امريكا وإسرائيل تخطّطان لتدمير ” الأونروا ” وإلغاء حق العودة وتصفية القضيّة الفلسطينيّة

بقلم : د. كاظم ناصر - كاتب فلسطيني

 

تأسّست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” أونروا ” في عام 1949، وقدّمت خدمات ضروريّة شملت التعليم والرعاية الصحيّة والإغاثة والدعم المجتمعي لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني من أصل خمسة ملايين مسجّلين لاجئين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة والأردن ولبنان وسوريا.
يعتمد تمويل الوكالة على تبرّعات تقدّمها الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، ومن أهمّها الولايات المتحدة التي قرّرت إدارة رئيسها دونالد ترامب تقليص مساهمتها في ميزانية الوكالة من 360 مليون دولار إلى 60 مليون فقط، ونتج عن ذلك أزمة ماليّة خانقة تهدّد وجودها وأثّرت على خدماتها ومن أهمّها التعليم.
فقد أعلن بيير كرينبول المفوّض العام للوكالة بدء العام الدراسي الجديد 2018 / 2019 في مدارسها، وأضاف بأن الوكالة تعاني من نقص هائل في مواردها الماليّة، وانّها في خطر لأن قدراتها التمويليّة تكفي لإدارة عمليّاتها حتى نهاية شهر سبتمبر القادم فقط، وهي بحاجة إلى 217 مليون دولار إضافيّة ليس لضمان فتح مدارسها، ولكن لضمان استمرارها حتى نهاية هذا العام؛ ولهذا قرّرت الوكالة إلغاء خدمات نحو ألف موظّف من بينهم 250 يعملون معها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة لتقليص نفقاتها.
الرئيس الأمريكي برّر تخفيض مساعدات بلاده للوكالة وللسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة بالقول إنه فعل ذلك بسبب عدم إظهار الفلسطينيين ” التقدير والاحترام للولايات المتحدة الأمريكية ” ولأنهم ” لا يرغبون بالتعاون مع إسرائيل للتوصل إلى اتّفاق سلام.” ترامب يعلم أن إسرائيل لا تريد سلاما، وإن قراره بتخفيض الدعم ” للأونروا ” والسلطة كان مدروسا بدقّة، ونسّق بعناية بين تل أبيب وواشنطن، ومجحف بحق الفلسطينيين، ولا يخدم السلام كما يدّعي!
وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 8-7-2018 أن جاريد كوشنر يعمل على إلغاء الأونروا لإسقاط قضيّة اللاجئين عن طاولة المفاوضات، ونشرت مضمون رسالة بريديّة بينه وبين مجموعة من كبار المسؤولين الأمريكيين من بينهم وزير الخارجية مايك بومبيو، ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وجون بولتون مستشار الأمن القومي دعا فيها إلى ضرورة بذل جهد حقيقي لتعطيل جهود الوكالة بقوله ” هذه الوكالة تديم الوضع الراهن، وهي فاسدة، وغير فعّالة ولا تساعد على السلام .. ولا يمكن أن يكون هدفنا استمرار الأمور كما هي.”
وقال العنصري المتصهين جون بولتون مستشار الأمن القومي خلال زيارته لإسرائيل الأسبوع الماضي ” إن أونروا آلية فاشلة وتنتهك القانون الدولي فيما يتعلق بوضع اللاجئين “، وان اتخاذ الولايات المتحدة خطوات لتقليص تمويلها تأخّر كثيرا. وأيّد نتنياهو قطع المساعدات الأمريكية عن الوكالة بحماس شديد وطالب مجددا بإلغائها وقال ” هذه الوكالة تديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وتديم أيضا رؤية ما يسمى بحق العودة الذي يهدف إلى تدمير دولة إسرائيل، ولهذا يجب أن تزول الأونروا من الوجود.”
يحق لكوشنر وغرينبلات وبولتون وعلى رأسهم سيّد البيت الأبيض ترامب ونتنياهو ان يفعلوا بالعرب والمسلمين المتخاذلين المنهزمين المنبطحين ما يشاؤون؛ إنهم يعملون على إزالة هذه الوكالة من الوجود كجزء من خطّتهم لإنهاء وضع اللاجئين وإبعاد قضيتهم وحقهم في العودة عن طاولة المفاوضات الرامية إلى تمرير ” صفقة القرن ” وتصفية القضية الفلسطينية.
فما الذي فعلته الدول العربيّة لمساعدة الوكالة ماليّا وتمكينها من الاستمرار بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين؟ أغنياء العرب يدفعون مئات المليارات من الدولارات لأمريكا وغيرها ثمن أسلحة ” وخوّة ” لحماية أنظمتهم، ويدفع الواحد منهم مئات الملايين ثمن طائرة خاصة أو يخت أو بيت في أوروبا أو أمريكا، ويبخلون على وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ب 250 مليون دولار لإنقاذها وإفشال محاولات الولايات المتحدة وإسرائيل الرامية إلى تصفيتها.
إذا استمر” الحال على هذا المنوال” فمن المتوقّع أن حكّام الوطن العربي سيقودون معظم أقطارهم إلى نكبات جديدة أكثر خطورة على مستقبل الأمّة من نكبة فلسطين!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى