بتأييد روسي واضح.. الجيش السوري يسبق نظيره التركي الى منبج

 

اربك إعلان الجيش السوري انتشار المئات من عناصره في مدينة منبج، الواقعة تحت سيطرة فصائل كردية سورية، حسابات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دأب على التلويح بدخول المدينة خاصة بعد قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من المنطقة. لكنه ألمح إلى إمكانية التراجع عن الهجوم ودعم “وحدة الأراضي السورية” بما قد يعنيه من قبول بالأمر الواقع خاصة أن روسيا لم تخف انحيازها لموقف دمشق.

وقال الجيش السوري امس الجمعة إنه قد دخل منطقة منبج بعد طلب الأكراد المساعدة لمواجهة التهديدات التركية، في وقت نفى فيه البنتاغون والتحالف الدولي لمحاربة داعش، الذي تقوده الولايات المتحدة، هذه المعلومة.

وبادرت أنقرة في مرحلة أولى إلى تكذيب الأنباء الصادرة عن دمشق بخصوص دخول المدينة، وفي مرحلة ثانية ألمح الرئيس التركي إلى أنه لا يمانع بأن يتولى الجيش السوري دخول المناطق الكردية، في خطوة تهدف إلى استباق تحولات عسكرية وسياسية تلي الانسحاب الأميركي وتصب في صالح الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال الرئيس أردوغان الجمعة إن أنقرة لن يبقى لديها ما تفعله في منبج فور مغادرة “المنظمات الإرهابية” المنطقة. كما لمح إلى أن بلاده ليست متعجلة لتنفيذ عمليتها العسكرية داخل منبج والمناطق الكردية الأخرى.

وأعلن الرئيس التركي للصحافيين بعد صلاة الجمعة في إسطنبول أنه “في ظل الوضع الراهن مازلنا ندعم وحدة التراب السوري. هذه المناطق تنتمي إلى سوريا وفور أن تغادرها المنظمات الإرهابية لن يبقى لدينا ما نفعله هناك”.

وتبين هذه التصريحات أن الرئيس التركي، تفاجأ بالخطوة السورية وقرار الأكراد بإعادة مناطق سيطرتهم إلى نفوذ الأسد، ولذلك بدا وكأنه يعد نفسه للقبول بهذه التحولات كأمر واقع، خاصة أنه لا يعلم بالضبط حدود الدعم الروسي لقرار الأسد دخول منبج، وهل أن العملية قد تمت بالتنسيق مع موسكو، أم أنها قرار سوري فقط؟

ويحمل اعتراف أردوغان “بوحدة الأراضي السورية” تأكيدا من أنقرة على أنها تتخلى عن خططها القديمة في فرض منطقة عازلة على الحدود مع سوريا، ووعودها بهزيمة الوحدات الكردية وطردها من المناطق الحدودية.

وأرسلت أنقرة تعزيزات عسكرية جديدة تابعة للجيش التركي، امس الجمعة، إلى المنطقة بالتوازي مع تعزيزات من الموالين لها. كما أكد بيان صادر عن “الجيش الوطني” (تجمع لفصائل في الجيش الحر) جاهزيته للهجوم على منبج، “تلبية لنداء أبنائها”.

وأعلن الجيش السوري امس الجمعة دخول وحداته إلى منطقة منبج، بعد وقت قصير من توجيه وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، دعوة إلى دمشق للانتشار في المنطقة لحمايتها من التهديدات التركية.

وأورد الجيش في بيان تلاه متحدث عسكري ونقله الإعلام الرسمي السوري “استجابة لنداء الأهالي في منطقة منبج، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن دخول وحدات من الجيش العربي السوري إلى منبج ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها”.

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن بـ“انتشار أكثر من 300 عنصر من قوات النظام والقوات الموالية لها على خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لها”. وقال إنهم فرضوا “ما يشبه طوقا عازلا بين الطرفين على تخوم منطقة منبج من جهتي الغرب والشمال”.

ودعت قيادة الوحدات الكردية الجمعة “الدولة السورية التي ننتمي إليها أرضا وشعبا وحدودا إلى إرسال قواتها المسلحة” من أجل “حماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية”.

ويستبعد مراقبون أي صدام بين القوات التركية والميليشيات الحليفة من جهة، وبين القوات السورية من جهة ثانية، معتبرين أن الجميع سينتظر موقف روسيا وكيفية إدارتها لهذه الأزمة التي قد تفشل ترتيباتها للحل السوري من بوابة مسار أستانة.

وحصر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الدور التركي شرق الفرات، في “القضاء على الإرهاب، ووحدة أراضي سوريا، واستعادة سيادتها”، ما يعني أن التفاهمات مع أنقرة ليس من ضمنها أي بند يمكن أن يؤسس لبقاء القوات التركية على الأراضي السورية بما في ذلك مسوغ منع الأكراد من إقامة كيان خاص بهم كما تريد تركيا.

من جهته، بارك المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف “توسيع منطقة سيطرة القوات الحكومية”، معتبرا أنه “خطوة إيجابية لصالح الاستقرار في المنطقة”.

وقال إنّه سيتم بحث المسألة السبت خلال زيارة يجريها وزيرا الخارجية والدفاع التركيان إلى موسكو ستسمح بـ”تنسيق التحرّك” بين روسيا، حليفة دمشق الرئيسية، وتركيا الداعمة لفصائل سورية.

وأعلنت موسكو امس الجمعة عن عقد قمة ثلاثية تجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، إضافة إلى الرئيس التركي بشأن سوريا في مطلع العام 2019 في روسيا.

وتأتي التحركات العسكرية بعد تطورات دبلوماسية على أكثر من مستوى لصالح دمشق، آخرها إعادة دولة الإمارات امس الاول الخميس افتتاح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات من إغلاقها، ثم إعلان البحرين “استمرار العمل” في سفارتها في دمشق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى