يعيش الأزهر مخاضا تحديثيا يواجه عقبات من الداخل، حيث يسيطر رجال دين متشددون على عملية صناعة القرار، ويقاومون تغييرا يتخذ أغلبه مسارا بطيئا من أعلى إلى أسفل.
وفي ظل فوضى تبدو متحكمة في عملية الفتوى في مؤسسة مترامية الأطراف، أصدر “مركز الأزهر العالمي للإفتاء” فتوى قال فيها إن “مصافحة الخطيب لخطيبته أو لمسها قبل أن يعقد عليها غير جائز لأنها أجنبية عنه”.
وأوضحت الفتوى أن “هذا أمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد على فاعل ذلك”. وأشار المركز إلى أنه “من المعلوم أن المفاسد المترتبة على اللمس والمصافحة للنساء الأجنبيات كثيرة، منها تحريك الشهوة، وضعف أو فقد الغيرة، وذهاب الحياء، فإن من مدت يدها لمصافحة الرجال فلا تأمن أن تجرها المصافحة إلى الانبساط بالحديث وغيره”.
وتوحي اللهجة المستخدمة بانفصال تام عن واقع يشهد تقاربا كبيرا بين الجنسين في أماكن العمل ووسائل المواصلات والمناسبات الاجتماعية والمراكز البحثية والعلمية، كما يستهدف جيلا شابا عاش في عصر تكنولوجيا قائمة على “التواصل الاجتماعي” بين الناس من الجنسين، ويتسم باستعداد كبير للتخلي عن تقاليد محافظة كانت تنظر إلى المرأة في السابق باعتبارها “أحد المغريات المؤدية إلى ارتكاب المعاصي”.
وتأتي هذه الفتوى، التي أثارت جدلا كبيرا في مصر، في وقت يمر فيه الأزهر بصراع داخلي بين أطياف فكرية متعددة، بعد إقدام قادته على اتخاذ قرارات اعتبرها مراقبون داعمة لتجديد يمكن التعويل عليه في مواجهة جمود تعاني منه قيادة المؤسسة. لكن هذه القرارات اصطدمت بتيار متشدد يرفض الالتزام بها ويسعى إلى تعطيلها.
وتناقض فتوى الأزهر حول علاقة الخطيب بخطيبته تغيرا في نهج الأزهر في ما يتعلق بقضايا مجتمعية حساسة، كالتحرش والطلاق، بدأ يتعامل معها من منطلق مدني بدلا من نهج ديني بحت يتعارض مع واقع المجتمع.