اعتبر محللون سياسيون ومختصون بالشأن الإسرائيلي، أن عملية “بركان” أمس الاول الأحد؛ التي أسفرت عن مقتل مستوطنيْن وإصابة ثالث وانسحاب المنفذ، “مؤشر على فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية والسياسات المتبعة ضد الضفة الغربية”.
ورأى ياسر مناع؛ الباحث في مركز “القدس” لدراسات الشأن الإسرائيلي، أن عملية “بركان” أعادت إلى الواجهة قضية قديمة جديدة بالنسبة للإسرائيليين، وهي مسألة الأمن وقدرة الجيش على توفير الحماية للمستوطنين وإحباط العمليات قبل وقوعها.
وأشار مناع في حديث لـ “قدس برس” اليوم الإثنين، إلى أن العملية أثبتت من جديد بأن نظرية الأمن هي نظرية هشة وكل تلك المنظومة، وما تمتلكه من وسائل فشلت أمام شاب يبلغ من العمر 23 عامًا.
وبيّن أن الاحتلال لن يستخدم إلا وسائل معروفة كإجراءات عقابية، أهمها العقاب الجماعي، والذي يجر الشارع الفلسطيني لمزيد من الاحتقان وصولًا إلى اندلاع مواجهة جديدة.
وتابع: “الضفة الغربية شهدت مؤخرًا مستوى منخفض من العمليات، لكنها كانت مؤلمة للاحتلال ونوعية، وجاءت ردًا على جرائم واعتداءات المستوطنين”.
ولفت الباحث في الشأن الإسرائيلي النظر إلى أن قوات الاحتلال ستُحاول جاهدة وبكل الطرق إلقاء القبض على منفذ عملية بركان أو اغتياله حتى لا تكون هنالك احتمالية أخرى لتنفيذه عملية جديدة.
واستطرد: “هذه الحادثة سوف يتم استغلالها في تناحر الأحزاب والشخصيات السياسية في إسرائيل”.
وقال مناع إن إسرائيل لا تريد في هذه المرحلة التصعيد في الضفة الغربية بالتزامن مع خوفها المتكرر من تكرار هذا النوع من العمليات، وأن يصبح هذا الشاب ومن قبله أحمد جرار مثالًا وقدوة للشاب الفلسطيني.
من جانبه، أفاد المحلل السياسي ساري عرابي، بأن هذا النمط من العمليات لم يتوقف منذ بدء أحداث 2015، والتي تتسم بالفردية وبشكل متباعد ما بين العمليات التي تعبر عن حالة كفاحية ونضالية بالرغم من الظروف التي تعيشها الضفة الغربية.
وصرّح عرابي لـ “قدس برس” بأن جملة سياسات اقتصادية تعيشها الضفة الغربية منذ سنوات تسعى لصرف الوعي الفلسطيني عن الحالة الكفاحية، تزامنًا مع الممارسات الإسرائيلية على الأرض.
وأردف: “تأتي هذه العملية لتؤكد على عدم قدرة تجاوز هذا الوعي النضالي رغم الممارسات الإسرائيلية والسياسات القائمة، والمستوى الأمني الإسرائيلي يقرأ هذا المشهد ويعلم محدودية عمله وقدرته على اختراق الحالة الكفاحية لدى الشباب الفلسطيني”.
وأوضح أن “حجم العمليات الفردية وكثافتها، وربما محدودية فعاليتها، يأتي متناسبًا مع وضع الحالة الكفاحية في الضفة مؤخرًا وحجم الضغوط والظروف الأمنية”.
ولفت النظر إلى أن محاولات التقليل من أهمية هذه العمليات وإثارة الشكوك حول جدواها “يندرج في إطار تجريد الوعي الفلسطيني عبر منهج سياسي واقتصادي يجري العمل به في الضفة”.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن الجيش الإسرائيلي يخشى من أن تشكّل عملية الأمس في مستوطنة “بركان” (شمالي سلفيت)، “إلهامًا للشبان في الضفة الغربية لتكرارها”.
وأشارت الصحيفة العبرية في عددها الصادر اليوم، إلى أن منفذ عملية إطلاق النار في “بركان”، لم يسجل له أي نشاط سابق في ارتكاب العمليات الأمنية، مثله مثل منفذَي عمليتي مستوطنتي “إيتمار” شرقي نابلس و”حلميش” شمال غربي رام الله، هذا العام.
ونوهت إلى أن مواصفات “المهاجم الفرد” تنطبق على منفذ عملية “بركان”. مبينة أن تلك المواصفات هي؛ عدم الانتماء لأي تنظيم، ولا ماضي أمني أو إجرامي للمنفذ، وامتلاكه تصريحًا إسرائيليًا للعمل، بالإضافة إلى عمله بشكل منتظم.
وذكرت أن المختلف بين هذه العملية وبين العمليتين السابقتين هو “مهنيّة المنفذّ، ما يزيد الترجيحات بأنه تلقى توجيهات”.
وأوضحت “يديعوت” أن المنفذ دخل إلى المصنع صباحًا وهو يحمل سلاحه دون أن تكشفه البوابة الحديديّة عند مدخل المنطقة الصناعية “بركان”، لافتة النظر إلى أن أمن الاحتلال يفحص إن ساعده أحد في تهريب السلاح إلى ما بعد البوابة الحديديّة.
وادّعت، بأن المنفذ حاول أخذ سكرتيرة المصنع رهينةً، مع دخوله المصنع، “ورغم القسوة التي اتسمت بها العملية، إلا أنها ربما كانت ستنتهي بشكل أسوأ بكثير، لو أخذ السكرتيرة رهينةً”، وفق يديعوت.
ورجّحت الصحيفة أن تنتهي المطاردة التي ينفذها جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام (الشاباك) في الضفة الغربية للعثور على المنفذ باغتياله، ما تطلّب استدعاءً لـ “قوات مدربة بشكل جيّد”، دون استبعاد أن يقوم منفذ العملية “بعد إدراكه أنه سيقتل” بتسليم نفسه إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي ستسلمه، بدورها إلى الاحتلال.
وقُتل أمس الاول الأحد إسرائيليان متأثران بجروحهما التي أصيبا بها، وأصيب آخر، في عملية إطلاق نار نفذها فلسطيني في المنطقة الصناعية بمستوطنة “بركان” المقامة على أرضي محافظة سلفيت (شمال القدس المحتلة).
وكشف مصادر عبرية أن منفذ الهجوم هو أشرف أبو شيخة “النعالوة” (23 عامًا) من ضاحية شويكة شمالي طولكرم.