قمة طهران أمام عقدة إدلب

بقلم : توفيق المديني

بين استمرار ماكينة الكذبة الكيمائية المفبركة التي تستخدمها الإمبريالية الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، ومعها حلفائها من الاستعماريين القدامى(فرنسا وبريطانيا)، مع اقتراب ساعة حسم جيش العربي السوري معركة تحرير محافظة إدلب من رجس التنظيمات الإرهابية التي عاثت بها فساداً…

.. والتلويح بشن عدوان عسكري جديد على سورية، بهدف عرقلة محاربة الإرهاب وحماية “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) وأخواتها من التنظيمات الإرهابية، وانعقاد قمة طهران الثلاثية التي ضمت كل من الرؤساء الثلاثة: الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني، لبحث عقدة الجيب الإرهابي في إدلب، تعيش سورية على وقع الصراع الزمني بين خيار التسوية وخيار الحرب، نظراً لما شكلته الجغرافيا السورية بعد سبع سنوات من الحرب سنوات، من ميدان المعارك الوحيد في العالم الذي يتصارع فيه معسكران:

الأول، ويتشكل من القوى العسكرية الأمريكية والتركية والصهيونية والخليجية الداعمة للتنظيمات الإرهابية وفي القلب منها: “هيئة تحرير الشام” و”داعش”، إضافة إلى مليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وفصائل المعارضة السورية.

والثاني، المتشكل من الجيش العربي السوري وحلفائه من محور المقاومة (إيران وحزب الله) وروسيا. ويكشف هذا الانخراط العسكري لمجموعة واسعة من القوى الدولية والإقليمية الأهمية التي توليها هذه القوى لسورية، بوصفها ساحة صراع وتنافس استراتيجية في إقليم الشرق الأوسط.

نظرة الأطراف المختلفة إلى إدلب

تخضع محافظة إدلب لمنطقة خفض تصعيد التوتر التي وصلت إلى نهايتها وفق ما هو مقرر لها بستة أشهر، أي في التاسع من شهر أيلول الحالي ينفد الوقت الذي حدد لخفض التصعيد في إدلب، وهو الأمر الذي يستدعي تلقائياً وطبيعياً إما توصل قمة طهران إلى صيغة من التسوية السلمية عن طريق مرتكزات المصالحات المحلية والتفاهمات التي أشرفت عليها روسيا، كما حصلت في العديد من المناطق السورية (بدءاً من الغوطة الشرقية إلى جنوب دمشق وجنوب سورية )، وتعود بموجبها محافظة إدلب إلى كنف سيادة الدولة الوطنية السورية، أو في حال عدم التوصل إلى صيغة التسوية، يتم حسم الأمور عسكرياً من طريق الحرب.

ومنيت قمة طهران بالفشل ،إذاحتدم النقاش في الاجتماع الثلاثي الوحيد بين الرؤساء، بعدما اجتمعوا على صعيد ثنائي منذ وصول أردوغان وبعده بوتين ظهراً إلى العاصمة الإيرانية، بين معسكرين: أردوغان من جهة، الذي أصرّ على إدخال بند الهدنة ووقف إطلاق النار فوراً في إدلب، ومن جهة أخرى محور روحاني ــ بوتين المصرّ على خيار الحسم العسكري في إدلب والرافض لوقف إطلاق النار، “على قاعدة رفض حماية الإرهابيين بحجة وجود مدنيين” على حد تعبير بوتين نفسه. وقد تعاطى أردوغان مع موضوع إدلب على اعتبار أنه “بالنسبة لنا قضية حياة أو موت، وأي حل عسكري هناك قد يتسبّب في انهيار الحل السياسي وسيعطي ذريعة للإرهابيين والمتطرفين”. بناءً على ذلك، ظلّ موقفه حاسماً في رفض إصرار بوتين وروحاني على الحسمالعسكري في تلك المحافظة، وتمسك بإضافة بند الهدنة والوقف الفوري لإطلاق النار على البيان الختامي للقمة، وهو ما رفضه رسمياً بوتين وروحاني، قبل أن يعود أردوغان إلى اقتراح إرفاق بند الهدنة بآخر، ينصّ على “دعوة المتطرفين وجبهة النصرة لإلقاء السلاح من أجل إحلال السلام”، وهو ما بدا حسن روحاني موافقاً عليه، بينما ظلّ بوتين رافضاً للفكرة، “لأن متشدّدي جبهة النصرة وداعش المتمركزين هناك ليسوا طرفاً في محادثات السلام” على حد تعبيره. وردّاً على إصرار أردوغان على الهدنة ووقف إطلاق النار، قال بوتين إن “الإرهابيين يقومون بأعمال استفزازية ويستهدفوننا ولا يمكننا أن نتجاهل ذلك، وهذه قضية معقدة جداً مع تفهم أن الحكومة السورية لها الحق بالسيطرة على كل المناطق السورية”.

وعشية  قمة طهران ، قال مصدر من المعارضة السورية لصحيفة الحياة ،إن الاجتماعات التي ضمت لجان عمل تركية وروسية “حققت تقدماً كبيراً لإيجاد حلول مقبولة لجميع الأطراف من أجل حل عقدة إدلب، ستُعرض على قادة البلدان الضامنة لأستانة”. وأضاف  إلى “تغيرات إيجابية في لهجة موسكو وطهران”، مرجحاً التوصل إلى اتفاق يضمن “إخلاء إدلب من التنظيمات المصنّفة إرهابية، على أن تتولى تركيا العملية، ومنحها الوقت الكافي لذلك، وانتشار مجموعات من الشرطة العسكرية الروسية في جسر الشغور ومناطق حساسة في حماة وسهل الغاب، على ألا تدخل قوات النظام السوري هذه المناطق، وتبقى خاضعة للفصائل الموالية لأنقرة”. وتابع هذا المصدر قوله: إن “الروس وافقوا على أن يتولى الأتراك السيطرة على سلاح الفصائل الثقيل، وأن تُعهد إليها مسؤولية الأمن داخل تلك المناطق، وتتعهد منع أي هجوم على القاعدة الروسية في حميميم وقوات النظام”.

في المقابل “وافقت أنقرة على دخول مؤسسات النظام المدنية إلى تلك المناطق بإشراف روسي”. وأشار المصدر إلى أن الطرفين اتفقا على أن “تشرف روسيا وإيران على فتح المعابر من جهة مناطق النظام، في مقابل إشراف تركي على الجهة المقابلة، كما تتولى روسيا وتركيا فتح الطريق الدولي من مورك شمال حماة، ومعبر باب السلامة وحمايتهما”. وذكر أن “الجانب التركي عرض إنشاء مركز للتعاون الاستخباراتي مع روسيا وإيران لتحديد مواقع التنظيمات الإرهابية، والتنسيق من أجل توجيه ضربات إليها”.

أما المصدر الروسي فقد رجح “قبول موسكو هذه الخطة لأنها تضمن إنهاء جبهة النصرة، ووقف الهجمات على قاعدة حميميم، ولا تعرضها إلى ضغوط دولية بسبب موجات اللاجئين والخسائر البشرية في حال حصلت معركة”. وأكد أن “الأهم بالنسبة إلى روسيا هو الانتقال بمسار أستانة إلى الحل السياسي وتكثيف جهود الإعمار وعودة اللاجئين”.

ومع كل ذلك، تفيد معلومات المراقبين عن تواصل الخلاف الروسي التركي، على الرغم من الاجتماع التقني بين العسكريين الروس والأتراك في أنقرة لأيام عدة، إذ بقيت المعضلة قائمة، في ظل حديث عن “ثمن تركي حول إدلب”. وبحسب تقديرات مراقبين فإن المعركة يبدو أنها قادمة، بعد نجاح روسيا في إقناع تركيا بصفقة محدودة، تتلخّص تفاصيلها بتسليم منطقة جسر الشغور حتى شمال غرب حماة إلى الدولة السورية. ولكن من غير المعروف تفاصيل الصفقة التي لم تتأكد بعد حول باقي مناطق محافظة إدلب، إذ تشير تكهنات إلى أنها ستكون على نهج التسوية التي حصلت في درعا أو ستكتسي شكلاً خاصاً بوضع إدلب.

الموقف الروسي

أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن محافظة إدلب تحولت إلى بؤرة للإرهاب حيث استقرت هناك الكثير من المجموعات الإرهابية وهذا يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع عموما ويقوض محاولات الانتقال إلى مسار التسوية السياسية والدبلوماسية في سورية. وفي رد على تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تداعيات تحرك الجيش السوري لتطهير إدلب من الإرهاب قال بيسكوف للصحفيين: إن طرح هذه التحذيرات دون الأخذ بعين الاعتبار تهديد الإرهابيين نهج ناقص وغير شامل.‏

وأشار بيسكوف إلى أن موضوع تحول إدلب إلى بؤرة للإرهاب يثير قلقاً كبيراً لدى روسيا ودول أخرى لافتاً إلى أن الأمر الرئيس يتمثل في التهديد الكبير للقواعد الروسية المؤقتة في سورية حيث يتم من هناك إرسال طائرات بدون طيار تشكل تهديداً لهذه القواعد.‏ وأكد أن الوضع في إدلب سيكون أحد الموضوعات الرئيسة للمحادثات بين رؤساء الدول الضامنة لعملية أستانة في طهران يوم الجمعة المقبل.‏

من جهته طالب مندوب روسيا الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ألكسندر شولغين المنظمة بعدم التغاضي عن التقارير التي تؤكد وجود تحضيرات لتنفيذ استفزاز جديد باستخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب.‏ وقال شولغين في مقابلة مع وكالة تاس الروسية إن دول الغرب تسعى إلى تسييس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.. وفي وضع كهذا الذي نتحدث عنه ألا وهو الإعداد لاستفزاز من هذا النوع يجب على المنظمة باعتبارها منظمة دولية مختصة بهذا الشأن رفع صوتها والإعراب عن عدم قبولها بمثل هذه الاستفزازات والإصرار على مناقشة هذا الأمر بطريقة عملية تتناسب وخطورته”.‏

وأشار شولغين إلى أن روسيا تعلم تماماً من كان يجلب المواد السامة إلى إدلب وأين كانوا يخزنونها وليس هناك من شك بأن ذلك سيتم بإدارة مدربين من الشركة البريطانية الخاصة /أوليف/ والذين سيعلمون الإرهابيين كيفية التعامل مع هذه المواد الكيميائية الخطرة.‏

وأضاف: وبالطبع سنرى المخربين القدامى مما يدعى بجماعة الخوذ البيضاء وهم يصورون فيديو مزيفاً جديداً لهجوم كيميائي مزعوم وينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة غضب الرأي العام الدولي وتوجيه الاتهام إلى الحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي وإلى روسيا بالسماح بحدوث ذلك وهذا يظهر تماماً أسلوب عمل الإرهابيين ومعلميهم الغربيين.‏ وأوضح أنه في كل مرة يبدأ الجيش السوري بالضغط أكثر على الإرهابيين يبدأ هؤلاء بالتفكير باختلاق أمر ما وفي أغلب الأحيان يكون الأمر مرتبطاً بالسلاح الكيميائي.. هذا ما حصل عام 2013 في الغوطة الشرقية وفي نيسان من عام 2017 في خان شيخون وما جرى مؤخراً في نيسان الماضي في دوما.‏

بات واضحاً أن حشود الجيش العربي السوري مدعومة بموقف سياسي وعسكري واضحٍ من روسيا، وضعت تركيا حزب العدالة والتنمية أمام خيارين لا ثالث لهما أحدهما التخلي عن “هيئة تحرير الشام”(جبهة النصرة) لا سيما بعد رفض الهيئة لحل نفسها، وبعد قيامها بعمليات قتل واغتيال واسعة لخصومها ومنافسيها، بما في ذلك الخصوم والمنافسون المرتبطون بالمخابرات التركية، والثاني استمرار الدفاع عن “هيئة تحرير الشام” وبالتالي تحمل تبعات مثل هذا الموقف من الناحيتين السياسة والعسكرية.

الموقف التركي المأزوم

لقد قبلت تركيا في النهاية بتصنيف “هيئة تحرير الشام” كمنظمة إرهابية، أي رفع الغطاء عنهاوربما حجب تقديم الدعم لها في المعركة المقبلة من الجيش العربي السوري.‏ ورغم أن تركيا أدرجت اسم “هيئة تحرير الشام”(جبهة النصرة) على قائمة “التنظيمات الإرهابية”، فإنّ المراقبين لم يلحظوا خلال الأيام الماضية أي توتر في العلاقة بين الطرفين، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الكذب الذي يقدمه النظام التركي في طريق تعامله مع التنظيمات الارهابية.‏ فالرئيس التركي والإخواني رجب طيب أردوغان الذي لا يزال يحلم بعودة أمجاد النزعة العثمانية، وهو يفضل اللعب في المناطق الرمادية، إذ أفاد شهود عيان بأن الجمعة ـــ يوم الكشف عن القرار التركي ـــ شهد اجتماعاً بين ممثلين عن النظام التركي ومسؤولين في الهيئة الارهابية لنقاش المساعي الهادفة إلى حل الأخيرة وإدماج عناصرها في نسيج الفصائل المحسوبة على أنقرة مباشرة، وهذا ايضاً يظهر بوضوح حقيقة العمل الذي تسعى اليه انقرة، وبالتالي يفضح طبيعة العناصر المسلحة التي تتبع النظام التركي بحيث تسير على نفس المسار الارهابي لهيئة تحرير الشام وتحمل ذات الطابع التكفيري المتطرف والايديولوجي.

وتعد تركيا أكثر لا عب في الأزمة التركية حماقة، فهي التي لم تدخر جهداً لتمويل وتدريب وإرسال الارهابيين إلى سورية، وهي تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة. وبحسب العديد من الخبراء المهتمين بالشأن التركي فإن للأزمة الاقتصادية التركية مقدمات عديدة من بينها الارتفاع المطرد في العجز التجاري، وزيادة نسب التضخم، والنظرة السلبية لوكالات التصنيف الائتماني إلى المصارف التركية، والأداء السيئ الذي يتحمل مسؤوليته أردوغان دون أي شخص آخر بسبب تدخله المفرط في إدارة السياستين الاقتصادية والنقدية وتغوله في الحياة العامة ومصادر التنوع فيها، إذ سبق لأردوغان أن تدخل في سياسات البنك المركزي التركي، ورفض رفع معدل الفائدة لمواجهة التضخم، كما واجه الكارثة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بإلقاء اللوم على ما سماها “مؤامرة أجنبية”.‏

كما تعاني تركيا في الوقت الحاضر من أزمة ديبلوماسية في علاقتها مع الحليف الأمريكي الأبرز والأهم، وهي محاطة بمشاكل جمّة، أبرزها العداء مع الدولة الوطنية السورية التي شارفت على إعلان نصرها الكامل واستعادة سيطرتها على كامل أراضيها، و”تهديد انفصالي” كردي على حدودها الجنوبية، وتعلم تركيا علم اليقين ان الدخول السوري إلى إدلب واستعادة السيطرة عليها متحقق لا محالة، لذا فهي ليست بموقع المراهنة على الفصائل التابعة لها.‏

 السياسة الأمريكية إزاء سورية

مع اقتراب الحرب الكونية الإرهابية على سورية من نهايتها، والتي باتت في خواتيمها بمجموعة من التحديات مركزها محافظة إدلب التي تتجه الانظار إليها في انتظار ما ستؤول إليه الأمور هناك، ما انفكت الإمبريالية الأمريكية تمارس سياسة الاستعمار الجديد المتمثلة في إبقاء هيمنتها على سورية وكل إقليم الشرق الأوسط، واستخدام التنظيمات الإرهابية والتكفيرية كأدوات في مخططها الإجرامي الساعي إلى تقسيم سورية إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية.

ومع هزيمة التنظيمات الإرهابية في أكثر من منطقة سورية، والاستعداد الكامل للجيش العربي السوري لتحرير محافظة إدلب، أخذت التصريحات الغربية تتوالى على نحوٍ هستيري وانطلقت التغريدات تنهال بشكل متواتر وكان آخرها ما تفوه به الرئيس الأمريكي الأرعن دونالد ترامب من تحذير الحكومة السورية من مغبة شن هجوم عسكري لتحرير آخر محافظة معتبراً أن مثل هذه العملية ستؤدي إلى “مأساة إنسانية” متجاهلاً الحديث عن مئات الآلاف من المدنيين الذين اتخذتهم التنظيمات المتطرفة رهائن ليشكلوا دروعاً بشرية لها وما اقترفته من آثام بحق الأبرياء على مدى سنوات ثمان. والسؤال الذي يتردد صداه في سياق الأحداث الأخيرة.

وفي معرض السباق الحاصل بين ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو شهدنا تنافساً على المركز الأول للكذب بينهما إذ انبرى الأخير في يوم الجمعة الفائت للقول بصفاقة إن هجوم الجيش العربي السوري لتحرير أراضيه من التنظيمات المتطرفة في محافظة إدلب يعتبر تصعيداً للصراع القائم في سورية. وفي تغريدة له على موقع توتير ذكر قائلاً: “إن ثلاثة الملايين السوريين الذين اضطروا للتخلي عن أراضيهم ويعيشون في إدلب حالياً سيواجهون اعتداءً مريراً. لذلك يتعين على العالم ألا يلتزم الصمت حيال ذلك”. ويبدو أنه هو الآخر يتناسى بأن الحكومة السورية قد بسطت يد الحوار والمصالحات مع تلك الفئات الضالة التي لم يكن أمامها سوى خيارين إما الاستسلام وإلقاء السلاح والعودة إلى كنف الدولة أو التوجه إلى إدلب التي تعتبر المعقل الرئيس للمسلحين الرافضين للتسوية بهدف الفرار إلى أوروبا أو حمل السلاح والانضواء تحت مظلة جبهة النصرة التي تعتبر ذراع القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية لمواجهة الجيش السوري الذي يسعى لتحرير كل شبر من الأرض مدعوما من قبل الشعب السوري الذي يلتف حول قيادته الحكيمة والشجاعة.‏

لدى الإمبريالية الغربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية عدة احتمالات سيبذلون قصارى جهدهم لتنفيذها في إطار إيقاف توجه الجيش العربي السوري نحو إدلب، لا سيما بعد انهيار معاقل الإرهابيين المأجورين كجيش من المرتزقة في خدمة الغرب الإمبريالي في عدة مناطق من سورية، وهي استخدام ذريعة الكيماوي لشن عدوان مرتقب على سورية. فمن المعلوم أن لأمريكا أتباعاً إرهابيين في إدلب مدربين بشكل جيد على تأزيم الأمور وإطالة أمدها أكبر قدر ممكن، ومن بين هؤلاء عناصر ما تسمى منظمة الخوذ البيضاء المشهود لها بأيديها السوداء في سورية والتي مارست أفعالاً لا تقل دناءة عن أي جماعة إرهابية مسلحة بدعم أمريكي – بريطاني – ألماني منظّم ومدروس وممنهج منذ العام 2003 أي منذ تأسيسها، وهذه محاولتها الأخيرة لإيقاظ روح الإرهاب في الجماعات الإرهابية من جديد، خصوصاً بعد أن غادر 800 شخص من أفرادها مع عائلاتهم إلى الأردن عبر “إسرائيل” ومنها إلى دول أوروبا التي تريد منحهم الإقامة هناك تكريماً لجهودهم في تخريب سورية.‏

وتدرك الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها في الحرب التي فرضت على سورية، أن إعلان خاتمة هذه الحرب سيكون بتوقيت إدلب، فهي المعركة الأشد تعقيداً وصعوبة وأهمية أيضاً وأن ما بعدها لن يكون سوى تفاصيل إذا ما قورن بها. لذا تتصاعد حدة التصريحات وتتعالى التهديدات الغربية الأمريكية الفارغة علها تساهم في تثبيط عزيمة الدولة السورية وحلفائها عن بدء معركة التحرير، ولهذا فإن محاولات الضغط على الدولة السورية عبر التهديد بتنفيذ ضربة عسكرية تجري على قدم وساق.

يطالب المتشدّدون في الإدارة الأمريكية بمزيد من فرض العقوبات على إيران حليفة سورية الاستراتيجية، وفرض “قيود على هامش حركة طهران”. ولتحقيق ذلك، ينبغي إبقاء القوات الأمريكية في سورية، وإعادة فرض منطقة حظر جوي في منطقة شمالي سورية، التي تسيطر عليها أمريكا، وتلك التي توجد فيها قوات تركية إلى جانب فصائل من المعارضة السورية، أي على منطقة تبلغ مساحتها40% من مساحة سورية. ويتطلب هذا الأمر إصلاح الصدع الكبير في العلاقات الأمريكية التركية، والتوصل إلى اتفاق أمريكي تركي، يمكنه إبعادها عن مساري أستانة وسوتشي التي أطلقهما روسيا، كي ترسم وجه سورية المستقبلية. ولعل ملامح السياسة الأمريكية الجديدة التي يرسمها المتشددون في البنتاغون والأجهزة الأمنية ووزارة الخارجية الأمريكية، والكونغرس، تأتي على خلفية عزم الولايات المتحدة “الطعن في منحى الأمر الواقع في سورية”، والذي يميل لمصلحة الدولة الوطنية السورية وحلفائها من إيران وروسيا وحزب الله.

لذلك يحذر المتشددون من أن الانسحاب الأمريكي من سورية سيشكل “خطوة توحي بضعف أمريكي”، وبغياب الرغبة في الوقوف في وجه روسيا وإيران، فضلاً عن أنه يشير إلى تخلٍّ أمريكيٍّ عن الحلفاء مندول الخليج، الذين يعتبرون إيران هي العدو الرئيس في المنطقة لا الكيان الصهيوني.

خاتمة

لكن الدولة الوطنية السورية مصممة على تحرير كل شبر من أراضيها، بما فيها تحرير كل محافظة إدلب، لتنهي بذلك مسيرة حرب وطنية طويلة في الدفاع عن أرضها ووحدة تراب الجمهورية العربية السورية، لا سيما وأن روسيا هذه المرّة أكثر صرامة في التصدي لأي محاولات لإعاقة تقدّم الجيش العربي السوري نحو إدلب وكذلك الأمر بالنسبة للصين، وبالتالي سيكون من الصعب على أمريكا المغامرة في عدوانها، فهي لا تبحث عن مواجهة مباشرة مع موسكو في سورية، لذلك ستحسب ألف حساب قبل شن أي عدوان جديد.‏

إدلب في قلب الإعصار، وحالة الترقب التي يعيشها قرابة ثلاثة ملايين مدني سوري من أهل المدينة واللاجئين إليها من الإرهابيين، بدأ الجيش العربي السوري في القيام بعملياته العسكرية التي تستهدف بؤر الارهابيين فيها. وإذا لم تنصت الفصائل المسلحة المرتهنة للخارج الاستعماري للتسوية وعودة المدينة الى السيادة السورية، فإنّ العمل العسكري الذي بدأ عملياته فيها محتوم، لترسم إدلب بعدها بانعطافة مفصلية في الوقائع افاق مرحلة جديدة يكون فيها الصوت السوري اقوى صخبا من ضجيج رعاة من الارهاب.‏

إن التصميم الذي تبديه الدولة الوطنية السورية وحلفاؤها روسيا وإيران على خوض معركة تحرير إدلب من سيطرة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، بوصفها المعركة الأخيرة في الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات، لا يترك أمام المساعي التركية أي فرصةٍ للنجاح في مناوراتها المكشوفة، وألاعيبها بالورقة الإرهابية.  وفي هذه المعركة، لا مفرّ ولا ممرّ ولا مستقرّ لمن يستعدّون للهروب من الإرهابيين، ولا ومكانٌ لاستقبال النازحين من مدينة إدلب.

وتتحمل جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية، التي تدور في فلكها، المسؤولية الرئيسة في إراقة دم السوريين، بوصفها الأطراف الرئيسة التي رفضت مبدأ المصالحات والتفاهمات مع الدولة الوطنية السورية، لمنع المعركة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى