ايهما افعل في تشكيل شخصية الإنسان.. الجينات الموروثة أم المهارات المكتسبة ؟؟

 

يحدد الحمض النووي وما يحمله من جينات أدق التفاصيل التي تجعل من أي إنسان كائنا متفردا عن غيره، فالجينات تعني الكثير للإنسان، ليس فقط ملامح وجهه أو شكل بنية جسدية مميز عن غيره، بل احتمالات أكبر للإصابة بأمراض مخصوصة تحدد مستقبل صحة الإنسان، وتركيب فريد لكيمياء المخ يظهر في سلوكياته وعلاقاته الاجتماعية وتكوين شخصيته.

في المقابل، نجد أن العوامل الخارجية المتمثلة في البيئة المحيطة بالإنسان حاضرة بقوة، فلا يمكن إنكار دور الطبقة الاجتماعية التي ينشأ ضمنها الإنسان في تشكيل شخصيته، وما يتبع ذلك من حالة اقتصادية واجتماعية يكتسب وفقها الإنسان عادات وسلوكيات وأنماط حياة تؤثر بشكل أو بآخر على صحته وبنيته وأفكاره وتوجهاته، فمن يفضّ هذا الاشتباك بين الجينات وعوامل البيئة المحيطة؟

الجينات والتجربة العلمية

عرضت صحيفة الغارديان البريطانية تجربة علمية لا تخلو من طابع درامي، كان أبطالها ثلاثة توائم دخلوا دون اختيارهم في تجربة أجراها علماء أرادوا البحث عن نهاية لهذا الجدل القديم بين مؤيدي الجينات باعتبارها المتحكم الرئيسي في حياة الإنسان وبين أصحاب الرأي القائل إن العوامل البيئية والتنشئة الاجتماعية هي صاحبة اليد العليا.

استحقت تجربة التوائم الثلاثة الغرباء، أدي وروبرت وديفيد، أن تحكى في فيلم وثائقي، بدأت أحداثه عام 1980 في مدينة نيويورك، عندما التحق روبرت شافران بالدراسة لأول مرة في إحدى الكليات في شمال نيويورك ليفاجأ بترحيب غير عادي من الطلاب وكأنهم يعرفونه منذ وقت طويل، ما أثار دهشته لأنها كانت المرة الأولى التي تطأ فيها قدماه هذه الجامعة.

لم تطل حيرة روبرت طويلا، فقد علم في ما بعد أن السبب وراء هذا الترحيب الحار تطابق شكله تماما مع طالب آخر اسمه إدي غالند كان يدرس في الكلية ذاتها العام السابق، بحسب ما أكده الطلاب أنفسهم. توجّه روبرت إلى منزل الطالب المدعو إدي للوقوف على حقيقة الأمر. وبمجرد أن فتح إدي باب المنزل وجد روبرت نفسه أمام نسخة منه مطابقة للأصل.

تشابه غير عادي يجمع الشابين، فهما يحملان قسمات الوجه نفسها، والبنية الجسدية القوية، ودرجة لون البشرة الداكنة نفسها، والشعر الأسود المتجعد، والأهم من كل ذلك لهما تاريخ الميلاد نفسه وهو 12 يوليو 1961، ما يعني بما لا يدع مجالا للشك أنهما توأمين متماثلين، وهي الحقيقة التي أكدتها سجلات المواليد.

علم كل منهما أنه تم تبنيه من أسرة مختلفة دون أن يعلم كل منهما أن له شقيقا أو بالأحرى توأما، وسرعان ما تداولت الصحف الأميركية قصتهما في عناوين الأخبار في كامل الولايات المتحدة.

تصاعدت حرارة الأحداث عندما لفتت أخبار قصة التوأمين نظر أحد القراء ويدعى ديفيد كلمان، وهو طالب جامعي لكن في جامعة غير التي التحق بها كل من إدي وروبرت، السر وراء اهتمام ديفيد بالقصة هو أن ملامحه هو أيضا تتطابق بشكل مدهش مع ملامح التوأمين روبرت وإدي، ما دفعه إلى الاتصال بوالدة إدي بالتبني وإخبارها بذلك، بالطبع ذهلت المرأة بعد أن التقت في غضون أسبوعين بشابين شبيهين تماما بابنها.

أصل القصة هو أن ثلاث عائلات مختلفة تبنت كلا من إدي وروبرت وديفيد عندما كانوا رضّعا، وبالطبع فإن جيناتهم أكسبتهم ملامح متطابقة تماما حتى يصعب تمييز الواحد منهم عن الآخر، إلى درجة أن البعض وصفهم بأنهم شخص واحد في ثلاث نسخ.

يمثل فصل الثلاثة والجمع بينهم لاحقا الجانب الدرامي من القصة التي يسردها الفيلم الوثائقي “الغرباء المتماثلون الثلاثة”، إذ اتضح أن القصة في مجملها ما هي إلا حكاية تلاعب طبي، أراد من خلاله الباحثون التوصل إلى نتائج حول دور الجينات والبيئة.

الجينات والبيئة

بعيدا عن عدم مراعاة الجانب الإنساني للتوائم الثلاثة، أتت التجربة بنتائج جيدة في ما يتعلق بالوقوف على حجم دور كل من الجينات والعوامل البيئية في تشكيل الإنسان. عندما التقى التوائم الثلاثة لم يكونوا مجرد ثلاثة أجساد متطابقة فحسب، بل أظهروا تشابها فريدا من حيث العادات، فقد كانوا جميعا يحبون نوعية أفلام السينما نفسها ويدخنون ماركة السجائر نفسها، بل وكانوا جميعا يمارسون رياضة المصارعة في الكلية.

يأتي هذا التشابه العجيب في الشكل والعادات رغم أن كل شاب من الثلاثة عاش طفولة شديدة الاختلاف عن شقيقه، وكانت الأسرة التي تبنت روبرت من طبقة الأغنياء، فيما نشأ إدي في ضاحية وسط أسرة من الطبقة المتوسطة، أما والدا ديفيد فعاشا في حي تسكنه الطبقة الكادحة.

من وجهة نظر العلماء يمكن لإرثهم الجيني تفسير نقاط التشابه القوية بينهم، لكن مع مرور الوقت بدأت قصتهم تأخذ منحى آخر عندما بدأت الاختلافات تظهر بينهم شيئا فشيئا، فقد تغير مظهرهم الجسدي مع التقدم في العمر، واتخذ كل منهم طريقا مهنيا منفصلا عن الآخر، حتى أن الأمر تسبب في إفلاس مشروع كانوا قد تشاركوا في إقامته، وانتهى بهم الحال إلى نتائج مختلفة جدا لحياة كل منهم.

تفاجئ هنا المصائر المختلفة التي انتهت إليها حياة التوائم الثلاثة، لتثبت أن هناك قوى أخرى مهمة بعيدة كل البعد عن الجينات، تدخلت في تحديد كيفية سير حياة كلّ منهم، بعد أن استغلوا التشابه القوي بينهم إلى أقصى حد. ظهروا في التلفزيون وهم يجيبون عن الأسئلة بانسجام تام وأصبحوا مشاهير في مشهد “نيويورك كلوب”، وقاموا بأدوار صغيرة في فيلم مادونا لسنة 1985 بعنوان البحث عن سوزان، وأخيرا فتحوا مطعمهم الخاص بهم باسم تريبلاتس (التوائم الثلاثة).

وأجرى باحثون من جامعة كولورادو بولدر الأميركية دراسة حملت عنوان “البيئة والجينات كلتاهما تؤثر على السلوك”، نشرتها دورية نايتشر العلمية. وكما يوحي عنوان الدراسة، فقد أثبت العلماء من خلالها أن لكل من الجينات الوراثية والبيئة المحيطة دورا محددا في عملية تشكيل السلوك الإنساني.

يرى العلماء في تلك الدراسة أن تطور السلوك الحيواني بوجه عام قام على كل من تطور الجينات وتطور المهارات المكتسبة من البيئة المحيطة على مدار الأجيال، ما أدى إلى تطور السلوك بطريقة الانتقاء الطبيعي، أي أن الجينات تعمل على التمسك بالسلوكيات الأنسب للإنسان فيما تمنحه البيئة المحيطة مرونة لتطويع وتعديل هذا السلوك المكتسب على مدار سنوات عمر الفرد والأجيال المتعاقبة.

وعبّرت الدراسة عن آلية عمل كل من الجينات والبيئة المحيطة بأنهما تدوران في حلقة مفرغة، لأن الجينات بطبيعة الحال لها التأثير الأول على جسد الإنسان من حيث المظهر ووظائف الأعضاء الداخلية، ومن بينها بالطبع مهام المخ من قدرات معرفية وتعلمية وغيرها، والتي تعتبر بمثابة الأساس الذي تبني عليه البيئة تأثيرها بما تقدمه للإنسان من تجارب وخبرات تسهم في تعديل سلوكه في مراحل متقدمه من عمره.

حقيقة التفاعل

بالعودة إلى التوائم الثلاثة، يمكن الخروج من تلك القصة باكتشاف حقيقة التفاعل بين دور الطبيعة متمثلة في الجينات ودور العوامل الخارجية متمثلة في البيئة والظروف المحيطة وتربية الإنسان.

في بداية القصة قد يتوهم المشاهد أن الحمض النووي هو ما يحدد مصير الإنسان، لكن انحراف سير الأحداث في نهاية القصة يجبر المتابع على إعادة النظر في تلك الفرضية، فمن المؤكد أن التربية والظروف المعيشية تدخلتا في نهاية قصة روبرت وإدي وديفيد.

وبهذا يلاحظ أن دور الجينات كان جليا في تشكيل الصفات الشكلية وتكوين بعض العادات، كما يلاحظ أن هناك دورا للبيئة وظروف التنشئة في تحديد التوجهات النهائية في مرحلة متقدمة من العمر، إذن فالمشكلة تكمن في الفصل بين دور العوامل البيئية ودور الجينات.

وعلّق عالم الجينات ستيف جونس، من جامعة لندن، على دور من تسببوا في هذا الإشكال بقوله “تكمن المشكلة في أن الناس ينظرون إلى موضوع الجينات والبيئة كما لو كانتا كعكتين ويفترضون أنه يمكنك الحصول على قطعة من كعكة البيئة ثم قطعة من كعكة العوامل الجينية، وهذا مستحيل، إذ أن الجينات والبيئة كعكة واحدة مخبوزة بالعنصرين معا ولا يمكن فصلهما إلا إذا فسدت عملية خبز الكعكة“.

ايهما افعل في تشكيل شخصية الإنسان.. الجينات الموروثة أم المهارات المكتسبة؟؟

يحدد الحمض النووي وما يحمله من جينات أدق التفاصيل التي تجعل من أي إنسان كائنا متفردا عن غيره، فالجينات تعني الكثير للإنسان، ليس فقط ملامح وجهه أو شكل بنية جسدية مميز عن غيره، بل احتمالات أكبر للإصابة بأمراض مخصوصة تحدد مستقبل صحة الإنسان، وتركيب فريد لكيمياء المخ يظهر في سلوكياته وعلاقاته الاجتماعية وتكوين شخصيته.

في المقابل، نجد أن العوامل الخارجية المتمثلة في البيئة المحيطة بالإنسان حاضرة بقوة، فلا يمكن إنكار دور الطبقة الاجتماعية التي ينشأ ضمنها الإنسان في تشكيل شخصيته، وما يتبع ذلك من حالة اقتصادية واجتماعية يكتسب وفقها الإنسان عادات وسلوكيات وأنماط حياة تؤثر بشكل أو بآخر على صحته وبنيته وأفكاره وتوجهاته، فمن يفضّ هذا الاشتباك بين الجينات وعوامل البيئة المحيطة؟

الجينات والتجربة العلمية

عرضت صحيفة الغارديان البريطانية تجربة علمية لا تخلو من طابع درامي، كان أبطالها ثلاثة توائم دخلوا دون اختيارهم في تجربة أجراها علماء أرادوا البحث عن نهاية لهذا الجدل القديم بين مؤيدي الجينات باعتبارها المتحكم الرئيسي في حياة الإنسان وبين أصحاب الرأي القائل إن العوامل البيئية والتنشئة الاجتماعية هي صاحبة اليد العليا.

استحقت تجربة التوائم الثلاثة الغرباء، أدي وروبرت وديفيد، أن تحكى في فيلم وثائقي، بدأت أحداثه عام 1980 في مدينة نيويورك، عندما التحق روبرت شافران بالدراسة لأول مرة في إحدى الكليات في شمال نيويورك ليفاجأ بترحيب غير عادي من الطلاب وكأنهم يعرفونه منذ وقت طويل، ما أثار دهشته لأنها كانت المرة الأولى التي تطأ فيها قدماه هذه الجامعة.

لم تطل حيرة روبرت طويلا، فقد علم في ما بعد أن السبب وراء هذا الترحيب الحار تطابق شكله تماما مع طالب آخر اسمه إدي غالند كان يدرس في الكلية ذاتها العام السابق، بحسب ما أكده الطلاب أنفسهم. توجّه روبرت إلى منزل الطالب المدعو إدي للوقوف على حقيقة الأمر. وبمجرد أن فتح إدي باب المنزل وجد روبرت نفسه أمام نسخة منه مطابقة للأصل.

تشابه غير عادي يجمع الشابين، فهما يحملان قسمات الوجه نفسها، والبنية الجسدية القوية، ودرجة لون البشرة الداكنة نفسها، والشعر الأسود المتجعد، والأهم من كل ذلك لهما تاريخ الميلاد نفسه وهو 12 يوليو 1961، ما يعني بما لا يدع مجالا للشك أنهما توأمين متماثلين، وهي الحقيقة التي أكدتها سجلات المواليد.

علم كل منهما أنه تم تبنيه من أسرة مختلفة دون أن يعلم كل منهما أن له شقيقا أو بالأحرى توأما، وسرعان ما تداولت الصحف الأميركية قصتهما في عناوين الأخبار في كامل الولايات المتحدة.

تصاعدت حرارة الأحداث عندما لفتت أخبار قصة التوأمين نظر أحد القراء ويدعى ديفيد كلمان، وهو طالب جامعي لكن في جامعة غير التي التحق بها كل من إدي وروبرت، السر وراء اهتمام ديفيد بالقصة هو أن ملامحه هو أيضا تتطابق بشكل مدهش مع ملامح التوأمين روبرت وإدي، ما دفعه إلى الاتصال بوالدة إدي بالتبني وإخبارها بذلك، بالطبع ذهلت المرأة بعد أن التقت في غضون أسبوعين بشابين شبيهين تماما بابنها.

أصل القصة هو أن ثلاث عائلات مختلفة تبنت كلا من إدي وروبرت وديفيد عندما كانوا رضّعا، وبالطبع فإن جيناتهم أكسبتهم ملامح متطابقة تماما حتى يصعب تمييز الواحد منهم عن الآخر، إلى درجة أن البعض وصفهم بأنهم شخص واحد في ثلاث نسخ.

يمثل فصل الثلاثة والجمع بينهم لاحقا الجانب الدرامي من القصة التي يسردها الفيلم الوثائقي “الغرباء المتماثلون الثلاثة”، إذ اتضح أن القصة في مجملها ما هي إلا حكاية تلاعب طبي، أراد من خلاله الباحثون التوصل إلى نتائج حول دور الجينات والبيئة.

الجينات والبيئة

بعيدا عن عدم مراعاة الجانب الإنساني للتوائم الثلاثة، أتت التجربة بنتائج جيدة في ما يتعلق بالوقوف على حجم دور كل من الجينات والعوامل البيئية في تشكيل الإنسان. عندما التقى التوائم الثلاثة لم يكونوا مجرد ثلاثة أجساد متطابقة فحسب، بل أظهروا تشابها فريدا من حيث العادات، فقد كانوا جميعا يحبون نوعية أفلام السينما نفسها ويدخنون ماركة السجائر نفسها، بل وكانوا جميعا يمارسون رياضة المصارعة في الكلية.

يأتي هذا التشابه العجيب في الشكل والعادات رغم أن كل شاب من الثلاثة عاش طفولة شديدة الاختلاف عن شقيقه، وكانت الأسرة التي تبنت روبرت من طبقة الأغنياء، فيما نشأ إدي في ضاحية وسط أسرة من الطبقة المتوسطة، أما والدا ديفيد فعاشا في حي تسكنه الطبقة الكادحة.

من وجهة نظر العلماء يمكن لإرثهم الجيني تفسير نقاط التشابه القوية بينهم، لكن مع مرور الوقت بدأت قصتهم تأخذ منحى آخر عندما بدأت الاختلافات تظهر بينهم شيئا فشيئا، فقد تغير مظهرهم الجسدي مع التقدم في العمر، واتخذ كل منهم طريقا مهنيا منفصلا عن الآخر، حتى أن الأمر تسبب في إفلاس مشروع كانوا قد تشاركوا في إقامته، وانتهى بهم الحال إلى نتائج مختلفة جدا لحياة كل منهم.

تفاجئ هنا المصائر المختلفة التي انتهت إليها حياة التوائم الثلاثة، لتثبت أن هناك قوى أخرى مهمة بعيدة كل البعد عن الجينات، تدخلت في تحديد كيفية سير حياة كلّ منهم، بعد أن استغلوا التشابه القوي بينهم إلى أقصى حد. ظهروا في التلفزيون وهم يجيبون عن الأسئلة بانسجام تام وأصبحوا مشاهير في مشهد “نيويورك كلوب”، وقاموا بأدوار صغيرة في فيلم مادونا لسنة 1985 بعنوان البحث عن سوزان، وأخيرا فتحوا مطعمهم الخاص بهم باسم تريبلاتس (التوائم الثلاثة).

وأجرى باحثون من جامعة كولورادو بولدر الأميركية دراسة حملت عنوان “البيئة والجينات كلتاهما تؤثر على السلوك”، نشرتها دورية نايتشر العلمية. وكما يوحي عنوان الدراسة، فقد أثبت العلماء من خلالها أن لكل من الجينات الوراثية والبيئة المحيطة دورا محددا في عملية تشكيل السلوك الإنساني.

يرى العلماء في تلك الدراسة أن تطور السلوك الحيواني بوجه عام قام على كل من تطور الجينات وتطور المهارات المكتسبة من البيئة المحيطة على مدار الأجيال، ما أدى إلى تطور السلوك بطريقة الانتقاء الطبيعي، أي أن الجينات تعمل على التمسك بالسلوكيات الأنسب للإنسان فيما تمنحه البيئة المحيطة مرونة لتطويع وتعديل هذا السلوك المكتسب على مدار سنوات عمر الفرد والأجيال المتعاقبة.

وعبّرت الدراسة عن آلية عمل كل من الجينات والبيئة المحيطة بأنهما تدوران في حلقة مفرغة، لأن الجينات بطبيعة الحال لها التأثير الأول على جسد الإنسان من حيث المظهر ووظائف الأعضاء الداخلية، ومن بينها بالطبع مهام المخ من قدرات معرفية وتعلمية وغيرها، والتي تعتبر بمثابة الأساس الذي تبني عليه البيئة تأثيرها بما تقدمه للإنسان من تجارب وخبرات تسهم في تعديل سلوكه في مراحل متقدمه من عمره.

حقيقة التفاعل

بالعودة إلى التوائم الثلاثة، يمكن الخروج من تلك القصة باكتشاف حقيقة التفاعل بين دور الطبيعة متمثلة في الجينات ودور العوامل الخارجية متمثلة في البيئة والظروف المحيطة وتربية الإنسان.

في بداية القصة قد يتوهم المشاهد أن الحمض النووي هو ما يحدد مصير الإنسان، لكن انحراف سير الأحداث في نهاية القصة يجبر المتابع على إعادة النظر في تلك الفرضية، فمن المؤكد أن التربية والظروف المعيشية تدخلتا في نهاية قصة روبرت وإدي وديفيد.

وبهذا يلاحظ أن دور الجينات كان جليا في تشكيل الصفات الشكلية وتكوين بعض العادات، كما يلاحظ أن هناك دورا للبيئة وظروف التنشئة في تحديد التوجهات النهائية في مرحلة متقدمة من العمر، إذن فالمشكلة تكمن في الفصل بين دور العوامل البيئية ودور الجينات.

وعلّق عالم الجينات ستيف جونس، من جامعة لندن، على دور من تسببوا في هذا الإشكال بقوله “تكمن المشكلة في أن الناس ينظرون إلى موضوع الجينات والبيئة كما لو كانتا كعكتين ويفترضون أنه يمكنك الحصول على قطعة من كعكة البيئة ثم قطعة من كعكة العوامل الجينية، وهذا مستحيل، إذ أن الجينات والبيئة كعكة واحدة مخبوزة بالعنصرين معا ولا يمكن فصلهما إلا إذا فسدت عملية خبز الكعكة“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى