بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية.. حُلم السلام يتحول الى سراب
رام الله - الأناضول
أجمع خبراء سياسيون فلسطينيون، أن فوز اليمين في انتخابات الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، من شأنه وأْد ما تبقى من عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، القائمة على خيار “حل الدولتين”.
ورأى الخبراء في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، أن المجتمع الإسرائيلي انحاز لليمين المتطرف، ولبقاء الاحتلال.
وطبقا للنتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية، التي جرت الثلاثاء، تساوى عدد مقاعد حزب “الليكود”، بقيادة زعيم حزب الليكود، ورئيس الحكومة المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، بمقاعد منافسه قائمة “أزرق أبيض”، بقيادة رئيس الأركان السابق بيني غانتس.
إلا أن معسكر اليمين المتطرف، نجح في توسيع قاعدته إلى 65 مقعدًا من أصل 120، هي مجموع مقاعد البرلمان.
واعتبر صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الناخب الإسرائيلي صوّت في الانتخابات، لعدم إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، وضد خيار “حل الدولتين”.
وقال عريقات، على حسابه في موقع “تويتر” تعقبيا على نتائج الانتخابات: “صوّت الناخب الإسرائيلي للتفرقة العنصرية، 18 عضوا فقط من أصل 120 يؤيدون حل الدولتين”.
وعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، متوقفة منذ أبريل / نيسان 2014؛ بسبب رفض إسرائيل وقف الاستيطان وعدم قبولها بحدود ما قبل حرب يونيو / حزيران 1967 أساسا لخيار “حل الدولتين”.
وباستثناء حزبي “العمل”، و”ميرتس”، ترفض الأحزاب الإسرائيلية، إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة.
وتدعو أحزاب اليمين الإسرائيلي، إلى ضم المستوطنات بالضفة الغربية، إلى إسرائيل، وإلى استمرار احتلال مدينة القدس، بشقيها الشرقي والغربي.
وبحسب معطيات حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، يصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، إلى أكثر من ٦٣٠ ألف مستوطن، يعيشون في ١٣٢ مستوطنة، و١٠٦ بؤر استيطانية عشوائية.
وفي فبراير / شباط الماضي، وقّع عشرات الوزراء والنواب الاسرائيليين، عريضة تتعهد بتوطين مليونيْ مستوطن، في الضفة الغربية.
وقالت صحيفة “إسرائيل اليوم” في حينه، إن العريضة وقّعها عشرات من الوزراء والنواب من حزب “الليكود”، وأحزاب يمينية أخرى.
وجاء في العريضة:” أتعهد بأن أكون مخلصًا لأرض إسرائيل، وعدم التنازل عن أي شبر من ميراث الآباء، والتزم بالعمل على تحقيق خطة استيطان لتوطين مليوني يهودي في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”.
تعزيز للسلوك العدواني
ويرى عبد المجيد سويلم، الكاتب والمحلل الفلسطيني، أن فوز اليمين من شأنه “تعزيز السلوك العدواني لحكومة نتنياهو السابقة والقادمة المتوقع تشكيلها، والتي تهدف إلى “قضم معظم أراضي الضفة الغربية وعزل المناطق السكانية الفلسطينية، وإدارتها من خلال حكم ذاتي، ومحاولة قيام كيان أو دويلة في قطاع غزة منفصل عن الجسم الوطني”.
وأضاف: “النتائج تشير إلى أنه لا مجال للحديث لا عن مدينة القدس، ولا حق العودة، وحقوق اللاجئين”.
وتابع: “اتفاق أوسلو (الموقع بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993) وكل شيء في مهب الريح، حل الدولتين والعلاقة الفلسطينية الإسرائيلية، والاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، كل شيء بات في مهب الريح جراء سياسة اليمين الإسرائيلي”.
وأشار إلى أن الحكومة القادمة ستعمل على “فرض التسوية التي تريدها، وفق مصالحها، وبدعم من الولايات المتحدة، الشريكة لنتنياهو”.
وقال الكاتب الفلسطيني، إن على القيادة الفلسطينية مواجهة هذا التحديات القديمة الجديدة من خلال “إنهاء الانقسام الفلسطيني والتمسك بالثوابت”.
فرض مخططات على الفلسطينيين
بدوره، قال طلال عوكل، المحلل السياسي، إن النتائج تشير إلى اكتساح اليمين الإسرائيلي، وتعكس انحياز المواطن في إسرائيل لليمين المتطرف.
وأضاف:” اليمين الإسرائيلي سيواصل السير على نفس السياسة السابقة، المتمثلة ما بعد اتفاق أوسلو، وتطبيق (خطة السلام الأمريكية المرتقبة ) صفقة القرن”.
و”صفقة القرن” هو اسم إعلامي لخطة سلام تعمل عليها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تنازلات مجحفة لمصلحة إسرائيل، بما فيها وضع القدس واللاجئين.
وأعلنت الرئاسة الفلسطينية مرارا رفضها التام للخطة الأمريكية المرتقبة، ودعت لمواجهتها.
وقال عوكل: “المرحلة المقبلة عنوانها: لا عملية سلام، تطبيق صفقة القرن، وفرض مخططات على الفلسطينيين والعرب ودول الإقليم”.
ويرى “عوكل” أن تنفيذ صفقة القرن، سيسير “بدون عقبات كبيرة”.
فرض تسوية أقل من “أوسلو”
من جانبه، قال أحمد رفيق عوض، الكاتب والمحلل السياسي، إن نتنياهو بعد تشكيله للحكومة، “لن يكون مُقيدا بشيء، وسيبدأ بتنفيذ مخططاته بشأن ضم الضفة الغربية لإسرائيل، وتدمير عملية السلام”.
وذكر عوض أن “عملية السلام باتت أكثر بُعدا”.
وأضاف: “أعتقد أننا دخلنا مرحلة جديدة في العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ليس من ملاحها اتفاق أوسلو، أو ما تبقى منها”.
وأكمل: “بدأت مرحلة فرض تسوية أقل من أوسلو بكثير، من معالمها: استمرار البناء الاستيطاني وضم المستوطنات، وتطبيق صفقة القرن التي لن يحصل الفلسطينيين فيها على شيء، هي مرحلة فرض التسوية بالطريقة الإسرائيلية الأمريكية”.
وأشار عوض إلى ضرورة “العمل فلسطينيا بكل السبل الدبلوماسية والسياسية والميدانية لإعادة العلاقة مع إسرائيل إلى مربعها الأول، والمتمثل بعلاقة المُحتل، بأصحاب الأرض المُحتلة”.