قرّرت الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها من سوريا في أقرب وقت ممكن؛ لم يكن هذا الإعلان عن الانسحاب متوقّعا، وفاجأ توقيته المراقبين لأن معركة إدلب وتطهير شرق سوريا من داعش والقوات العميلة التي تموّلها وتسلّحها دول عربية لم يتم حتى الآن.
الانسحاب الأمريكي جاء نتيجة لعدّة عوامل أساسيّة من أهمها:
أولا: صمود الجيش النظامي السوري وتمكّنه من السيطرة على معظم أراضي الدولة.
ثانيا: هزيمة داعش وانهيار دولتها الظلامية.
ثالثا: فشل الإدارة الأمريكية وإسرائيل ومن لفّ لفيفهما من العرب في تغيير النظام السوري والتخلص من بشار الأسد.
رابعا: تفكّك المنظمات الإرهابية العميلة التي شاركت في الاعتداء على سوريا وشعبها، ودعمتها بعض الدول العربية وأمريكا وإسرائيل بالمال والسلاح.
خامسا: انهيار الجبهة العربية المعارضة لسوريا، وفتح حدودها مع الأردن، وتوقع عودتها الى الجامعة العربية وممارسة دورها كدولة ممانعة حريصة عل المصالح القومية للوطن العربي.
سادسا: التغيير الذي حدث في البيئة الإقليمية، حيث ان الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل قد وضع أصدقاء واشنطن العرب المشاركين في هذه الحرب القذرة في وضع صعب، وكشف ضعفهم وهشاشة دولهم للجماهير العربية، وفضح دورهم التآمري.
سابعا: ازدياد التحالف الذي يضم سوريا وروسيا وإيران وحزب الله قوة وصلابة، ونجاحه في هزيمة المنظمات والقوى المشتركة في العدوان.
هذه العوامل أدّت إلى هزيمة المعتدين، وتغيير قواعد اللعبة، وخلق وضع جديد بعد أن تمكّن الشعب السوري وجيشه وقيادته من إفشال هذه المؤامرة الكبرى التي سيذكر التاريخ أنها كانت الأقسى والأكثر دموية وتدميرا ووحشية في تاريخ العرب الحديث؛ لقد أزهقت مئات ألوف الأرواح البريئة، ودمّرت مدنا وقرى كثيرة، وخلقت صنوفا من المعاناة التي ستستمر طويلا.
إن انتصار الشعب والجيش السوري على دولة داعش الظلامية والمنظمات الإرهابية الأخرى ستكون له استحقاقات جيدة على الوضع في سوريا من أهمها إنهاء القتل والدمار، وعودة ملايين اللاجئين إليها، وتحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار.
المواطنون العرب يأملون أن تتعافى سوريا، وتقيم دولة ديموقراطية، وتستأنف القيام بدورها الريادي في خدمة قضايا الأمة، وأن تكون هذه الكارثة درسا قاسيا لأمتنا العربية يوقظها من سباتها، ويدفعها إلى الوحدة ومحاسبة الخونة العرب الذين تحالفوا مع أمريكا وإسرائيل لإحداث كل هذا القتل والخراب خدمة للطامعين فيها وفي مقدّراتها!