إطلاق كتاب “التديُّن في مناهج وكتب التعليم بإسرائيل”
البيرة/ غزة - خاص
حذر مشاركون في ورشة حول التدين في المناهج وكتب التعليم الإسرائيلية من خطورة المنحى المتصاعد في تديين الكتب التعليمية في إسرائيل، وانعكاسات ذلك على حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه والرواية التاريخية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وطالبوا بفضح المواد التحريضية ضد الفلسطينيين الموجودة داخل الكتب والمناهج الإسرائيلية لدى الرأي العالمي.
كما طالبوا بأن تتضمن المناهج والكتب التعليمية لدى فلسطينيي 48 موادًا تحافظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، وتعمل على تثبيت الحق التاريخي في الأرض. كما شددوا على أهمية بذل مزيد من الجهود لتثبيت اسم فلسطين على الخارطة في المواقع الإلكترونية العالمية، في حين اقترح البعض البناء على هذا البحث، ودراسة كتب أخرى في المناهج الإسرائيلية لتوضيح التحريض الموجود فيها والتحذير منه.
وأشار بعض الحضور إلى أهمية الانتباه في استخدام مصطلح “التعليم العلماني” في إسرائيل، وبخاصة أن من يصنفون أنفسهم كعلمانيين في إسرائيل يعتمدون الدين كركيزة أساسية في الحياة، كما أن المناهج التعليمية تنطلق من الصهيونية التي تستند إلى الدين أساسا .
وكان المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) نظم الورشة في مقريه بالبيرة وغزة، عبر نظام الفيديو كونفرنس، لإطلاق ونقاش كتاب “التديُّن في مناهج وكتب التعليم في إسرائيل” للمؤرخ والباحث الفلسطيني د. جوني منصور. وحضر الورشة عشرات السياسيين والباحثين والشباب، وأدارها في البيرة رازي نابلسي، منسق برنامج “عبد المحسن القطَّان لدراسة المشروع الصهيوني”، فيما أدارها في غزة د. عماد أبو رحمة، المستشار في المركز.
وقال رازي في افتتاح الورشة إن هذا الإصدار هو السادس ضمن برنامج “القطان لدراسة المشروع الصهيوني” الذي أطلقه مركز مسارات في العام 2015، ويعمل على دراسة منظومات السيطرة الصهيونيّة على طريق تفكيكها وتصفية الامتيازات المُرتبطة بها، من وجهة نظر فلسطينيّة وموضوعيّة، غير محايدة في الصراع. هذا بالإضافة إلى المساهمة في بناء رواية فلسطينية موحدة حول نشوء وتطور النظام الصهيوني الاستعماري الاستيطاني على أرض فلسطين، وتحديد سياسات مواجهة وتفكيك المشروع الصهيوني عبر تحويله إلى مشروع خاسر بالتركيز على نقاط ضعفه، والتناقضات في داخله، واستعادة إطار الصراع التحرري ضد النظام الاستعماري الاستيطاني، وتنمية وتطوير مهارات التفكير الإستراتيجي لدى الباحثين الشباب، ومنحهم الآليات اللازمة لفهم المشروع الصهيوني، والمجتمع الإسرائيلي عامة.
بدوره، قال منصور إنّ الأدواتَ الدينيةَ تؤثر فعليًا على سير وأنماط الحياة اليومية، وتُساهم بقوة في تحريك شرائح واسعة من المجتمع باتجاه التدّين. لهذا، فإنّ إسرائيل الرسمية والعامة تشهد في العقدين الأخيرين تغلغلًا متزايدًا لمكونات دينية في مناهج وكتب التعليم في المدراس الإسرائيلية، وخصوصًا مع تسلُّم شخص متدين أو عضو مركزي في حزب متدين أو زعيم حزب متدين لزمام أمور وزارة التربية والتعليم، كما يحصل الآن، حيث يتولّى زعيم حزب “البيت اليهوديّ”، نفتاليّ بينيت، الوزارة، وعندها سيدفع بالقرارات الصانعة لسياسة التعليم في إسرائيل نحو مزيد من التدين.
وأشار إلى المناهج والكتب التعليمية تعمل على إغلاق دائرة السياسي مع الديني لتتعزز ادّعاءات الإسرائيليين بحقّهم في فلسطين، وأن حقّهم هبة إلهية، وأن علاقتهم السياسية والدينية متلاصقة بقوة هذه الادّعاءات. وهذا التوجه هو في صلب الفكر الصهيوني، في تطوراته عبر الزمن، لخلق واقع جديد يوجه قارب المشروع الصهيوني نحو تأسيس الدولة.
وأوضح أن وزارة التعليم الإسرائيلية تعزّز ظاهرة التدين في المدارس والكتب التعليمية، وتعمل على تعميق المركبات الدينية في الوزارة، من خلال توفير الدعم المالي للجمعيات والمؤسسات الدينية وحثها على تقديم خدمات تعليمية من خارج الأطر المدرسية، وفي داخلها.
وتطرق الباحث إلى مواجهة التيار الذي يصنف نفسه “علمانيا” في إسرائيل لظاهرة التدين، منوها إلى أنها أخذت في الآونة الأخيرة منحى مختلفاً عمّا كان في الماضي جرّاء تغلغل كبير للتيارات الدينية في وزارة التعليم، إذ إن ما يريده المعارضون لهذا المنحى هو أنّ لا يكون من يقوم بصياغة المناهج التعليمية، أو من يصادق عليها، ذا ميول دينية أو مقرباً من التيارات الدينية بشكل أو بآخر، بما يؤدي إلى إكساب الطلبة مهارات تعليمية معاصرة ومنفتحة على حضارات وثقافات أخرى، وغير محصورة في دوائر الديانة اليهودية وكتبها الدينية، وعلى رأسها التوراة.
وسرد منصور أمثلة على نصوص ذات توجهات دينية، فمثلًا في دروس موضوع الأدب للصف الثالث الابتدائي، تمّ الكشف عن نصوص تدمج بداخلها مغازي دينية أو رموزاً دينية، كالمبالغة في وصف الأعياد اليهودية وكيفية الاحتفال بها، وفي بعض منها على الطالب (أو الإنسان) أن يطلب المغفرة من الله، مع تغييب مساحة التحليل والتفكير على حساب حافظة الطالب.
وأضاف: تُشير التدقيقات التي أجراها “المنتدى العلماني” (في إسرائيل) لعدد كبير من الكتب التعليمية إلى ظاهرة أخرى غير النص، وهي الرسومات التوضيحية التي ترافق القطع الأدبية أو المواد التعليمية في مواضيع شتّى، تحوي في بعضها دلالات دينية. فعلى سبيل المثال، يظهر في عدد من الرسومات والصور رجل على رأسه قبعة دينية يهودية.
واقترح منصور عددًا من التوصيات، منها أنه على الفلسطيني معرفة وفهم وتذويت جنوح المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين، وأهمية المبادرة الفلسطينية إلى إعادة النظر في مناهج وكتب التعليم في مواضيع مختلفة لتكون معززة للحقوق الفلسطينية في فلسطين، وإعادة بناء منظومة التعليم الفلسطينية بحيث تركز جهودها على تثبيت الحق التاريخي في الأرض، والسعي من أجل إدخال تعديلات وإضافات مستمرة على المناهج والكتب التعليمية، إضافة إلى مواجهة الادّعاءات الإسرائيلية بأن المناهج الفلسطينية هي تحريضية وضد إسرائيل، وذلك من خلال متابعة مستمرة للكتب التعليمية المصادق عليها من قبل وزارة التعليم الفلسطينية، وكشف الحقيقة التحريضية في الكتب التعليمية الإسرائيلية، واللجوء إلى استخدام أدوات مقارنة لتبيان الحقيقة والواقع.