وداعاً للقبة الحديدية.. صواريخ المقاومة تضللها مراراً وتنتهك قدراتها وتشتت اتجاهاتها

لطالما تباهت “إسرائيل” بالقبة الحديدية واعتبرتها أحد أهم إنجازاتها العسكرية الحديثة في صد صواريخ المقاومة الفلسطينية قصيرة المدى وتحييدها وإبطال مفعولها، ولكن مع كل جولة تصعيد يظهر ضعفها في أداء مهامها على أكمل وجه، والفشل في إسقاط الأهداف القادمة من قطاع غزة.
وكشفت جولة التصعيد الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، حالة التراجع للقبة الحديدية، إذ سقطت غالبية الصواريخ التي أطلقت من غزة في المستوطنات الإسرائيلية، وأحدثت خسائر في الأرواح وفي المباني بشكل مؤثر.
وأطلقت المقاومة الفلسطينية، منذ يوم أمس الاول الاثنين، قرابة 400 صاروخ من نوع (107)، وأخرى محلية الصنع، وقذائف هاون، ولكن القبة الحديدية أسقطت أقل من 10% منها، وفق خبراء عسكريين تحدثوا لـ”الخليج أونلاين”.
والقبة الحديدية هي نظام دفاع جوي بالصواريخ ذات القواعد المتحركة، طورته شركة “رافئيل” الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة، والهدف منه اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.
في شهر فبراير/ شباط من 2007 اختار وزير الحرب الإسرائيلي، عمير بيرتز، نظام القبة الحديدية كحل دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن “إسرائيل”، ومنذ ذلك الحين بدأ تطور النظام الذي بلغت كلفته 210 ملايين دولار بالتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد دخل الخدمة في منتصف عام 2011.
وتقدر تكلفة الصاروخ الواحد المعترض في القبة الحديدية بما بين 35 ألفاً و 50 ألف دولار، وحتى 62 ألف دولار وفقاً للمصادر الإسرائيلية.
وسجلت سلطات الاحتلال، يوم امس الثلاثاء سقوط عدد من القتلى والجرحى، وحدوث خسائر جسيمة بين المباني بفعل صواريخ المقاومة التي سقطت على عسقلان، وسديروت، وعدد من البلدات الإسرائيلية المحتلة.
وكانت قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، الأحد الماضي، لتنفيذ مهمة استخباراتية كبيرة، لكن “كتائب القسام”، الجناح المسلح لحركة “حماس”، كشفت تلك القوة، واشتبكت معها وأوقعت بها خسائر، واستشهد القائد بها نور الدين بركة و6 آخرون، ثم تدحرجت الأحداث في القطاع وصولاً إلى القصف المتبادل .
الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، يؤكد أن القبة الحديدية فشلت بشكل كبير في اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية قصيرة المدى التي انطلقت صوب البلدات الإسرائيلية، إذ كانت قدرتها على الأرض اعتراض 7% من إجمال تلك الصواريخ.
ويقول عريقات : “بعد سقوط الصواريخ وعدم قدرة القبة على التصدي للكثير منها، أصيب قادة إسرائيل بالصدمة والارتباك؛ بسبب هذه الإخفاق الجديد لهم، بعد فشل عملية خانيونس، وكشف القوة الخاصة من قبل المقاومة الفلسطينية”.
ويضيف: “فشل القبة الحديدية في إسقاط الصواريخ الفلسطينية يعني إضافة جديدة لتآكل قوة الردع الإسرائيلية أمام المقاومة، خاصةً بعد رسالتها الأخيرة وهي استهداف حافلة الجنود بهذا الشكل وإحراقها بالكامل”.
ويوضح أن “إسرائيل” دائماً تسوق أن القبة الحديدية ناجعة بنسبة 100%، ولكن هذه الجولة أثبتت عكس ذلك، حيث باتت عاجزة أمام الصواريخ التي تنطلق من غزة.
ويرجع الخبير العسكري الأسباب وراء فشل القبة إلى “تضاعف قدرة ومهارات المقاومة الفلسطينية في إطلاق الصواريخ وتصنيعها”، لافتاً إلى أنه “في حال انهمر مزيد من الصواريخ على “تل أبيب” فستكون “إسرائيل” أمام أمر صعب جداً”.
وعن الوضع الميداني، يشير عريقات إلى أن الأحداث الآن في المنطقة الرمادية، وربما تتدحرج إلى تصعيد أكبر، أو تراجع إسرائيلي في ظل فشل منظومة القبة.
الخبير العسكري يوسف الشرقاوي يرى أن القبة الحديدية لجيش الاحتلال الإسرائيلي كانت “متواضعة” في هذه الجولة في مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية، إذ سجلت أقل من 10% من أداء مهامها في التصدي للصواريخ.
ويقول الشرقاوي : “في هذه الجولة سجلت المقاومة إنجازاً كبيراً؛ وهو ضبط ميدان المعركة والتحكم به، والتنقل من مكان لآخر في سقوط الصواريخ، وعدم التسرع، والتدرج في وصول الصواريخ إلى البلدات المحتلة، مع تحقيق خسائر مؤكدة بين صفوف جيش الاحتلال”.
ويوضح أن المقاومة استخدمت استراتيجية جديدة في قصف الصواريخ، وحققت “مفاجآت”، من خلال عدم قدرة القبة الحديدية على الوصول إلى صواريخها أو إسقاطها في الأجواء، وهو “تطور كبير” عن الجولات السابقة.
ويستدرك بالقول: “إسرائيل في مأزق كبير أمام فشل قبتها وخروجها عن الخدمة، لذلك ستضغط على الطرف المصري من أجل إنقاذها ووقف هذه المعركة في أقرب فرصة”.