باحثاً عن أي ناجٍ من ذكرياتنا

في دراما المشهد المأساوي، تم تدمير بنايتنا ذات الطوابق الخمس على شارع اليرموك في شباط/فبراير 2014، وتم تدمير منزلنا الأخر الواقع في شارع الناصرة (شارع راما) في الجولة الأخيرة منتصف العام 2018. فذهب شقاء السنين وتعب العمر، وذكريات طويلة وممتدة، من عمر السنوات الأولى لنكبة فلسطيني، فكانت بنايتنا أول بناء يتم تدميره في مخيم اليرموك. وكان بيتنا في شارع الناصرة أخر المنازل المدمرة.

ذهب الشيء الهام الذي أنجزناه في حياتنا بعد سنوات النكبة الطويلة، وبعد مشوار الكد والتعب والشقاء، ثروتنا وأريجنا ومخزون ذكرياتنا لأجيال بعد النكبة، فيها قضينا ليالي الشتاء نحتسي الشاي والقهوة الساخنة، ونفطر في الصباح وقبل الذهاب الى المدرسة الخبز الفلسطيني (المفتوت) في حليب الوكالة والمخلوط بسائل الشاي ومعه الكثير من سكر الإعاشة، وتحت سقفها درسنا وتعلمنا وتخرجنا من الجامعة ….

وفي دمارها الأخير، دمار دورنا التي اشدناها طوبة فوق طوبة وبالتدريج وعلى مدى زمنٍ طويل، وفي لحظة لم يفلح الفلسطيني فيها بالسيطرة على دموعه، توقفت عن الكلام عند أنقاضها، أتأمل حجارتها، وأدور حول أنقاضها باحثاً عن أي ناجٍ من ذكرياتنا، لعلها كانت بعض الصور، وبعض الأشياء البسيطة التي لم تتحطم، وبعض الكتب…

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى