السعودية ومحاولات فرض صفقة القرن

بقلم : د. إبراهيم حمّامي

تتزايد المؤشرات والدلائل والإجراءات والوقائع على تورط السعودية بشكل رئيسي ومباشر في محاولات فرض “صفقة القرن” على الفلسطيني، ولم تعد مجرد شكوك أو ادعاءات.

يتركز الدور المشبوه في هذه المرحلة على إنهاء مرتكزات القضية الفلسطينية خاصة حق عودة اللاجئين.

سلسلة من المواقف والإجراءات الأخيرة حوّلت الدور السعودي من دور اللاهث وراء التطبيع مع دولة الاحتلال، والباحث عن عناصر الشراكة معه، إلى تغيير الصورة الذهنية في عقلية المواطن السعودي من القضية برمتها.

ففي حين انصب غضب المواقع والمنابر الرسمية وشبه الرسمية على “الفلسطيني” و”بيعه لأرضه” و”عضه لليد التي امتدت له”، وتكرار واجترار ما قدمته السعودية من دعم في إطار من التمنين والتفضل، كالت ذات الجهات والمواقع المديح والثناء على دولة الاحتلال وبأنها لم تؤذ السعودية يوماً وبأنها شريك في مواجهة الخطر الإيراني، مشيدة بالتقدم العلمي والتكنولوجي .

لم يصدر أي موقف سعودي حقيقي وفعلي من قضية نقل السفارة الأمريكية للقدس، أو اعتبارها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، بل وصل الأمر أن يتحدث ترامب ونتنياهو عن قبول سعودي لتلك الخطوات دون أي نفي رسمي .

ومع تزايد اللقاءات العلنية التي بدأها تركي الفيصل وأنور عشقي، والسماح بمرور الطيران من الهند لتل ابيب فوق الأجواء السعودية، وغيرها من إجراءات التطبيع الفعلية، تزيد السعودية من إجراءات التضييق على “الفلسطيني” في محاولة لفرض واقع جديد ينهي قضية اللاجئين كما يظنون، أو كما طُلب منهم .

ارتفعت وتيرة الإجراءات المباشرة داخل وخارج السعودية الموجهة ضد اللاجئين الفلسطينيين وبكل فئاتهم، ووصلت حد تسييس الشعائر الدينية خدمة لأغراض سياسية لصالح فرض “صفقة القرن” على الفلسطيني.

ففي لبنان عممت السفارة السعودية هناك على المكاتب المعتمدة لديها بحصر منح تأشيرات الحج والعمرة أو الزيارة فقط لحاملي جوازات السلطة الفلسطينية من اللاجئين واستثناء حملة وثائق السفر وهو ما يحرم اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان من حملة الوثائق من ممارسة شعائرهم الدينية.

وفي القدس المحتلة ودون سابق إنذار قررت السعودية منع منح التأشيرات للجواز الأردني المؤقت الذي يحمله نصف مليون مقدسي ويستخدمونه لأداء فريضتي الحج والعمرة.

أما داخل المملكة نفسها فمنذ أشهر ترفض إدارة الجوازات تجديد الإقامات لحملة وثائق السفر الفلسطينية مطالبة أصحابها بالحصول على جوازات السلطة الفلسطينية وعدم اعترافها بالوثائق، مما تسبب بحالة من الإرباك الشديد في صفوف الفلسطينيين المقيميين هناك، خاصة بعد رفض سفارة السلطة هناك التعامل مع المراجعين في هذا الشأن.

يتزامن كل ذلك مع إجراءات أمريكية إسرائيلية في تناغم واضح مع الإجراءات السعودية لا يخفى على متابع لإنهاء قضية اللاجئين ومحاولة توطينهم في أماكن وجودهم وسحب صفة اللاجيء عن الملايين، وإنهاء دور الأونروا بوقف الدعم المالي عنها.

بطبيعة الحال سيرد المدافعون أن الإجراءات هي حق مطلق للسعودية تفرضه كما تشاء، ومع الإقرار بأحقية الدول في فرض ما تراه من إجراءات إلا أنه ليس من حق أحد تسييس الحج واستغلال الأماكن الدينية لفرض رؤية سياسية أو التآمر مع الآخرين لتصفية قضية.

كما أن توقيت تلك الإجراءات لا يتعلق بإجراءات تنظيمية داخلية محلية، بل يأتي في إطار تنسيقي بين الأطراف الداعمة لصفقة القرن والضاغطة لغرض فرضها .

يوماً بعد يوم يتكشف الدور السعودي فيما يُسمى بصفقة القرن، لكن مهما كان حجم تلك المحاولات ومن يقف وراءها فلن يُكتب لها النجاح بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى