السورية سمر عموري والجمال الشعري

بقلم: شاكر فريد حسن

هي لا تكتب الشعر فحسب، بل ترسم بالكلمات ما يجيش في نفسها وصدرها من مشاعر واحاسيس، فتنهمر روحها بالهمس الدافىء، وتسيل حروفها كماء الجداول بانسيابية، فتعانق الوجدان وتتغلغل الى القلوب دون استئذان.

إنها شاعرة الياسمين الدمشقي، والبوح الشفيف، والحس المرهف، الصديقة الشاعرة السورية المغتربة سمر عموري، التي جذبتني واستوقفتني نصوصها الوجدانية السردية، ذات الخيال الواسع المجنح، والصور الشعرية والفنية الخلًابة، والمفردات المتوهجة والانزياحات الشجية العذبة.

هي نصوص تجيء على شكل خواطر وومضات شعرية ذات أبعاد معنوية وشكلية رفيعة المستوى، موسيقاها حالمة، وشفافيتها مطلقة، مذهلة في كلماتها وفكرها وأسلوبها السلس الرقراق في بيانه وايجازه، فلنسمعها تقول في هذا النص:

يالهذا الحنين

يقتلنا السكون

أما لهذا الفجر من رشفة قبلة

ومقعد عناق!!

تحاصرنا فوضى العطر

نركض في شوارع الذاكرة

ووجهنا الهارب بين رماد الدخان وأفخاخ الصيادين!!

أما من فلاحة تعد للصباح خبزآ وللطيور لحنآ وأكواخ؟

طفلة المدينة وحيدة تلملم الندى عن ثغر البتول!!

اطفالها الجياع يبكون صدر الوقت

وقد اسقط العيد حمالة الأراجيح!!

..

ايها الناسج قصائدك بفحيم شَعري

تعالَ وميض حلم في نيسان

احببني بكذبة بيضاء

في الثانيه إلا نبضة

نشرب صوتنا

ونطعم للعصافير لساننا الصغير

وتتقاذف السناجب البلوط

لتوحدنا رتابة المطر!!

..

اهرع الى شفتيك

نقبل رأس العام

يبكيني حزن البراءة حين شق منديل عطري!!

لازالت الفراشات تفتش عن شذاها

والنوارس تقتات شِعري!!

خرافي العينين

لن تهرم ذات قبل

شفاه البيلسان

حين تعانق جذور السنديان

فللعشاق مدفأة قلوب

حي على الحب

بمأذنة الدروب

نفترش للصلاة

نغتسل من الذنوب

ونقيم عرسآ للقمر

دمشقيون حين

نرقص نسقط

الزمرد والياقوت

ننحر العطر

نصبغ يد الطريق بشقائق النعمان

فشوارع الغربة

ألوانها جاحدة!!

سمر عموري تخاطب الوجدان، تحاكي الحب والوطن والروح الانسانية والمراة والطبيعة بكل ما تمثله من جمال وصفاء ونقاء.

هي شاعرة رومانسية، تأملية، تتميز بالانسياب الشفاف والبراعة في صياغة الجملة الشعرية في لحظتها، تختزن وعيًا متقدمًا باللغة الشعرية وعمقًا في الطرح والمضمون المشرع على اسئلة الحياة والوجود وقيمة الشعر نفسه بوصفه ملاذًا ومتنفسًا، وفعل كينونة.

سمر عموري تتدفق لوعة وشوقًا وحرقة، تتصف بعذوبة المضامين وصفاء السياق، مستندة على دقة التصوير، ورقة التعبير، وانسيابية لغتها الوجدانية المترعة بالاستعارات ودلالاتها الايحائية المجازية، ولنقرأ هذا النموذج من نصوصها:

لن أطعم أقماحي للعصافير،،،

وادع صدرك

يبحر وحيدا

مذ فك أزراره هو مرساتي

وطني ومرفئي الأخير

دع الروح تهيم

تحلق بفضاءات القصيد

تمهل

راقصني

اعقد قران شفاهي

اسكب بكؤؤس

الهوى نبيذ الشعر

وخمر القوافي

فك ضفائري

لاتعلق خوفك

على أغصان البلابل

شاركها تغريدها

لا تختبئ مني

في بيت مهترئ

سقفه مثقوب

قصيدتي ماطرة

تغرقك حنين

لاترحل فجرا

قد خبأت نور القمر ليطوقك

بمشرط شوق ينزفني

رغم انف جلدي

بعطرك الممزوج برائحة الطين.

ليتسكع بثنايا الوتين

كآخر شهقة

أتغلغل برئتيك منفاي الصغير

ضمني أشتاقك

بكل آن وحين

لأمتطي صهوة العشق

على زندك تغفو القوافي

يؤجج تحت الرماد براكين

راقصني

ولتحبو أصابعك

على خصري كقصيدة

أنجبتني للتو

على صفحة لجين.

سمر عموري تنتمي إلى الوضوح والمتانة والزخم والجمال الشعري، تجربتها الابداعية مفعمة باسلوب ندي شفاف مختلف ومغاير، خاص برؤيتها الانتقائية لمشاعر انسانية ناضجة وبخطاب نصي سردي وحلم شعري يتسم بحنان فياض ولواعج شجون.

تحية للصديقة الشاعرة سمر عموري، ولها مني باقات ملونة من الفراشات بعبق الياسمين والبنفسج، متمنيًا لها مزيدًا من العطاء والابداع والتألق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى