المكان المفتت والزمن المأزوم
بقلم : إسماعيل أبو البندورة

لاغرو أننا نحيا في وطن عربي مفتت وزمن عربي مأزوم وهو التشخيص التشاؤمي الذي نسعى إلى مبارحته والخلاص من حقائقه واكراهاته وتداعياته ومفرداته، والإنطلاق نحو آفاق جديدة تستمد صدقيتها ومشروعيتها من يقينات تاريخية، وانشداد إلى الإرادة الشعبية التي هي من مقومات الوجود الانسانيوالباعث الأساس على الحفز والإلهام والاستنهاض والتغيير .
لكن طريق البحث، كما نحسب، صعب ومعقد والتباسي ونحن نعاين كل ألوان الردّة والتشققات وتفككات الحواضر العربية الواحدة تلو الأخرى، وشيوع عصبيات ما قبل الدولة والاحياءات الطائفية والمذهبية والتصهين، واختلاط الأمور حد العدم .
هكذا نرى المشهد ونتأمله بمرارة وكرب، وهكذا نجدنا في مخاضات متلاطمة بين التفاؤل والتشاؤم، بين الاحجام والاقدام، بين الغفوة والصحوة، بين المشاركة والاقلاع وتلك من صفات الفكر المحبط والمأزوم الذي يتعذر عليه الوصول إلى يقينات ومساحات جديدة من التفكير الاختراقي والتغييري ويبقى في مداراته السلبية وإشكالياته المسدودة والعصية على التغير .
ونسأل في خضم هذه التساؤلات والانجراحات، لماذا تتفتت الجغرافيا العربية وتتبدد الهوية، وتتمدد الصحراء والتصحر إلى عمق أرواحنا ونفتقد الأمل ؟ ولماذا يصبح المكان العربي مكاناً مجرداً وأجرداّ ومستباحاّ وأرضاَ خراب ؟ ولماذا يصبح الزمن العربي زمناَ سائلا وشاردا يمضي في مسارات مضادة للعقل وحقائق التاريخ ؟ ويضعنا السؤال المدبب بطرفيه (الزمن المهدور والمكان المفتت) هذا بلا ريب أمام جدول أعمال تفكيري قومي الأبعاد والمقاصد، واسع البنود والدلالات ويحفزنا على الخروج من الأزمة .
ونرانا في المرحلة العربية الراهنة نعجز عن مقاربته مقاربة عاقلة واستنهاضية، ونرى الكثير من المعيقات والاختلاطات التي تنهض وتحول بيننا وبين النفاذ إلىتفكيكه واشتقاق مساحات من المصارحة والمكاشفة وإعادة البناء ، أو نرانا نغض الطرف عن تداعياته وآثاره المستقبلية، ونغط في سبات غير مبرر، وفي لحظة تاريخية تتطلب اليقظة الوجوبية التي هي فرض عين على كل عربي .