هل ستنجح أمريكا في إقامة حلف ” الناتو ” العربي ؟

في جولته التي شملت الأردن ومصر والسعودية والامارات وقطر والبحرين وعمان والعراق، ركّز وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على إقناع العرب بتشكيل حلف” الناتو” العربي لمواجهة التهديد الإيراني لدولهم كما تزعم الإدارة الأمريكية، وأكد لقادة الدول العربية التي زارها أن أمريكا تنوي الحفاظ على نفوذها في المنطقة، وستقف إلى جانب حلفائها وتواصل الدفاع عنهم على الرغم من قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، وفاجأ العالم بإعلانه عن نيّة الولايات المتحدة على عقد مؤتمر دولي في بولندا في منتصف شهر فبراير القادم لمناقشة التدخل الإيراني في بعض الدول العربية، ومناقشة أكذوبة السلام الذي تعمل أمريكا على تحقيقه في المنطقة.

لا شك بأن الهدف الرئيسي من زيارة بومبيو ومحاولة تشكيل ” الناتو” العربي  – الأمريكي الجديد، والمؤتمر الدولي المقترح هو ضمان أمن إسرائيل وتسهيل عملية الاعتراف بها وتغلغلها في المنطقة، والمحافظة على النفط والغاز والمصالح الأمريكية الإسرائيلية، ومحاصرة إيران وجبهة المقاومة التي تتهمها واشنطن برعاية الإرهاب، وتنسى في الوقت نفسه أنها هي وبعض العرب المتآمرين معها وإسرائيل يجنّدون ويموّلون ويسلّحون الإرهابيين في المنطقة!

لكن المضحك هو قول بومبيو في كلمة القاها في الجامعة الأمريكية في القاهرة ان أمريكا ” قوة من أجل الخير، وإنها تسترد قوتها في الشرق الأوسط” وأضاف قائلا ” في 24 شهرا، أعادت الولايات المتحدة تحت رئاسة ترامب، تأكيد دورها التقليدي كقوة من أجل الخير في المنطقة.” ونحن نقول للوزير ورئيسه ترامب إن أمريكا قوة من أجل الشر، ولم تفعل غير الشر في المنطقة، ولا تنوي لها ولشعوبها سوى الشر، فعن أيّ خير يتكلّم؟ هل الخير الذي يقصده الوزير هو المشاركة في تدمير العراق وسوريا واليمن وفي تأجيج النزاعات الطائفية والدينية في المنطقة؟ وهل الخير الأمريكي يكمن في دعم احتلال إسرائيل للأراضي العربية، والدفاع عن سياساتها العدوانية العنصرية في المحافل الدولية، وتزويدها بأحدث أنواع الأسلحة الأمريكية لقتلنا وتدمير وطننا؟ وهل الخير الأمريكي يتمثل في حماية ودعم الأنظمة الدكتاتورية العربية وتجاهل إرادة ومعاناة شعبنا العربي؟

مشروع ” الناتو” العربي الذي تعمل أمريكا على إقامته لن يكتب له النجاح وسيفشل كما فشل غيره من مشاريع الأحلاف المشبوهة لعدة أسباب منها، ان الدول العربية المرشحة للانضمام للحلف وهي دول مجلس التعاون ومصر والأردن تمزقها الخلافات البينيّة، ودول مجلس التعاون منقسمة حول الأزمة القطرية، والكويت وعمان وقطر لا تريد التورط في مواجهة مع إيران وتربطها بها علاقات جيدة، والسعودية تعاني من مشاكل داخلية وعزلة دولية نتيجة تورطها بمقتل جمال خاشقجي، وهي ودولة الإمارات العربية متورطتان في حرب اليمن، وتعانيان من أزمات اقتصادية لا تسمح لهما بدفع عشرات المليارات من الدولارات لدعم الحلف، ومصر والأردن تعانيان من مشاكل اقتصادية وفقر وبطالة وتأزم شعبي قد يقود إلى حركات جماهيرية واسعة تهدّد استقرار النظامين، وان الشعب العربي يرفض هذا الحلف المشبوه الذي سيزيد وضعه ترديا.

” ناتو” أمريكا العربي لن يرى النور! أمريكا تربط مصير مصالحها في العالم العربي بوجود أنظمة استبداديّة تسلطيّة لا تمثل الشعب، وتستهتر بإرادته ولا تحسب حسابا لغضبه وظلمه وقدراته، وتخطّط هي وإسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية ولتمزيق الوطن العربي وبسط نفوذهما عليه والتحكم بثرواته! هذه المؤامرة الجديدة ستفشل حتما لأن الشعب العربي يدرك خطورتها، وسيتصدى لها ويفشلها كما تصدى لغيرها من المؤامرات وأفشلها!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى