هزيمة حزب اردوغان في الانتخابات البلدية ترسم خط النهاية لزعامة هذا السلطان المسكون بهاجس الخلافة العثمانية

أنقرة- وكالات

تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صفعة قوية جراء خسارة حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في أكبر مدينتين تركيتين، هما اسطنبول وأنقرة ومدن كبرى أخرى، وفق النتائج الأولية للانتخابات، ما يعكس توجه الناخين الأتراك لمعاقبة أردوغان وحزبه جراء سياساته الفاشلة داخليا وخارجيا.

رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا سعدي غوفن أعلن اليوم أن عمليات فرز الأصوات تشير إلى تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو في مدينة اسطنبول بعد أن حصل على 4159650 صوتا على مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم الذي حصل على 4131761 صوتا.

وفي العاصمة أنقرة التي بقيت تحت سيطرة حزب العدالة والتنمية على مدى 25 عاما هزم مرشح المعارضة منصور يافاس مرشح حزب العدالة والتنمية محمد أوز هسكي بحصوله على 9ر50 بالمئة من الأصوات مقابل 47 بالمئة لمرشح حزب أردوغان بعد فرز 99 بالمئة من صناديق الاقتراع.

وإضافة إلى اسطنبول وأنقرة تلقى تحالف أردوغان المكون من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هزيمة مدوية في بعض المدن الكبرى مثل أنطاليا وأضنة جنوب البلاد وهو ما دفع اردوغان إلى الإقرار بالهزيمة في تلك المدن قائلا: “يتحتم علينا معالجة مكامن الضعف” مضيفا فى محاولة منه لرفع معنويات أنصاره “حتى إذا خسرنا رئاسة اسطنبول وأنقرة إلا أننا فزنا في أقضية هذه المدن” بينما يبدو ذرا للرماد في عيون مؤيدي حزبه وهو الذي وصف هذه الانتخابات سابقا بأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة له.

بدوره كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهورى أكبر أحزاب المعارضة أعلن فوز مرشحي حزبه فى الانتخابات المحلية فى العاصمة أنقرة ومدينتي اسطنبول وأزمير ومدن أخرى متقدمين على منافسيهم من حزب أردوغان.

هزيمة مدوية لأردوغان وحزبه في هذه الانتخابات إذ أن مجموع سكان المدن التي خسر فيها حزب أردوغان الانتخابات أمام الأحزاب المعارضة يعادل أكثر من خمسين بالمئة من سكان تركيا كما أن الأهم من ذلك أن 90 بالمئة من تجارة وصناعة وسياحة تركيا هي في هذه المدن التي لها خصائص ومزايا أخرى مهمة سياسيا واقتصاديا وتجاريا واجتماعيا وثقافيا.

نتائج الانتخابات الحالية تشير بشكل لا لبس فيه إلى تدني شعبية حزب العدالة والتنمية بين الأتراك بينما أكد الكثير من الناخبين أن هزيمة حزب أردوغان تعود إلى حالة التردي الاقتصادي جراء سياساته التي أوصلت البلاد إلى حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي وخصوصا مع تراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع نسبة البطالة في البلاد وتدني القدرة الشرائية للأتراك مضافا إليها استمرار حملات الاعتقال التي يمارسها أردوغان ضد المعارضة والنشطاء وقيادات الجيش التركي ومحاولاته المستمرة لتطويع كل مؤسسات الدولة لمصلحته مضافا إليها دعمه اللامحدود للإرهاب في سورية والمنطقة.

سياسات أردوغان الفاشلة في المجالات كافة أرخت بظلالها بشدة على نتائج هذه الانتخابات بينما أكد مراقبون أنها مرآة عاكسة لتدني شعبية أردوغان وحزبه ولا سيما أنها تعبر عن المزاج العام للشارع التركي الذي يعاني من سياسات أردوغان ما يعني مقدمة لبداية نهاية حكم حزب العدالة والتنمية في البلاد.

وهكذا ورغم نزوله بكل ثقله في الانتخابات البلدية التي جرت يوم أمس الاول الأحد، ورغم وصفه هذه الانتخابات بانها مسألة حياة او موت.. فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحقيق الفوز الذي كان يتمناه، وانحرد حزبه حاليًا نحو الهزيمة في مدينتي إسطنبول وأنقرة ما يشكل صفعة قويه له قبل حزبه.

وقد حدت هذه النتائج السيئة التي مني بها حزب العدالة والتنمية، بمحللين إلى القول إن تلك الهزيمة هي بداية النهاية لأردوغان وحزبه.

ومع أن النتائج غير النهائية لهذه الانتخابات تعطي حزب العدالة والتنمية أكثرية نسبية بسيطة على المستوى الوطني، فإنها تكشف في المقابل هزيمة في هاتين المدينتين الكبيرتين اللتين سيطر عليهما الحزب طوال ربع قرن.

ويبدو أن الوضع الاقتصادي المتراجع قضم كثيرًا من شعبية حزب العدالة والتنمية في المدن الكبيرة، بعدما اعتمد طويلًا منذُ عام 2002 على ارتفاع مضطرد لنسبة النمو في البلاد، ما أتاح له تحقيق انتصارات انتخابية متتالية.

ودخل الحزب الإسلامي المحافظ هذه المرة الانتخابات البلدية وهو يواجه انكماشًا للمرة الأولى منذُ 10 سنوات، فيما سجلت نسبة تضخم قياسية، والبطالة إلى ارتفاع مضطرد.

وقال برك ايسين الأستاذ المساعد في جامعة بيلكنت في أنقرة، ”حتى الآن كان أردوغان  يحصل على دعم قواعده الشعبية استنادًا إلى المقولة التي تعتبر أن الاستقرار السياسي يجلب الازدهار الاقتصادي، لكنه في النهاية لم يجلب الاستقرار السياسي ولا الازدهار الاقتصادي“.

بدوره يرى ايمري أردوغان الأستاذ في جامعة بيلغي في إسطنبول، أن الاقتصاد ”لعب بالتأكيد دورًا“ في تراجع حزب العدالة والتنمية، ”لكن السبب الآخر والأهم هو دعم الناخبين الأكراد“ للمعارضة.

وقرر حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد تقديم مرشحين في جنوب شرق البلاد، حيث غالبية السكان من الأكراد، ولم يقدم مرشحين في المناطق الأخرى لتجنب تشتيت الأصوات المناهضة لأردوغان.

وأضاف ايمري أردوغان، أن الأرقام في شكل عام تكشف أن مرشحي المعارضة نجحوا في اجتذاب غالبية ناخبي حزب الشعوب الديموقراطي.

وتشير النتائج النهائية إلى أن حزب العدالة والتنمية قد انهزم في 4مدن كبيرة أمام مرشحي المعارضة هي أنقرة وإسطنبول وازمير وأنطاليا.

وفي حال تأكدت النتائج الجزئية فإن حزب العدالة والتنمية سيسيطر على 15 مدينة كبيرة بدلًا من 18 كانت معه حتى الآن، في حين أن حزب الشعب الجمهوري سيفوز بـ12 مدينة مقابل 6 حاليًا.

ومقرًا بهذا التراجع، سارع أردوغان منذُ ليلة الأحد-الإثنين إلى الكلام عن ”نقاط ضعف“ لدى الغالبية لا بد من العمل على مواجهتها.

وأضاف المحلل إيمري أردوغان، أنه ”إذا كانت هذه النتائج قد تضر بسمعة الرئيس، فإنها لن تؤثر على تقسيم المقاعد في البرلمان، ولا على السلطة التنفيذية بعد إقرار النظام الرئاسي“.

من جانبها رأت آيسي أياتا أستاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، أن هذه النتائج مؤشر إلى“بداية النهاية“ للغالبية الحالية.

وأضافت ”لقد لاحظ أردوغان خلال السنوات القليلة الماضية تراجع حزبه، لذلك نزل شخصيًا وبقوة إلى المعركة مشاركًا بكثافة في التجمعات الانتخابية“.

وقد سارع حزب العدالة والتنمية إلى الإعلان أنه سيقدم طعونًا في العديد من المدن بينها أنقرة وإسطنبول.

وقال الرئيس أردوغان مساء يوم السبت الماضي، ”نعرف أننا كسبنا قلوب الناس حيث انتصرنا، ونقر بأننا لم نكن على المستوى حيث انهزمنا“.

وتوقعت المحللة أياتا أن يكون رد فعل أردوغان ”هادئًا لحماية الاقتصاد، فهو لا يزال يملك بعض الأحياء في إسطنبول وهذا ما سيشدد عليه“.

وفي أنقرة فاز حزب العدالة والتنمية بغالبية أعضاء المجلس الانتخابي (40،96% بحسب النتائج غير النهائية)، ويمكن بحسب المحللة أياتا ”أن يستبدل برئيس البلدية من حزب الشعب الجمهوري آخر من حزب العدالة والتنمية“ عبر إجراء إقالة.

وبعيد الانتخابات المحلية التي جرت عام 2014 عينت الحكومة مسؤولين إداريين في 95 من البلديات الـ102 التي فاز فيها مرشحون من الموالين للأكراد، حيثُ قال أردوغان خلال حملته الانتخابية، إنه لن يتردد بالقيام بالمثل مجددًا.

واعتبر ايسين ”أن هذه النتائج ستعطي زخمًا للمعارضة لأنها خلقت سابقة لتحدي أردوغان  وحزبه في الانتخابات المقبلة“.

وخلص إلى القول إن هذه النتائج بعد 16 عامًا من هيمنة أردوغان  وحزبه ”تؤكد أن تركيا تملك نظامًا سياسيًا تنافسيًا“.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى