الانهيار الاقتصادي التركي يؤثر سلباً على عدة دول عربية

الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها أنقرة لقيت اهتماماً بالغاً على المستوى الشعبي في العالم العربي، ولكن السؤال المطروح: بعيداً عن أي اعتبارات عاطفية، ما حجم التأثر الفعلي للدول العربية بما يعصف بتركيا؟

انتشرت في الساعات الأخيرة على الفيسبوك فيديوهات كثيرة لنساء ورجال عرب يعلنون تضامنهم مع تركيا في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها حالياً، والتي أعزاها أغلبهم إلى مؤامرة غربية على هذا البلد الإسلامي.

واختلفت أشكال التضامن ما بين ما قام به رجل عراقي من حرق ورقة من فئة الـ100 دولار “دعماً لتركيا” وشعبها وللطيب إردوغان حسب قوله، وبين قيام شابة سورية مقيمة في السويد بتحويل مدخراتها التي بلغت 5000 كرون سويدي إلى الليرة دعماً للعملة التركية حسب قولها.

من الواضح إذاً أن انهيار قيمة الليرة والصعوبات الاقتصادية التي تمر بها تركيا في الوقت الراهن تركت أثراً واضحاً في نفوس كثير من العرب، ولكن ماذا عن أثر هذه الأزمة على الاقتصادات العربية؟

خوف في الأسواق المالية والعقارية

ردة الفعل الأولى على التأزم الأخير في وضع الاقتصاد التركي كان هبوط أسواق الأسهم الخليجية بسبب إحجام المستثمرين عن الأصول التي يرونها معرضة للمخاطر بسبب الأزمة بين أنقرة وواشنطن. بشكل أساسي تأثر مؤشر السوق السعودية، لتسجل أدنى مستوى لها منذ عشرة أسابيع ومؤشر قطر الذي أغلق الأحد على انخفاض بنسبة 2.6%.

عبد العزيز المخلافي، الأمين العام لغرفة التجارة العربية الألمانية في برلين أبدى تخوفه من التطورات الأخيرة في مقابلة مع DWعربية، وقال “أي اهتزازات في تركيا سيكون لها أبعادها الاقتصادية والسياسية”.

رأي شاطره جزئياً الدكتور مصطفى اللباد، رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية في القاهرة.

وأشار اللباد في حوار مع DW عربية إلى أن انخراط بعض الدول العربية في سوق العقارات تحديداً في تركيا، سيجعلها عرضة للتأثر بشكل سلبي بالأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة العملة. “فقطاع العقارات قطاع غير منتج والدول المستثمرة في هذا القطاع ستتأثر إذا ما انفجرت الفقاعة التي تشكلت هنا عبر السنوات”، يوضح رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية.

فرصة في داخل كل أزمة

يقول المثل الإنكليزي، هناك في كل غيمة سوداء خط مضيء. ربما يصلح هذا المثل لوصف الوضع الحالي في تركيا وتأثيره على الدول العربية، فالكثير من الدول العربية تستورد المواد الغذائية والزراعية والسلع الصناعية البسيطة من تركيا. في مقدمة هذه الدول قطر، التي وجدت في الواردات التركية إليها مخرجاً من الحصار الذي تفرضه عليها الدول الخليجية منذ العام الماضي. الدكتور اللباد رأى في انخفاض قيمة الليرة فرصة بالنسبة للدول المستوردة من تركيا. فالإقبال على السلع التركية المستوردة “سيشهد انتعاشاً بسبب انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار.” حسب قوله. ويرى اللباد أيضا أن قطاع السياحة سينتعش في تركيا “بسبب انخفاض قيمة الليرة وإقبال السياح على تركيا من دول مختلفة ومن بينها دول عربية”.

دول خليج أخرى كالسعودية تركز في علاقاتها وشراكاتها الاقتصادية على الغرب بشكل أساسي، ومن غير المتوقع أن تهتز بسبب ما يواجهه الاقتصاد التركي، وبحسب تحليل الدكتور اللباد فإن السعودية دأبت على وضع أموال لها في تركيا وسحبها بسرعة بعد ذلك، لتستخدم هذه الاستراتيجية كعامل ضغط سياسي على أنقرة، حسب قوله. وتابع اللباد: “وإذا نظرنا إلى الميزان التجاري بين السعودية وتركيا نجد أنه لا يرقى إلى مستوى علاقات السعودية بأي بلد أوروبي كبير أو الولايات المتحدة”.

وضع الاقتصادات العربية حتى الآن يبدو في منأى عما يعصف “بوريث” الدولة العثمانية، والأيام القادمة ستبين فيما إذا كانت هذه الدول ستتحرك لدعم تركيا في أزمتها تماشيا مع التضامن الشعبي الذي بدأ ينتشر في الفيسبوك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى