امة اقرأ تغوص في ضبابية مشهد بناء الدولة الحديثة

بقلم : د. زيد احمد المحيسن

يعيش الوطن العربي حالة فريدة من تاريخه المجيد يختلط فيها الحابل بالنابل وبمفاهيم و سلوكيات لايمكن ان تنتج او تساهم في مولد الدولة المدنية الحديثة المنشودة والتي طال انتظار بزوغ فجرها عقودا طويلة اصابت الاجسام والعقول في مقتل وبالشرود والتشويش ومن هذه المفاهيم .

رئاسة الدولة حتى الممات وتوريث الحكم في الجمهوريات وحكم الفقية والقوة تصنع الشرعية والدين هو الحل والرئيس الملهم وشريعة الحكم بالتقادم وطاعة ولي الامر خشية الفتنة وغيرها من هذه المفاهيم التى عفا عليها الدهر والزمن، لكن هذه المفاهيم لازالت تعشعش في الرؤوس العربية، ونسوا ان العالم يسير بخطوات حثيثة نحو مفهوم الدولة العالمية والانسانية، ونحن لا نزال نتراجع الى الخلف القهقري ونتجادل بين العقل السياسي والعقلية الدينية المتشددة، ونسوا   ان “اعقل الناس من جمعَ عقول الناس في عقلة”،وان الدولة المدنية الديمقراطية هي الطريق الوحيد للدخول الى الحداثة، وتعود الامة العربية امة متحضرة تعطي العالم علما وفكرا وتساهم في بناء الحضارة الانسانية ويكون لها دور الفاعل فيها وليس المفعول به .

لقد ادرك العالم المتحضر بانه لا قداسة للحاكم البشري وان الشعب مصدر السلطات في الدولة الحديثة وان صناديق الانتخابات هي التي تحقق الشرعية للحكم، وان الدولة الديمقراطية المدنية تستمد شرعيتها من الشعب وهو الحامي لهذه الشرعية والمنافح عنها .

ان تعزيز بناء قيم الدولة المدنية الحديثة هو الشىء المطلوب، فالدولة المدنية بحاجة الى تعزيز ثقافة الدولة المدنية والتي تشكل مفرداتها قيم سامية ونبيلة من مبدا سيادة القانون على الجميع وتحقيق المساواة وقيم التسامح والتعاون والعمل البناء وتعزيز مبادىء الحقوق والواجبات،  وقبل هذا وذاك دولة التداول السلمي على السلطه بالطرق الديمقراطية السلميه .

ان ترسيخ هذه المبادىء هو العمل المطلوب من قبل الافراد والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، وذلك من خلال البرامج التوعوية الهادفة الى تجذيرها لدى افراد المجتمع، ومحاربة كل المفاهيم التي تعيق تقدم المجتمع ودفعه الى لامام، فالوقت يمضي بسرعة وامتنا مازالت تعيش في جدل عقيم بين العقل السياسي والعقل الديني، وابتعدت عن العمل المجدي والمفيد لها ولمن حولها،  وتناست انه ليس لهذه الحياة قيمة الا اذا وجدنا فيها شيئا نناضل من اجله .

وعليه، فان الديمقراطية المدنية  هي الهدف الذي يجب ان نناضل من اجله، ومن سوء حظ المناضلين ان التاريخ لايعترف بالنضال الا متاخراً، وان الناس لايشعرون بعظمة نضالهم الابعد وفاتهم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى