دولة عصريه ام عشائر متناحرة

” ينبغي ان يكون للقانون سلطة على البشر لا ان يكون للبشر سلطة عليه ” واذا ساد القانون ساد السلام والامن والرضى والاستقرار المجتمعي،  ولنكن على يقين ان من خرق القانون يوما ما لمنفعتك خرقه غدا لخراب بيتك .

وفي بلادنا لا نريد قوانين مثل بيوت العنكبوت تقع فيها الطيور الصغيرة وتعصف بها الطيور الكبيرة، بل نريد قانوناً يسود على الجميع حاكماً ومحكوماً، صغيراً وكبيراً، يعلو ولا يعلى عليه.. ومن هنا نطرح السؤال التالي : هل نريد دولة عصرية يسود فيها القانون على الجميع ام اشباه دوله لعشائر متناحرة تعيش الفوضى والخصام ؟! وهل الدولة العصرية والعشيرة في تنافر وخصام ام تعاون وانسجام ؟! فالدولة العصرية دولة مؤسسات وتشريعات وسلطات وقانون وتنفيذ وقضاء وهي الضامن للامن والاستقرار في المجتمعات البشرية، اما العشيرة فليس لديها ايدلوجية ومفهوم الدولة ، ومن اخطر سلبياتها ان يتم تقديم الولاء والتناصر للعشيرة على الدولة والمجتمع .

ان معرفة الداء جزء من العلاج والدواء، فالتكتل والتنطح والدفاع عن الفاسد من قبل العشيرة هو الفساد الاكبر والطامة الكبرى التي ابتلينا بها هذه الايام لاضعاف هيبة الدولة وقراراتها ضد الفاسد والمنتهك للقانون والمخل بالواجب العام، وهذه التصرفات تعيدنا الى شرعة الغاب والبدائية الاولى للتطور الاجتماعي الانساني، وليس الى مفاهيم الدولة العصرية التي نعيش فيها في الوقت الحاضر .

ان الفاسد من اي عشيرة كان عليه ان يحاكم محاكمة عادلة، و ينال العقاب الرادع لقاء افعاله المخزية والتي لم يشاور فيها في الاصل عشيرته عندما اقترفها .. لهذا فان دور العشيرة في مثل هذه الظروف يجب ان يكون مساندا للقرارات التنفيذية وعونا على مكافحة الفساد والفاسدين وعلى احقاق الحق ومحارية الباطل، فهذا النهج يساعد على الاستقرار والحفاظ على الامن والسلم المجتمعي، و يسهم كذلك في تصليب الجبهة الداخلية للوطن امام العاديات واصحاب الاجندات الخاصة.

ان على اصحاب النهى والحكمة في بلدنا وهم كثر ان يؤذنوا في الناس الى ضرورة اعادة دور العشيرة الى مربعها الاصلي و تموضعها الحقيقي لتدور في فلكها الواقعي، فلك الدولة العصرية لا في فلك مصالحها الشخصية الضيقة الافق والبعيدة عن واقع مفاهيم العيش في الدولة المدنية العصرية .. دولة الحكمانية الرشيدة دولة التعددية دولة المواطنه ودولة الشفافية، وقبل هذا وذاك دولة المساءلة وسيادة القانون على الجميع، فالشعب الذي يحترم قوانينه يحترم نفسه اولا، وبالعدل تحيا الامم ولا تستقيم امة الا اذا كان العدل اساساً حاكماً لها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى