المقاومة هي العنوان.. ابو ليلى يخلف نعالوة وعملية سلفيت امتداد لعملية بركان
أعادت العمليات البطولية التي يُنفذها الشبان الفلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية حساسة، بريق المقاومة المسلحة لمدن الضفة الغربية المحتلة، بعد أن حاول الاحتلال بكل أجهزته الأمنية والاستخباراتية وتعاونه الكبير مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، إطفاءها والسيطرة عليها بقبضة من حديد.
وبعد أيام من الهدوء النسبي وتغني الاحتلال وجيشه بفرض حالة الأمن بالمدن الفلسطينية المحتلة، رغم التصعيد المتبع ضد الفلسطينيين والمقدسات، جاءت عملية بطولية جديدة لتقول كلمتها القوية على أرض الميدان، وتهز أمن “إسرائيل” وتكسر منظومتها العسكرية.
الفلسطينيون استفاقوا صباح امس الاول الأحد على وقع عملية أثلجت قلوبهم، بعد نجاح مقاوم في أن ينتقم لدمائهم وحرمه مقدساتهم، بقتله إسرائيليين وجرح ثالث بإصابة خطيرة، بعد أن اقتحم حاجز عسكري وطعنهم وسرق سلاحهم وفر من المكان، ليعلن الاحتلال أعلى درجات استنفاره في البحث عن المنفذ الذي اختفى بنفس لمحة البصر التي هاجم فيها الحاجز العسكري الإسرائيلي.
العملية البطولية التي باتت تعرف باسم “عملية سلفيت”، ورغم حالة البهجة التي أدخلتها لقلوب الفلسطينيين، وأجبرت بعضهم لتوزيع الحلوى في الشوارع والمفترقات، فإنها حملت دلالات ورسائل كبيرة، من حيث التوقيت والهدف، وكذلك أعادت رسم المرحلة الجديدة للضفة وأعادت التوازن بعد أن استباح الاحتلال كل شيء فيها.
نبض المقاومة في الضفة
قُتل إسرائيليان (مستوطن وجندي)، وأصيب مستوطنان آخران بجراح خطيرة، في عملية طعن وإطلاق نار قرب مستوطنة “أريئيل” في سلفيت شمالي الضفة، فيما لا يزال جيش الاحتلال يغلق مدن الضفة في البحث عن المنفذ الذي لم يترك خلفه أي أثر بحسب اعترافات قادة إسرائيليين، وصفوا العملية بـ”المعقدة والحساسة”.
وعرف من بين القتلى الإسرائيليين الحاخام أخيعاد إيتنج ويعتبر أحد أكثر المستوطنين تطرفًا، وله أنشطة معادية للعرب وأحد الداعمين لجماعات تدفيع الثمن التي تنفذ عمليات عنصرية إجرامية ضد الفلسطينيين.
العملية البطولية الجريئة، أكدت للقاسي والداني أن المقاومة هي الخيار الأنجع والأقوى لردع الاحتلال، وبريقها لا يزال يلمع، وأنها تنمو رغم الظروف القاسية والصعبة التي تلاحقها من كل جانب، وجاءت كذلك ردًا على جرائم الاحتلال التي ترتكب يوميًا بحق الفلسطينيين ومقدساتهم التي تدنس أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع دون أن يحرك ساكنًا.
“عملية سلفيت تعكس صوابية البوصلة الوطنية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال يتحمل المسؤولية عن هذه العمليات كونه أصل المشكلة” الحديث هنا للكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني الذي أكد أن هذه العملية جاءت لتقول للجميع إن البوصلة والعنوان هو بسلوك هذا الخيار، وهو الطريق للمعالجة الحقيقية لكل الإشكاليات التي تطال الساحة الفلسطينية.
وعن اتهام الاحتلال لغزة بالإيعاز بهذه العملية، شدد على أن الضفة الغربية منبع الثورة والثوار، ويريد الاحتلال بهذا الحديث أن يخفي فشله الذريع وتقزيم دور الضفة، لافتًا أن محاولته نقل المعركة إلى قطاع غزة تأتي مع قرب الانتخابات الإسرائيلية، ولن تنجح حسب قوله، وقال: “هذه العمليات تأتي بدوافع الحرية والكرامة والخروج عن حالة الضغط اليومي المتكرر من الاحتلال تجاه أهالي الضفة الغربية والقدس والمناطق الفلسطينية كافة”.
ودلّل الدجني أن استمرار العملية يأتي بالدرجة الأولى لتوفيق الله عز وجل والتخطيط الجيد من المنفذين، وجبن الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه، مشيرًا أن هذه العملية كسرت الصورة النمطية التي تُصدّرها “إسرائيل” للعالم بأن جيشها لا يقهر.
شبح المقاومة يهز “إسرائيل”
الخبير العسكري والأمني رامي أبو زبيدة أكد أن عملية سلفيت تشكل علامة مهمة وبارزة في الصراع مع الاحتلال بالضفة ومؤشر على أن المقاومة تنمو في ظروف مستحيلة، ويقول “العملية تؤشر بوجود مقاومة تنمو في ظروف مستحيلة، فنحن أمام عمليات بحاجة لرصد وإعداد، ولعل أفضل ما ميز هذه العملية بجانب استنزاف قدرات العدو، هو الهجوم على كبرياء وسطوة جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
الخبير العسكري والأمني أضاف “عملية سلفيت بددت الرهان الصهيوني على توقف العمليات، وكشفت أنه يمكن تجاوز التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن الصهيونية وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها بالسيطرة الكاملة على الوضع الأمني ومنع حصول عمليات جديدة”.
وأوضح أن العمل المقاوم بالضفة يلقي بظلاله السلبية على الواقع الأمني الإسرائيلي، وزيادة حدة المخاوف من استمرار وتطور العمليات الهجومية، فردية كانت أو منظمة، في ظل ما تمثله الضفة الغربية من أهمية إستراتيجية على مختلف الأصعدة: الأمنية والعسكرية، فضلاً عن السياسية.
وذكر أبو زبيدة أن استخدام المقاومين اليوم وسائل وأساليب متعددة، في عملية سلفيت، تعكس التنوع في أساليب المقاومة في مواجهة الاحتلال، فشاهدنا الطعن والسيطرة على السلاح والمكان وإطلاق النار في أكثر من مكان عبر استخدام سيارة تم السيطرة عليها، مشيرًا إلى أن نوعية العملية واختيار الهدف والمكان يبرهن على جرأة وبسالة المنفذ من حيث السيطرة على مكان العملية، وتطور لافت في أداء المقاومين من نواحي التخطيط والدقة في التنفيذ وتحديد الهدف.
وفي النهاية فعملية سلفيت ليست كأي عملية بطويلة سابقة، فهي تدلل على وعي وانتقال إلى مستوى جديد في جعل المقاومة هادفة من وراء عملياتها بالتركيز على جنود العدو وجسمه العسكري ومستوطنيه الذين يمارسون الإرهاب والقمع والاعتقالات والعدوان على أبناء الشعب الفلسطيني، ورسمت ملامح المرحلة الجديدة التي سيكون عنوانها الأبرز “المقاومة ثم المقاومة”.