الذكرى السنوية لإطلاق مشروع السد العالي وقرار عبدالناصر بتأميم القناة
يحمل شهر يناير/ كانون الثاني العديد من الذكريات المحفورة في قلوب المصريين ووجدانهم، ومن بين أهم تلك الذكريات حدث لا ينساه المصريون، وهو إطلاق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إشارة البدء في أكبر مشروع مصري وهو السد العالي الذي مرت ذكراه امس الأربعاء.
“هذا هو السد العالي الذي دارت من حوله المعارك، وحارب من أجله الأبطال، هذا هو السد العالي الذي شهد كل هذا الكفاح واستحق كل هذا الكفاح لا بسبب قيمته الذاتية فحسب، ولكن بسبب معناه كرمز لتصميم الأمة العربية كلها علي أن تسير فى بناء وطنها الكبير المتحرر”.. كلمات قالها ناصر، في أسوان بمناسبة البدء فى بناء السد العالي، في التاسع من يناير عام 1960.
بعد ثورة 23 يوليو وخروج مصر من الفساد السياسي والأخلاقى قامت الثورة على السعي وراء أهدافها ومنها التطوير، واعتماد مصر على نفسها في شتى المجالات، وبدأ التفكير في إقامة مشاريع تدفع بالبلاد إلى الأمام.
وجاءت في مقدمة هذه المشاريع بناء السد العالي لتحقيق التنمية الزراعية بعد توفير مياه الفيضان التي كانت تهدر دون الاستفادة منها بالإضافة إلى تفادى الجفاق وتوليد الطاقة الكهربائية لاستخدامها في التصنيع الوطني.
وقد لجأت مصر إلى البنك الدولي وأمريكا وبريطانيا لمساعدتها في توفير كال ما يستلزم لتنفيذ هذا المشروع الضخم.
وبعد مضي عامين فى دراسة التربة وصل الخبراء إلى أكبر عمق للنيل على مسافة 120 مترا تحت سطح الأرض واستقر الرأي أخيرا على بناء السد عند منتصف الكيلو 7 جنوب خزان اسوان.
وقام المسئولون بالقاهرة على الفور بعمل اتصالاتهم بالبنك الدولي لبحث الناحية الاقتصادية للمشروع، وأوفد البنك الخبير الاقتصادي “ديفندا” عام 1955 لدراسة تفاصيل المشروع وأعلن الخبير الدولى أن المشروع سليم ومضمون 100%.
وبعد ذلك انهالت عروض تمويل المشروع من 7 دول هي الاتحاد السوفيتي وألمانيا الديمقراطية وبولندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية بعروض تمويل المشروع الضخم ثم أعلنت أمريكا موافقتها على الاشتراك مع البنك الدولى في تمويل المشروع ومنح مصر 200 مليون دولار علاوة على 200 مليون دولار أخرى تحصل عليها مصر كقروض من البنك الدولي.
وأعلن هربرت هوفر، وكيل الخارجية الأمريكية آنذاك، أن أمريكا ستساهم فى المشروع بمبلغ 55 مليون دولار تؤخذ من اعتماد المعونة الاقتصادية للشرق الأوسط.
وانتظرت القاهرة رد البنك الدولى بشأن عرض التمويل وسافر الدكتور عبد المنعم القيسوني، وزير المالية آنذاك لإجراء مباحثاته مع “يوجين بلاك” مدير البنك الدولى ووافق البنك في 9 يوليو 1956 على تمويل مشروع السد العالي.
وبدأت المؤامرات وتراجعت أمريكا فى عرضها وسحب البنك الدولى عرضه بالتمويل فى 19 يوليو وبدأت مصر تفكر في استغلال مواردها الداخلية فأعلن عبد الناصر، تأميم قناة السويس كشركة مساهمة مصرية وانهالت التبرعات من المواطنين لتنفيذ المشروع وتعرضت مصر للعدوان الثلاثي على مصر من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل وصمدت مصر في وجه المؤامرات.
ولم تترد مصر فى قبول القروض الأجنبية المشروطة وأعلن الاتحاد السوفيتي قرضا قيمته 400 مليون رويل للمساهمة فى المشروع.
وفى 27 ديسمبر عام 1958 تم توقيع الاتفاق بين الاتحاد السوفيتي ومصر لبناء المرحلة الأولى للمشروع وكانت هذه الاتفاقية هي الخطوة الحاسمة فى تاريخ المشروع لتتضمن هذه المرحلة بناء الجزء الأمامي للسد وبناء البوابات والمعدات والآلات اللازمة لتحويل المياه المعتمد عليها مشروعات الري وإصلاح الأراضي.