في البحث عن الزمن العربي المفقود !

تستدرج بدايات العام المرء نحو رؤىً متخيلة وأفكار استشرافية قد ينسبها البعض إلى الأحلام والأوهام ، وقد يراها البعض الآخر مداخل ووقفات لبدء زمن من المراجعات والتفكير بالحاضر والمستقبل من أجل الانتقال والتجاوز والتغيير .

وعلى كل حال فإن مجرد التفكير باللحظة التي يوحي بها عبور الزمن والموقف منه وهو يتدحرج سلباً وايجابا هي بحد ذاتها لحظة حرجة واحراجية تدفع باتجاه خلق تصورات مغايرة نحو هذا الزمن وتطرح متطلباته المستجدة على جدول أعمال الأفراد والمجتمعات وتضعهم أمام السؤال والأسئلة المتعددة .

نعم أن زمننا العربي  يزداد قتامة  ووحشة واضطرابا ويتراءى لنا عصياً على التفكيك والتفكر لا بل نراه في أحيان  كثيرة واقفاً مهدوراً تتطاير فيه الأفكار والمواقف وتختلط فيه  الحالات حد اللامعقول ، إلا أننا لا نقف منه موقفاً سلبيا إطلاقياً جوهرياً ومستداماً وإنما نرى فيه دائماً ممكنات واسعة لاختراقه بالرؤى والأفكار البديلة.

إذ من أهم مهماتنا الفكرية أن لا نقف صامتين أمام زمن عربي يذهب بعيدا عن سياقاته وصراطاته  ويصبح ساحة ومجالا مستباحاً للأفكار الشريدة والطائشة وتطفو على سطحه صغائر الأمور والإنشغالات الزائفة   ويتجه إلى فراغ في المعنى والمبنى .

وأخطر ما نراه في رؤية زمننا العربي الراهن هو تبدد لحظاته وتجوفه وازاحته نحو الفراغ والتلاشي وتحوله الى فراغ مباح ومشرع يحتاج إلى امتلاء وفيه إغراء للآخرين باختراقه وتحويله إلى زمن تابع ومحتل أو مستباح وهو ما يحول زمننا إلى زمن مغاير ولحظة مضاعة ليست لنا بقدر ما هي للطامعين والطامحين .

سرقة الزمن العربي وممكناته هذه واحتلاله واختراقه وازاحته هي ما يهدد الآن ويثير المخاوف وخصوصاً عند تحوله إلى خاصية جوهرية وإغراء للآخرين بالامتداد إليه واحتلاله وتغيير ماهيته من زمن عربي إلى زمن للآخرين .

ومن هنا تصبح اللحظات الفاصلة فرصة استثنائية للتطلع الايجابي إلى الزمن العربي  الراهن وحقلا تفتتح فيه الحوارات والمراجعات ويجري فيه استنبات رؤى جديدة حول الوجود ومتطلبات الحاضر والمستقبل وإلا سيتحول هذا الزمن إلى زمن سائل بلا ماهية ومعنى واضح وسوف يبقى يستدعي نظريات ( ملأ الفراغ ) وغيرها من شرور الاستعمار القديم والحديث .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى