قصة قصيرة.. ليلة خميس
كتب ماهر طلبه
عكس ما هو متوقع، دخل من باب شقته، ليجد الصمت مركونا إلى جانب الحائط، نظيفا تماما – مثل كل البيت- كأنه قد خرج من علبته الآن فقط، كسره بأن رمى صوته فى الشقة باسمها، استعاد الصمت رونقه وأينع ، انتابه يأس وحيرة، وسقطت كل خيالات اليوم من رأسه.. الشموع الموقدة، التورتة المحتلة منتصف الطاولة، هى فى قميص نومها الجديد الذى اشتراه لها ومازال لم يغادر حقيبته بعد.. وضع البطيخة التى يحملها على الطاولة الفارغة واتجه إلى حجرة نومها.. طرق الباب وانتظر.. عندما لم يتلقَ ردا، فتح الباب بهدوء ونظر.. كانت الحجرة مرتبة كما يراها كل يوم لم يتغير بها شئ.. اغلقها ودار على باقى حجرات البيت.. لم يجدها.. عند حجرة نومه المفتوحة الباب دخل وتوقف بحثه.. تخلص من بنطاله وقميصه وارتدى ملابس البيت، ورقد على سريره ونام.
الأنوار كانت تغرق الصالة.. التورتة تحتل منتصف الطاولة والشموع تنتظر أن تُشعل.. هذا عيد الزواج الثالث.. ربما الرابع.. بل الخامس، يتذكر لأنها ترتدى هذا الفستان الذى اشتراه لها لمناسبتها هذه.. كانت مشرقة كأنها عروس فى ليلة العرس.. منّى نفسه بيوم مثير يستعيد فيه حرارة شهره الأول معها.. انطلقت من الغرفة موسيقى هادئة، لف يده حول جسدها – ذلك الذى كان يعشقه فى الشهور الأولى وصار يطلبه مجاملة لها فى باقى الأيام والشهور والسنوات كلما شعر بميلها للفعل- .. تحركت بخفة فى يده، كأنها ريشة تحركها نسمات هواء صيفية على شاطئ نهر، مستعيدا هذا الاحساس الممتع الذى ملأ حياته فى شهورهم الأولى.. استمرت الموسيقى واستمرت الحركة واستمرت سعادته ونشوته فى التصاعد حتى بعد أن بدأت الشموع فى الإنطفاء، لم يتوقف ولم تتوقف..
فجأة.. كسر صوت غليظ شاذ اللحن الموسيقى، باب يغلق بعنف، صوت أقدام أتية باتجاه حجرته مما جعله يستفيق تماما ويترك حلمه وموسيقاه.. كانت هى هناك – فى الطرقة الفاصلة بين حجرته وحجرتها – تنزع عباءة سوداء وتتحرك فى طريقها إلى حجرة نومه حيث يرقد على السرير لتنظره.. نظر إليها فى حركتها.. ابتعد الخيال كثيرا كثيرا.. القت العباءة السوداء على كرسى أمامه.. كانت شبه عارية.. لكن المسافة ما بين الحقيقة والحلم كانت بعيدة مما جعله يرجع بظهره إلى الخلف فاصطدم بحائط كاد يشج رأسه وكبت شهوته.. استعاد توازنه، غطى وجهه وهو يسألها ..
كنت فين؟
لم يكن ينتظر إجابة، ولم تكن على استعداد لأن تجيب فهى مرهقة، متعبة، بحاجة لأن تسرع لإنهاء الغداء.. لذلك مر السؤال مرور الحلم.
قصة قصيرة.. ليلة خميس
كتب ماهر طلبه
عكس ما هو متوقع، دخل من باب شقته، ليجد الصمت مركونا إلى جانب الحائط، نظيفا تماما – مثل كل البيت- كأنه قد خرج من علبته الآن فقط، كسره بأن رمى صوته فى الشقة باسمها، استعاد الصمت رونقه وأينع ، انتابه يأس وحيرة، وسقطت كل خيالات اليوم من رأسه.. الشموع الموقدة، التورتة المحتلة منتصف الطاولة، هى فى قميص نومها الجديد الذى اشتراه لها ومازال لم يغادر حقيبته بعد.. وضع البطيخة التى يحملها على الطاولة الفارغة واتجه إلى حجرة نومها.. طرق الباب وانتظر.. عندما لم يتلقَ ردا، فتح الباب بهدوء ونظر.. كانت الحجرة مرتبة كما يراها كل يوم لم يتغير بها شئ.. اغلقها ودار على باقى حجرات البيت.. لم يجدها.. عند حجرة نومه المفتوحة الباب دخل وتوقف بحثه.. تخلص من بنطاله وقميصه وارتدى ملابس البيت، ورقد على سريره ونام.
الأنوار كانت تغرق الصالة.. التورتة تحتل منتصف الطاولة والشموع تنتظر أن تُشعل.. هذا عيد الزواج الثالث.. ربما الرابع.. بل الخامس، يتذكر لأنها ترتدى هذا الفستان الذى اشتراه لها لمناسبتها هذه.. كانت مشرقة كأنها عروس فى ليلة العرس.. منّى نفسه بيوم مثير يستعيد فيه حرارة شهره الأول معها.. انطلقت من الغرفة موسيقى هادئة، لف يده حول جسدها – ذلك الذى كان يعشقه فى الشهور الأولى وصار يطلبه مجاملة لها فى باقى الأيام والشهور والسنوات كلما شعر بميلها للفعل- .. تحركت بخفة فى يده، كأنها ريشة تحركها نسمات هواء صيفية على شاطئ نهر، مستعيدا هذا الاحساس الممتع الذى ملأ حياته فى شهورهم الأولى.. استمرت الموسيقى واستمرت الحركة واستمرت سعادته ونشوته فى التصاعد حتى بعد أن بدأت الشموع فى الإنطفاء، لم يتوقف ولم تتوقف..
فجأة.. كسر صوت غليظ شاذ اللحن الموسيقى، باب يغلق بعنف، صوت أقدام أتية باتجاه حجرته مما جعله يستفيق تماما ويترك حلمه وموسيقاه.. كانت هى هناك – فى الطرقة الفاصلة بين حجرته وحجرتها – تنزع عباءة سوداء وتتحرك فى طريقها إلى حجرة نومه حيث يرقد على السرير لتنظره.. نظر إليها فى حركتها.. ابتعد الخيال كثيرا كثيرا.. القت العباءة السوداء على كرسى أمامه.. كانت شبه عارية.. لكن المسافة ما بين الحقيقة والحلم كانت بعيدة مما جعله يرجع بظهره إلى الخلف فاصطدم بحائط كاد يشج رأسه وكبت شهوته.. استعاد توازنه، غطى وجهه وهو يسألها ..
كنت فين؟
لم يكن ينتظر إجابة، ولم تكن على استعداد لأن تجيب فهى مرهقة، متعبة، بحاجة لأن تسرع لإنهاء الغداء.. لذلك مر السؤال مرور الحلم.