتي في وقت يمر فيه الإخوان المسلمون بمأزق صعب، يبعث برسائل سياسية متعددة، لاسيما على الصعيد الداخلي في تونس التي تستعد لإجراء انتخابات بعد أشهر قليلة.

وتنظر الأوساط السياسية بكثير من التوجس إلى اجتماع رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في هذا التوقيت الذي تزدحم فيه الاحتمالات المفتوحة على كل القراءات في سياق تداعيات التطورات السياسية العاصفة، محليا وإقليميا ودوليا التي تُحيط بالمشروع الإخواني.

ويبعث توقيت هذا الاجتماع برسائل في اتجاهات مُتعددة، لاسيما وأنه يأتي على وقع الاضطراب السياسي المُتواصل في الداخل التونسي، واقتراب ساعة الحسم العسكري لإنهاء سطوة الميليشيات وعبث تنظيمات الإسلام السياسي في العاصمة الليبية طرابلس، وبروز عزم أميركي على تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية.

وقالت حركة النهضة الإسلامية، في بيان مُقتضب نشرته في صفحتها الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك إن “الغنوشي التقى خلال تواجده في مدينة إسطنبول، بالرئيس التركي وبحث معه علاقات الأخوة والصداقة بين تونس وتركيا وسبل تعزيزها”.

ولم تُقدم المزيد من التفاصيل حول هذا اللقاء، واكتفت في المقابل بالإشارة إلى أن زيارة الغنوشي لمدينة إسطنبول، اندرجت في إطار “المشاركة في مراسم تدشين جامع تشامليجا، الذي يُعتبر أكبر جامع في تركيا”.

وساهم هذا البيان بمفردات لغته الخشبية، في توسيع دائرة الهواجس التي تنتاب الفاعلين السياسيين في تونس، الذين لا يخفون خشيتهم من انعكاسات مُخرجاته على الواقع التونسي الذي دخل في مرحلة حرجة ارتفعت فيها محاولات التطويع والتوظيف السياسي لمختلف الأحداث لتكون على المقاس، في علاقة بالاستحقاقات الانتخابية المُرتقبة.

وتأخذ تلك الخشية أبعادا إضافية بالنظر إلى المأزق الذي دخلته حركة النهضة الإسلامية على ضوء المُتغيرات في المشهد السياسي الذي بدأ يتشكل بموازين قوى جديدة بملامح واتجاهات مغايرة عن السابق، أفقدتها إلى حين الغطاء السياسي المدني الذي وفره لها “التوافق المغشوش” خلال السنوات الماضية، كما قلّص من شعبيتها لدى الشارع التونسي الذي بات يُجاهر برفض مشروعها.

وتعكس بيانات سبر الآراء الأخيرة، هذا التراجع في شعبية حركة النهضة الإسلامية، مقابل تقدم ملحوظ للحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي، وحزب تحيا تونس المحسوب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وذلك قبل نحو خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية القادمة، الأمر الذي أربك حساباتها، وأدخلها في حالة من القلق المُتزايد.

بل إن هذا القلق الذي اقترب كثيرا من الخوف، بدأ يتعمق على وقع بوادر حراك شعبي تخطى الرفض السياسي لحركة النهضة، ليصل إلى تحركات ميدانية شهدتها العديد من محافظات البلاد، أعرب خلالها المتظاهرون والمحتجون، عن رفضهم وتذمرهم وامتعاضهم الواضح من سياسات وممارسات هذه الحركة، التي أوصلت البلاد إلى الوضع الخطير الذي تمر به حاليا.

ويُؤشر هذا القلق إلى حجم المأزق الذي دخلته حركة النهضة الإسلامية، الذي لم يعد يقتصر على خياراتها الخاطئة ومناوراتها التي شوهت المشهد السياسي في البلاد، بل يتجاوز ذلك إلى الحديث عن مستقبل تحالفاتها، على خلفية معركة تحرير طرابلس، التي ستكون لها تداعيات مباشرة على هذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

وتُدرك حركة النهضة أن قواعد اللعبة الإقليمية لم تعد في صالح المُخطط الإخواني الذي انخرطت فيه، وهو إدراك فرضته التطورات المفتوحة على كل الاحتمالات التي ستكون لها حساباتها ومعادلاتها بأبعاد تتخطى الإقليمي، إلى ما هو دولي في علاقة بعزم واشنطن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، وما يترتب عن ذلك من فرض قواعد تعامل جديدة تأخذ في الاعتبار ترابط العلاقة بين الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى