مظاهر العبث الرخاص

بقلم : فازع دراوشة/ فلسطين

المشهد ذاته منذ قرن أو أقل قليلا في قصيدته, “مناهج”, صاح إبراهيم طوقان منذ قرن أو أقل قليلا:

أمامك أبها العربي يوم      تشيب لهوله سود النواصي

ويستمر فيها إلى أن يقول:

وأنت كما عهدتك لا تبالي      بغير مظاهر العبث الرخاصِ

والمستغرب لديّ مدى صدق هذا القول الذي فاه به أبو جعفر ذات يوم من أيام القرن الفارط. تشاهد قنوات فضائبة عربية شتى (حكومية وغير حكومية)، فتجدها تطرح طروحا غاية في الابتذال والسطحية والإسفاف والكذب والتلفيق والنفاق، فتتذكر قول طوقان.

تقرأ تعليقات فيسبوكية وتويترية وغيرها من وسائط التواصل فتجد معظمها يتناول أمورا ليست من هموم الامة في شيء، فتتذكر قول طوقان.

تستمع لمتحدثين في محالس شتى جدية أو هزلية، فتجد رخيص القول غالبا مهيمنا ومغلفا بأكاذيب وتلفيقات وتدليسات واستقواء بهذه القبيلة أو تلك، فتتذكر قول طوقان.

وبالمقابل, تستمع لأحاديث العدو, فتجد فيهم الاستعداد وديمومة الاستعداد والتخطيط قصير المدى وبعيده. وعلى سبيل المثال لا الحصر, ما قاله نتنياهو قبل أيام أنه يبشر قومه أنه لن يرحل مستوطنٌ واحد من “يهودا والسامرة”، (وهي التسمية الإسرائيلية لما يسمى الضفة الغربية), وأنه لن يفكك مستوطنة واحدة. وأشار ردا على سؤال أن انتظروا ولايته الثانية والتي ستشهد اعتراف ترمب (وأمريكا بالطبع ) بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية!

والتساؤل: إذا لم تكن مثل هذه الإعلانات والتصريحات كافية لإعلان حال “الطوارئ” في الأمة ثم العمل بمقتضى ذلك من حشد الطاقات البشرية والمادية وإصلاح كل خلل ومفسدة مهما صغرت, فما الذي سيكفي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى