التمرّد على الظلم حقّ مشروع وواجب إنساني
بقلم : د. كاظم ناصر/ كاتب فلسطيني
تحرّم القوانين الوضعيّة والأديان والأخلاق الإنسانيّة الظلم بكل صوره وأشكاله، وتدين فاعليه وأسبابه وآلياته، وتحذّر من تداعياته وأضراره وآثاره، وتعطي الحق للمظلومين في أي زمان ومكان أن يتصدوا لظالميهم بكل الوسائل المتاحة لهم حتى يتمكّنوا من الحصول على حقوقهم وحريّتهم وكرامتهم.
الظلم أنواع منها ظلم الإنسان لنفسه، وظلمه لزوجته وأسرته وإخوانه والآخرين، وظلم صاحب العمل لعماّله إلخ؛ لكن أبشع وأسوأ أنواع الظلم هو ظلم الحاكم أو المسؤول لمن يحكمهم ويتحكّم في مصائرهم لأنّ الظلم كما يقول ابن خلدون ” مؤذن بخراب العمران. ”
العالم العربي يعاني من ظلم وجبروت الحاكم الطاغية المستبد الذي يحكم بالحديد والنار، ويسرق ثروات البلاد، وينشر الفساد، ويثير الفتن والتفرقة، ويكذب وينافق باسم الحريّة والديموقراطية التي لا وجود لها في بلده، ويحمي نفسه بالامتيازات التي يوفرها لنفسه ولبطانته من الوزراء وكبار الضباط ورجال السياسة والثقافة والدين.
الأمثلة على فساد وفشل وتسلّط الحكّام في وطننا العربي يعرفها العالم أجمع؛ لكن كبار المرتزقة الذين يحيطون بكل حاكم عربي لا يدركون أن الكذب والنفاق وخداع الشعوب لا يمكن أن يستمر إلى الأبد؛ فقد وصل مستوى الكذب والنفاق في وطننا إلى درجة غير مسبوقة كان أخيرها وليس آخرها ما قاله السلفي السعودي البارز عبد العزيز الريس بعدم جواز الخروج على الحاكم تحت أي ظرف من الظروف حتى لو ” خرج الحاكم على الهواء مباشرة يزني ويشرب الخمر لمدة نصف ساعة يوميا فلا يجوز الخروج عليه.”
وأيّده الشيخ السلفي الإماراتي المشهور محمد بن غيث بحديث منسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” ألا من وليّ عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعنّ يدا من طاعته.” وفسر الشيخ بن غيث المعصية قائلا ” كلمة شيئا نكره، مثلا يزني، يشرب الخمر، يسرق، يأكل الربا، قل ما شئت من الموبقات ما عدا الكفر، فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن أبدا الطاعة.”
وأسأل هؤلاء المشايخ ومؤيديهم … عن رأيهم السديد … في حاكم عربي ثمن طائرته مع ديكوراتها الداخليّة 650 مليون دولار أمريكي، وآخر كلفت طائرته 500 مليون دولار، وثالث دولته غارقة في الديون اشترى طائرة ب 275 مليون دولار! وآخرون يصرفون مليارات الدولارات على قصورهم وطائراتهم وقواربهم وخيولهم ومجونهم؛ هل جاء هؤلاء بهذه الأموال الطائلة التي ينفقونها بغير حساب من رواتبهم الشهرية أم من سرقاتهم؟ وهل حرّم الله على المواطنين المظلومين مقاومة ظلمهم وفسادهم؟ الله أيها المشايخ يأمرنا بالتصدي لهؤلاء وينهانا عن طاعتهم؛ فلماذا تكذبون على الشعوب بهذا الأسلوب المكشوف؟
الدين والقوانين والأخلاق لا تبيح للإنسان العربي أن يتمرّد على ظلم وفساد حكّامه فقط، بل تعتبر التصدي لهم ولأنظمتهم الجائرة الفاسدة الظالمة واجب دينيّ وأخلاقي لا بدّ منه لإنقاذ الوطن والأمّة.