موقف الشعب العربي من مقتل جمال خاشقجي

بعد مرور ما يزيد عن شهرين على جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع جثته وإخفائها، ما زالت هذه الجريمة البشعة التي تعتبر ” أغبى جريمة ” سياسية في التاريخ، تتفاعل وتشغل الرأي العام، وتتناول تفاصيلها وأبعادها واستحقاقاتها المتوقّعة وسائل الإعلام العالمية.

استنكرت معظم دول العالم هذه الجريمة، واتّهمت السلطات السعودية بمحاولة التستّر على من أمروا وخطّطوا وشاركوا بتنفيذها، وطالبتها بالكشف عنهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم، وجابت شوارع الكثير من عواصم ومدن العالم الكبرى مظاهرات جماهيرية تستنكرها، وتطالب بكشف كل الحقائق المتعلقة بها والقصاص من مرتكبيها.

فماذا كانت ردود الفعل الرسميّة والشعبيّة العربية على هذه الجريمة الوحشيّة؟ أيّدت معظم الحكومات العربية الموقف السعودي الذي تناقضت رواياته في الكشف عنها وعن تفاصيلها والمتورّطين فيها، وحاول بعض الحكام العرب الدفاع عن الدولة السعودية وإبعادها عن الشبهة إمّا خوفا من ردود الفعل الرسميّة السعودية، أو طمعا في الحصول على ” كمشة ملايين ” تحصل عليها دولهم ” كمساعدات ” مقابل ذلك! هذا الموقف العربي الرسمي ليس غريبا، بل متوقعا لأن معظم الحكّام العرب فقدوا مصداقيّتهم محليّا ودوليّا، ولا يرجى منهم خيرا، لا في السرّاء ولا في الضرّاء.

لكن المؤسف هو أن الشعب العربي لم يفعل شيئا لإظهار غضبه ورفضه لما حدث؛ لقد تحركت شعوب العالم وخرجت في مظاهرات حاشدة في أمريكا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا، وأستراليا، والأرجنتين وغيرها من الدول، وساهمت في إجبار حكوماتها على الوقوف بحزم ضدّ مرتكبي الجريمة، وطالبتها باتّخاذ إجراءات ضدّ المملكة العربية السعودية، وبعضها استجاب لذلك بإلغاء عقود بيع أسلحة للمملكة، وشعبنا العربي من المحيط إلى الخليج… يتفرّج … وكأن الجنازة ليست جنازته، ولم يحرّك ساكنا إلا في تونس والجزائر احتجاجا على زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

لا أمل لنا كأمّة عربية مثقلة بالهزائم والظلم والجراح في إصلاح وضعنا ما دمنا مستسلمين لواقعنا المشين، … يجب علينا أن نكسر حاجز الخوف … من هذه الأنظمة العربيّة التسلطيّة الفاشلة، ونقدم المزيد من التضحيات لتغيير وإصلاح واقعنا الذي يزداد تردّيا يوما بعد يوم.

الله يأمرنا بمقاومة الظلم والظالمين، ومستقبل وطننا وكرامتنا وأخلاقنا تفرض علينا أن نبجّل ونخلّد الشهيد جمال خاشقجي، ونواصل مسيرته هو ورفاقه الشهداء العرب الذين قالوا الحقيقة وقدّموا أرواحهم دفاعا عنا وفداء لوطننا، ونتصدّى للحكام العرب برفض أوامرهم، ونجاهر بقول كلمة الحق ونفضحهم في المتجر، والمسجد، والجامعة، والمدرسة، وفي كلّ مكان حتى نتخلّص منهم ومن دولهم الفاسدة، ونستعيد حقنا في العيش بحريّة وكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى