ملخص الوثيقة الفكرية ومشروع الميثاق القومي للتيار العربي الناصري في فلسطين

بقلم : موفق عبد الرحمن

على مفترق الطريق بين البقاء والفناء .. وعلى شفا جرف هائل آخذ في الانهيار .. تقف الامة العربية الآن امام تحد .. هو اخطر ما واجهته في تاريخها .. هو تحدي الوجود والمصير …
في هذا التحدي المثير لا تنتظر الامة زعيما قوميا لا يجيء .. فقد ولى عصر الزعامات التاريخية وفات .. ولا تملك اداة قومية تعادل اثر الزعيم .. ولا تتوقع دعما عاجلا ممن لا يملكونه من ضحايا القهر والحاجة خارج حدودها .. ولا يمكن لها ان تعتمد على الانظمة الحاكمة ولا على النظام العربي الذي يضمها لانها جزء من ازمتها .. كما لا يمكن لها ان تنتظر العون من اعدائها التاريخيين .. الذين صنعوا ماساتها .. وقطعوا شوطا بعيدا في تدمير مقومات وجودها دون توقف ٠٠٠٠

في هذا الظرف العصيب .. ليس لهذه الامة .. في مواجهة محنتها حليف الا مع نفسها .. وان على هذا الجيل من ابنائها تقع مسؤولية انقاذها .. بالعمل على استعادة وعيها بذاتها .. واستدعاء طاقاتها الفكرية والروحية والمادية .. وتوجيه هذه الطاقات لاتمام تحول جذري شامل .. بابداع مشروعها التاريخي للحرية .. وحشد الجماهير لتنفيذ مهمتها التاريخية بتحويله واقعا على ارضها .. والتمتع بثماره ووعوده سلاما وامنا .. كفاية وعدلا .. ودورا يتكافا مع رصيدها ومخزونها النضالي في تحديد مصير البشرية والقرار العالمي …

وعلى هذا الطريق .. لا بد ان يوفر هذا الجيل لنفسه وعيا حقيقيا بمنطق تاريخه النضالي يستند الى تحليل علمي وتقييم ثوري لهذا النضال في نشأته ومراحل تطوره .. في انتصاراته وانكساراته .. وان يبدع على اساسها دوره النضالي .. ومشروعه الفكري .. ومهمته ورسالته التاريخية …
وقد التقينا طوعا على دراسة معمقة لواقع الامة .. وانتهينا الى ادراك حقيقي لمحنتها .. فقد استقر عزمنا على ان نبدا الخطوة الاولى في اتجاه انقاذها .. باستعادتها لدورها ومشروعها ومهمتها التاريخية .. لقد قدرنا بعد مناقشات عميقة ومستفيضة ومرهفة .. ان مستقبل الامة على هذا الطريق وفقا لهذه الرؤية .. يبدا بتحديد موقفنا من الانسان والحياة وحركة التاريخ .. نرفع به عن كاهل وعينا ضغوطا ثقيلة لتلك الثنائية الازلية بين الفكر والمادة .. ونتجه من خلاله لتحديد رؤية لحركة التاريخ .. نكشف عن مستوياته ومحاوره ومنطقه ..
ومن خلال هذا الاطار الفكري نحاول ان نقدم تحلبلا عميقا لعصرنا .. ثم عالمنا في سياق وظروف عصرنا لنكشف عن المفارقة فيما بينهما
. ونستخلص من خلال المقابلة التناقضات الاساسية بين عصرنا وواقعنا .. ومنها الى القوانين التي تحكم هذه الحركة التاريخية .. بها نختار استجابتنا المناسبة ردا عمليا على كل التناقضات .. ومنه نبني هرم الفكر القومي الشامخ .. ومنه نبدع مشروعنا القومي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا .. ونرسي القواعد الراسخة لبناء مجتمع جديد يحقق الغايات النهائية للانسان العربي .. ويوفر في الوقت ذاته ظروف وشروط بناء الانسان العربي الجديد .. الذي يقيم صرح المجتمع على القواعد الانسانية والاخلاقية التي تحمل رحلة البشرية الى الامام .. ونجعل من ذلك كله مشروعا للامل .. يبدا من تحقيق وعي الامة بذاتها .. وتحفيز ارادتها على انجاز هذه الذات في دولتها الطبيعية .. التي تعبر عن استجابة صحيحة .. علمية وعملية وموضوعية .. على التحديات التي تواجهنا في ظروف عالمنا وفي سياق عصرنا …
ان رحلتنا على هذا الطريق .. تلتزم بالضرورة بثوابت وعينا القومي ونراها فيما يلي :
اولا .. ان الوحدة العربية هي حقيقة الوجود العربي .. وان الوجود القومي العربي الحقيقي هو التصويب الحق لرحلة الامة ورحلة البشرية على طريق الخلاص ..
ثانيا : ان الثورة بالضرورة هي الجسر الوحيدالذي يستطيع النضال العربي ان تعبر عليه من الماضي الى المستقبل .. وهي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها الامة تحرير نفسها من الاغلال ورواسب الماضي .. مواجهة تحدي التخلف الذي ينتظرها وغيرها من الامم التي لم تستكمل بعد نموها .. ان الثورة حركة شعب باسره لتعويض ما فات من تقدم اقتصادي نحو حياة افضل .. انها عمل انساني واع ومسؤول واخلاقي …
ثالثا : لهذا فان العمل الثوري لا يمكن ان يتحقق بغير توافر ثلاث سمات رئيسية .. الشعبية والتقدمية والعقائدية ..
رابعا : ومن الضروري هنا ان نؤكد ان انجاز هذه المهمة التاريخية لايمكن ان يتحقق الا بفضل تلك الضمانات التي حددها ميثاق العمل الوطني …
ارادة تغيير ثوري ترفض اي قيد او حد الاحقوق الجماهير الشعبية العربية ومطالبها ..
طليعة ثورية تمثل ارادة التغيير الثوري وتتحمل مسؤولي انجاز مشروعها ..
وعي عميق بالتاريخ واثره على الانسان المعاصر وبقدرة هذا الانسان بدوره على التاثير في حركة التاريخ …
فكر مفتوح لكل التجارب الانسانية .. ياخذ منها ويعطيها .. لا يصدها عنه بالتعصب .. ولا يصد نفسه عنها بالعقد …
ايمان لا يتزعزع بالله وبرسله .. ورسالاته القدسية التي بعثها بالحق والهدى الى الانسان في كل زمان ومكان …
بهذه المباديء والضوابط والضمانات تستطيع الجماهير العربية انجاز مشروعها الجبار لنفسها .. ولكل شعوب الارض من ضحايا الاستعمار والاستغلال والتخلف والتفاوت والهيمنه
ان الامة العربية .. تحت القصف الدائم .. تواجه خطر الفناء .. وشعبها وحده مسؤول عن انقاذها .. وعليه ان يقرر وان يختار .. وتلك هي المسالة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى