درس لحكومة الرزاز.. ماكرون يقدم الحل الذهبي للازمة الاقتصادية الفرنسية المتمثل في رفع الاجور وتخفيض الضرائب
باريس- وكالات

في أول كلمة له منذ بدء حراك “السترات الصفراء” ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأعمال العنف التي شهدتها البلاد وأعلن عن خطة ستعرض اليوم الثلاثاء أمام البرلمان للتغلب على الأزمة.
وخاطب ماكرون الفرنسيين في كلمة متلفزة مساء امس الاثنين بالقول: “أحداث الأسابيع الأخيرة أوقعت البلاد في أزمة وشهدنا مطالب مشروعة”.
وشدد ماكرون على أن “الغضب لا يبرر الاعتداء على رجال الشرطة والدرك وإلحاق الضرر بالمحال التجارية والمباني العامة”، مشيرا إلى أن المشاكل في المجال الاقتصادي الاجتماعي للبلاد تراكمت على مدار العقود الأربعة الماضية وتعكس “الحالة غير السليمة” التي لا يزال يعاني منها المجتمع الفرنسي.
وأكد ماكرون أن حكومته لم تتمكن خلال فترة سلطته من معالجة كل المشاكل و”الاستجابة السريعة والقوية” لحلها، واعترف بأنه يتحمل “جزءا من المسؤولية”.
وأضاف: “أدرك أنني جرحت البعض من خلال تصريحاتي، وأؤمن بقوة بأنه يمكننا إيجاد حل”.
كما أكد أن الحكومة تدرك “الصعوبات التي يعاني منها الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة من الفرنسيين”، مشيرا إلى تزايد الفجوة بين أطياف المجتمع الفرنسي.
ودعا ماكرون أصحاب “السترات الصفراء” الذين يحتجون على السياسة الاقتصادية للحكومة منذ الـ17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى التهدئة والالتزام بالنظام العام.
وأعلن الرئيس الفرنسي أن البلاد تعيش “حالة اقتصادية واجتماعية طارئة”، مؤكدا أنه وضع خطة للتغلب على الأزمة سيقدمها رئيس الوزراء إدوارد فيليب للبرلمانيين اليوم الثلاثاء.
وتتضمن الخطة زيادة الحد الأدنى للأجور بمقدار 100 يورو في بداية العام المقبل وإلغاء الضرائب على ساعات العمل الإضافية وإلغاء المساهمة الاجتماعية العامة المفروضة على المتقاعدين الذين لا يتجاوز أجرهم الـ2000 يورو شهريا، وهي ضريبة التقاعد، التي أثارت ردود فعل غاضبة.
وأضاف ماكرون: “سأطلب من جميع أرباب العمل الذين باستطاعتهم فعل ذلك، دفع مكافآت نهاية السنة وهي معفية من الضريبة”، مشددا على أهمية ضمان حياة كريمة للمواطن الفرنسي.
وأكد على ضرورة انتهاج سياسة توفر فرص العمل وإعادة تأهيل منظومة المعاشات ودفع الأجور.
هذا وقد كشف أوليفييه دوسوبت، سكرتير الدولة في وزارة الحسابات العامة الفرنسية عن تكلفة التنازلات التي أعلن عنها الرئيس ماكرون بالنسبة للميزانية الفرنسية.
وقال هذا المسؤول الحكومي في تصريح لقناة “بي أف أم تي في” إن التكاليف ستبلغ “ما بين 8 و10 مليارات يورو”، مضيفا أن الحكومة تدرس حاليا سبل إيجاد تمويل لتغطية تكاليف هذه التنازلات.
وكان المتحدث باسم الحكومة بنجامين غريفو قال لإذاعة “أوروب-1″، امس الاول الأحد: “واضح أننا أسأنا تقدير حاجة الناس لإسماع صوتهم”.
وقال وزير المالية برونو لومير، إن أسابيع من المظاهرات تشكل “كارثة على الاقتصاد”، بعد أن نشرت الفوضى على الطرق، وأبعدت المتسوقين والسياح عن الأسواق، في الفترة التي تسبق عيد الميلاد.
هذا ولم يتأخر رد حركة السترات الصفراء كثيراً على خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتعلن اليوم الثلاثاء، رفضها لما تعهَّد به في أول خطاب له عن أسواً أزمة داخلية تتعرض لها فرنسا منذ 50 عاماً.
وقد اعتبرت حركة السترات الصفراء أن خطاب ماكرون عن الإصلاح الاقتصادي غير مقنع، مؤكدة مواصلة احتجاجاتها في العاصمة باريس ومدن أخرى حتى تلبية مطالبها الـ40، التي تم إرسالها في وقت سابق إلى وسائل الإعلام المحلية.
هذا الرد السلبي من أصحاب «السترات الصفراء» يحمل أنباءً غير مبشرة للإليزيه، خاصة الرئيس الفرنسي الذي قدم تنازلات كبيرة للمحتجين، بدءاً من إلغاء زيادة الضريبة على الوقود، وانتهاء بالتحسينات الاقتصادية التي أعلنها أمس، ما يُنذر باستمرار الأزمة، ويضع ماكرون في مأزق كبير.
لكن المأزق الأكبر الذي قد يواجهه ماكرون قد يكون خارجياً، حيث أعلنت المفوضيّة الأوروبية أنها ستدرس بعناية كيف ستنعكس على الميزانية الفرنسية الوعود التي أطلقها ماكرون لامتصاص غضب “السترات الصفراء”.
وقال مفوّض شؤون اليورو نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس في ستراسبورغ حيث يعقد البرلمان الأوروبي جلسة عامة: “إننا نتابع من كثب الإجراءات الجديدة المحتملة التي جرى الإعلان عنها، لكن لا يمكننا التعليق عليها قبل أن يتم الإعلان عنها بطريقة صحيحة وبالتفصيل”.
وبدأت حركة “السترات الصفر” تظاهراتها في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في أنحاء فرنسا، رفضا لزيادة الضرائب على أسعار الوقود.
وتصاعدت الحركة الاحتجاجية مع اقتراب رأس السنة، لتصبح تظاهرات عارمة ضد ماكرون، الذي يتهمه المتظاهرون بعدم التعاطف مع الطبقات الشعبية.