فاروق الفيشاوي يتحدى مرض السرطان ويحلم بتجسيد دور المطران كبوتشي

رحلة فنية وإنسانية طويلة ومليئة بالأحداث المثيرة، عاشها الفنان المصري فاروق الفيشاوي. أحدث محطاتها إعلانه بجرأة متناهية اصابته بمرض السرطان في حفل تكريمه في الدورة الـ34 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط أكتوبر/تشرين الاول الجاري.

وخلال الحفل أكد موقف الفيشاوي قدرته الكبيرة على مواجهة الصعاب والتي لم يتخل عنها طوال مسيرته، لأنه قرر منذ البداية أن يعيش حياته كفنان وإنسان على طريقة ما يفعله النجوم الكبار في العالم.

عندما أفصح عن إصابته بمرض السرطان، أكد لجمهوره ومحبيه أنه سينتصر عليه، لأنه يتعامل معه كـ”صداع في رأسه”. في تلك اللحظات الإنسانية الجياشة لم يخش نظرات العطف التي وجدها في أعين الحاضرين، ولا يقبلها بحكم تركيبته القوية التي تجمع بين قوة الشخصية والثقة بالذات.

خالف الفيشاوي، الذي تجاوز عامه الخامس والستين، قواعد المشاهير الذين يختفون دائما عن الأضواء، حال تعرضهم لأزمة صحية كبيرة، كي لا يكونوا تحت مجهر فضول وسائل الإعلام والتعاطف الجماهيري، وكان الكثير من أصحاب الشهرة يلجأون إلى إخفاء مثل هذه الأخبار أو يفصحون عنها بعد تعافيهم منها، كما فعلت المطربة اللبنانية إليسا عندما أخبرت جمهورها بإصابتها بمرض سرطان الثدي بعد امتثالها للشفاء.

اختار أن يسير على درب نجوم عالميين، كأنه يمتلك مثلهم نجمة على ذلك الرصيف الشهير، مثل مايكل دوغلاس وماريكا كروس وبين ستلر، وجميعهم اعترفوا صراحة بإصابتهم بمرض السرطان في أماكن عامة وأمام عدد من الجمهور لتكون تلك أصدق اللحظات وأكثرها بريقا لأي فنان يحتفظ بذلك القدر من الشجاعة.

قوته ظهرت في مواجهة الأزمة أمام الجميع، ما أكد عليه مجددا عندما طاف في رحلة بحرية على هامش المهرجان بصحبة زميلته إلهام شاهين ثم ظهوره إعلاميا مؤخرا ضمن برنامج “معكم” مع الإعلامية منى الشاذلي على قناة “سي بي سي” المصرية قبل أن يدخل المرحلة العملية للعلاج.

بدت لغة الخطاب التي ظهر بها الفيشاوي في اللقاء مع الشاذلي مختلفة عن غيرها من اللقاءات التي أجراها على مدار حياته الفنية، وتميزت بالملامح الراضية بالمقسوم والقضاء والقدر، بخلاف طريقة جلوسه المعتادة والتي تشي بشكل من التعالي، وفي تلك المرة اختار في ظهوره أن يربع يديه لتعكس ثقته الكبيرة واسترخاءه في تعامله مع محنته الجديدة.

خياراته الفنية تنفتح على الانتماء إلى الكادحين وأبناء الطبقة المتوسطة في أغلب أعماله، فقدم في أفلام “ليه يا بنفسج” و“الجراج” شخصيات غير نمطيةخياراته الفنية تنفتح على الانتماء إلى الكادحين وأبناء الطبقة المتوسطة في أغلب أعماله، فقدم في أفلام “ليه يا بنفسج” و“الجراج” شخصيات غير نمطية.

استمرت حياة الفيشاوي الصاخبة تصاحبه على مدار تاريخه الفني، وتميزت بالكثير من الجرأة، ومن أكثر الوقائع شهرة عندما اعترف في حوار نشر على صفحات مجلة “أكتوبر” مع الكاتب صلاح منتصر، بتعافيه من الإدمان بعد رحلة طويلة وصعبة مع المخدرات، وحقق بسبب تلك الواقعة الكثير من الشعبية والتعاطف الجماهيري، لأن الناس احترمت صراحته.

تعرض الفيشاوي لهجوم قاس خلال واقعة رفضه الاعتراف بنسب حفيدته لينا إلى نجله الفنان أحمد الفيشاوي عبر زيجة غير شرعية، شغلت الرأي العام وطال النزاع ساحات المحاكم إلى أن اعترف في النهاية بهذا النسب واعتذر عما بدر منه في السابق.

كشفت واقعة إعلان الفيشاوي عن إصابته بالسرطان مفتاح شخصيته المثيرة، التي تدور غالبا في إطار الإثارة، والتي يبدو أن ابنه الفنان الشاب أحمد الفيشاوي ورثها عنه، فهو دائم الصخب في تصرفاته ويختار أعمالا مثيرة، تعزز جرأته الكبيرة.

بدأت رحلة فاروق الفيشاوي منذ أكثر من أربعين عاما، مع اكتشاف المخرج المسرحي الراحل عبدالرحيم الزرقاني له أثناء تأديته لدور في إحدى المسرحيات التي عرضت على مسرح جامعة القاهرة، والتي أسفرت عن قدرات الممثل الكبيرة وجرأته في تأدية الأدوار الصعبة والمعقدة.

وقتها قرر الفيشاوي بدء رحلة طويلة مع الجرأة الفنية بالمجازفة بترك الدراسة بالصف الثالث من كلية الآداب “قسم اللغات الشرقية”، والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، مع أن طموحه الأساسي لم يكن منصبا في التمثيل فقط، بل كان يريد أن يكون أستاذا جامعيا حتى مع عشقه للتمثيل منذ الطفولة.

تميز الفيشاوي في حياته الفنية التي أدى خلالها نحو 230 عملا فنيا، بتحد واضح في إثبات ذاته على الساحة الفنية، ولم يعبأ كثيرا بنجاحات من سبقوه مثل عادل إمام أو من صعدوا في نفس المرحلة العمرية مثل الراحل محمود عبدالعزيز ونور الشريف، ولم يخش دخول الساحة الفنية بقوة بتجربة تقديم أدوار جريئة كشخصية الشرير والمتملق في بداية المشوار، ليتعرف عليه الجمهور للمرة الأولى في مسلسلي “حصاد العمر” أمام الفنان الراحل محمود المليجي ثم “أبنائي الأعزاء شكرا” مع الفنان عبدالمنعم مدبولي.

هذا الاوان يحاول الفيشاوي تجاوز أزمته المرضية حاليا، كي يحقق حلمه في تجسيد شخصية المطران هيلاريون  كابوتشي، رجل الدين المسيحي السوري الأصل الذي عرف بنضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من خلال عمله في كنيسة الرّوم الكاثوليك في القدس، وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما بسبب دعمه للمقاومة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى