قال الكاتب الأمريكي جيل بارندولار، مدير دراسات الشرق الأوسط في مركز المصلحة الوطنية الأمريكية، إن على قوات بلاده أن تغادر سوريا بعد أن فشلت سياستها هناك وبعد أن اقترب نظام بشار الأسد من تحقيق الانتصار.
وأضاف بارندولار في مقال له بمجلة “ناشينال إنترست” الأمريكية، أن قوات النظام السوري تستعد لدخول محافظة إدلب، واستعادة آخر معاقل المعارضة المسلحة في البلاد، وكان واضحاً أن الضربات الجوية الروسية، التي تعرضت لها إدلب بداية سبتمبر، كانت بمثابة بدء إعلان تلك الحرب، قبل أن يعطلها الاتفاق التركي-الروسي الذي تم التوافق فيه على إنشاء منطقة عازلة في إدلب، ولكن قد يكون ذلك مجرد تأجيل للمعركة وليس وقفاً نهائياً لها.
وفي هذا الوقت الذي يبدو فيه أن الحرب السورية تتجه لنهايتها -يقول الكاتب- ضاعفت بلاده جهودها في سوريا، متسائلاً: “لماذا الآن؟!”، ثم يجيب قائلاً: “إن سياسة الولايات المتحدة في سوريا يُرثى لها، ففي الثالث من سبتمبر حذَّر الرئيس دونالد ترامب، في تغريدة على (تويتر)، الأسد من مغبة مهاجمة إدلب بشكل متهور، في حين قال الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد جيمس جيفري، المبعوث الجديد لسوريا، إن الولايات المتحدة أعادت تعريف أهدافها في سوريا لتشكل انسحاب جميع الإيرانيين والمليشيات التابعة لها من سوريا، وإقامة حكومة يقْبلها جميع السوريين والمجتمع الدولي”.
واعتبر بارندولار هذه التناقضات في السياسة الأمريكية بسوريا “صارخة”، كما يقول الكاتب، فلقد راهن ترامب على التقارب مع روسيا، لكنه الآن يهدد بمهاجمة القوات الروسية في سوريا، ببلد لا توجد فيه مصالح وطنية أمريكية بالغة الأهمية، كما أن أمريكا تبتعد عن تركيا ذات التوجه الإسلامي، والعضو الفاعل في حلف شمال الأطلسي.
وفي هذه الأثناء، يقول بارندولار، “يبدو أن أصدقاءنا الإسرائيليين والأكراد يقبلون بالتعايش مع سوريا الأسد، فلقد أجرت مليشيا قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من أمريكا، محادثات مع النظام السوري، ما ترك القوات الأمريكية خالية الوفاض، فما الذي يمكن أن نحققه في سوريا بعد ذلك؟”، يتساءل الكاتب.
ويقول الكاتب: إن “غالبية المعارضة السورية الموجودة في إدلب تتشكل من عناصر سلفية جهادية، بعضهم من الفصائل التابعة لتنظيم القاعدة، خاصة أن العديد منهم هم ممن جرى نقلهم من مناطق سورية أخرى ضمن صفقات تسليم محلية برعاية روسية”.
لقد وعد ترامب، في عام 2016، بإنهاء التدخل والفوضى في سوريا، وإذا كان قد حالفه الحظ مع كوريا الشمالية، فإن الحظ لم يحالفه -على ما يبدو- في الشرق الأوسط، وتحولت إيران، التي كانت تشكل هاجساً لإدارة ترامب، إلى قوة أكبر وبات لديها نفوذ أوسع، وشهد الشرق الأوسط المزيد من التدخل والفوضى.
ويعتقد الكاتب أنه لا تزال هناك إمكانية لتصادُم روسي-تركي في سوريا، رغم الاتفاق الأخير الذي وُقِّع في سوتشي الروسية بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس رجب طيب أردوغان، فعلى الأرجح ستسعى روسيا والنظام السوري إلى استعادة تدريجية للمدينة.
ويختم جيل بارندولار مقاله بتأكيد أنه لا شيء في سوريا يستحق المواجهة بين القوات الأمريكية والروسية، مضيفاً: “لقد تهربنا من المواجهة مع روسيا في سوريا سابقاً، وقد لا نكون محظوظين إذا أصرت الإدارة الأمريكية على البقاء في سوريا، لقد انتصر الأسد بمساعدة اثنين من خصوم الولايات المتحدة؛ روسيا وإيران، وعلى أمريكا أن تعترف بذلك”.