“التجمع الديمقراطي الفلسطيني”.. هل يجتاز عتبة الانطلاقة ؟

تواجه تجربة انطلاقة “التجمع الديمقراطي الفلسطيني” قبل نحو ثلاثة أسابيع والذي يضم خمس قوى يسارية (الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، فدا، حزب الشعب، المبادرة الوطنية وشخصيات مستقلة)، تحديات خلال المرحلة القادمة في ظلّ الحديث عن تحديات مصيرية تواجه القضية الفلسطينية، فإمّا أن تنجح التجربة بتشكيل تيار ثالث ينهي حالة الاستقطاب السائدة، وإمّا أن تتعثّر على عتبة الانطلاقة.

وكان المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) عقد في مقرّه بمدينة البيرة مساء أمس الثلاثاء حلقة نقاش بعنوان: “التجمع الديمقراطي شروط النجاح واحتمالات الفشل”، بمشاركة العشرات من الشخصيات والقيادات والنشطاء والمفكرين والكتاب، في الضفة والقطاع، عبر الفيديو كونفرنس.

يقول مدير البرامج في مركز (مسارات)، خليل شاهين، لـ “القدس” دوت كوم، على هامش حلقة النقاش، إن “مركز مسارات ارتأى تنظيم الحلقة حول التجمع لما لهذه التجربة من أهمية في كسر حالة الاستقطاب بين طرفي الانقسام، في ظل التحديات التي تهدد القضية الفلسطينية، إذ تولّد شعور عام بالحاجة إلى بروز تيار قادر على إنهاء الانقسام، وهو ما استدعى تنظيم هذا النقاش لتقديم إجابات من القائمين على التجمع ومحاولة جمع أكبر عدد ممكن من الديمقراطيين لدعم التجربة”.

وأشار شاهين إلى وجود تجارب عدة لإنشاء تجمعات للقوى الديمقراطية، بيد أن تلك التجارب فشلت، وثمّة رهان لتجاوز ما سبق وعانت منه القوى الديمقراطية، أمّا هذه التجربة فإنها تضم خمس قوىً يسارية إضافة للمستقلين، وهي محاولة لتوسيع نطاق المشاركين، رغم وجود تحديات تعصف بالقضية، فما يهم الآن ليس عدد القوى المنضوية في التجمع إنّما قوّة هذا التجمع، وقدرته على توفير إجابات عن أسئلة مهمة فيها تباينات بين قوى التجمع نفسه، وهي قضايا ليست هامشية، كقضايا الانتخابات والحكومة القادمة، وبالتالي فإن الخلاف عليها يمكن أن يؤدي إلى انقسام في التجمع وتعثّر التجربة من جديد.

وأكدت الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا”، زهيرة كمال في كلمة لها، على أن التجمع يعتمد على مشاركة الجمهور في تحديد أولوياته، والحصول على موقف موحّد وهو نوع من الضمانة لاستمرار هذا العمل.

وقالت كمال: “اليوم نعمل سوية على القواسم المشتركة، وكيفية فتح حوار حول أي قضية؛ فالعملية الديمقراطية هي ضمانة من أجل استمرار التجمع”.

وقالت عضو التجمع من غزة نادية أبو نحل، في كلمة لها: “آن الأوان بعد أكثر من عقدين ونصف، لمعالجة القضايا الوطنية والسياسية، ووضع حد لحالة الاستقطاب والتعنّت الأمريكي في دعمه المطلق لإسرائيل في مواجهة المشروع الوطني الفلسطيني وتصفية قضية اللاجئين وتغوّل السلطات وإنهاء الصلاحيات وسط غياب سلطة تشريعية للرقابة، وهو ما يتطلّب وجود تجمع ثالث يحدُّ من حالة الاستقطاب الثنائي ما بين الطرفين، بما يقود إلى تعزيز العملية الديمقراطية”.

وشددت أبو نحل على وجود إيمان عميق بأن التجمع قد يكون صمام أمان لحقوق المواطن الخاصة، فالتجمع في هذه المرحلة الحسّاسة والهامة سيقود لانتصار الديمقراطية، رغم وجود تحديات كبيرة، ولكن وجود تيار ديمقراطي كجزء رئيس من فصائل منظمة التحرير يستطيع أن يؤثر بقضايا العدالة الاجتماعية لحقوق المواطنين، وسيكون رافدًا حقيقيًا لدعم التجمع.

ويؤكد عضو التجمع الديمقراطي، ممدوح العكر، أن “مبادرة التجمع ليست مقتصرة على القوى الديمقراطية الخمس، فمنذ البداية تمت دعوة المستقلين إلى الانضمام لها، وكذلك دعوة الشباب والمرأة بأخذ أدوارهم، ولا يكفي الحديث عن ذلك، بل لا بد من توفير البيئة والبنية التنظيمية لتشجيع هكذا انخراط”.

وشدد العكر على ضرورة توفير الفكر والبيئة والروح والشكل التنظيمي، الذي يتيح المجال للأجيال الشابة، علاوة على التفكير بكيفية تمكين التجمع من النجاح، فيما أكد على ضرورة تصويب بوصلة الحركة الوطنية لتستعيد قوتها وزخمها، “فنحن الآن بأمسّ الحاجة لجبهة وطنية عريضة لا مجال فيها للمحاصصة، أو الهيمنة “.

القيادي في الجبهة الشعبية، جميل مزهر، أكد في كلمة له من غزة، أن التجمع حاجة وطنية أمام التحديات المرتقبة سواء صفقة القرن أو السلام الاقتصادي، “فنحن أمام مأزق فيه محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو لضم الضفة الغربية أو تصفية قضية اللاجئين، هناك تهديد بالمعنى الحقيقي للقضايا الوطنية”.

وقال مزهر: “نحن اليوم أمام فرص مجتمعية ووطنية للتجمع، وممنوع أن نفشل”، داعيًا إلى ضرورة إشراك الشباب لأنهم يشكلون دافعًا مهمًا في عملية التغيير في الساحة الفلسطينية.

في حين، أكد عضو التجمع، عائد ياغي، في كلمته، على أن العضوية مفتوحة لكل من يؤمن بالبرنامج السياسي للتجمع، الذي يستند إلى ثلاثة محاور؛ “المحور الوطني، المحور الاجتماعي، ومحور الدفاع عن الحريات العامة وتعزيز الديمقراطية في الساحة الفلسطينية”. فيما شدد على أن التجمع لن ينجح بدون ثقة الناس.

بدوره، قال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، في كلمة له، إنه “من الخطأ أن يكون التجمع بديلًا عن أحد، فهو بحكم برنامجه بمثابة كتلة ضاغطة من أجل الوحدة، ويستند على أساس الائتلاف الوطني الشامل المستند إلى التمثيل النسبي عبر إرادة الشعب”.

وأكد أبو ليلى على أن أهم ضمانة لعدم فشل التجمع الديمقراطي هو الواقعية في التوقعات، وقال: “نحن لا نستطيع أن نشكّل حزبًا واحدًا، وأن نتماثل بكل شيء، ويجب أن نعترف بتبايناتنا، فالحديث عن التجمع هو حديث عن ائتلاف، وليس عن إطار موحد، فهو ينتخب قياداته بالأشكال الديمقراطية، ونحن بصدد تجميع قوى وشخصيات لكل منها مكانتها وهيئاتها يحكمها التوافق”.

وفي مداخلته، أكد الكاتب جهاد حرب، على ضرورة ذهاب التجمع إلى مؤتمر عام، وأن يتم إجراء انتخابات حقيقية لإدارة التجمع، ويكون قادرًا على إنتاج جسم جاذب لا طارد، فالناس تريد أن ترى شخصيات جديدة ومواقف أكثر حضورًا أمام الجمهور. مشددًا على أنه “في حال لم يتم التغيير الجوهري في تركيبة التجمع، فإن نجاحه لن يكون مضمونا”.

بينما أكد الناشط عمر عساف، وهو أحد أعضاء التجمع الديمقراطي، على أن الناس في الشارع ينتظرون الفعل وليس القول، ولذلك فإن على على التجمع أن يدرك كيفية النزول إلى الشارع في الدفاع عن الحقوق الوطنية والديمقراطية والمجتمعية، وأن يُبقي الأمور مرنة من أجل التطوير لاحقًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى