.. روسيا لن تبيع حلفائها ؛ كيف ؟

بقلم : محمد شريف الجيوسي

بالتزامن استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ؛رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو ومستشار مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية ؛ ولايتي مستشار مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية خامنئي .. في زيارة مقررة.

وربما تكون قد عقدت بشأن سورية قمة ثلاثية روسية إيرانية تركية في طهران  قبل نشر هذه المقالة ، باعتبار أنها الدول الضامنة لمناطق خفض التوتر ، وهي المناطق التي موضوعياً تم  نحرير معظمها إن حربا أو تسويات ومصالحات ، في وقت ظن فيه البعض عند التوصل إلى الإتفاق  الثلاثي أن روسيا باعت سورية وساومت عليها لصالح تركيا!؟.

لكن في الواقع كان ما ذهبت إليه روسيا خطة ثمينة (أرضت) تركيا وحيّدتها نسبيا (إلا من مناطق تتواجد فيها أكثرية كردية أو مصطنعة) ذلك من من جهة، وثبّتت من خلال هذه الصيفة أن وقوف إيران مع سورية ليس لبعدٍ مذهبي بدليل قبولها وجود دولتين أخريين في صيغة توافقية ، أحدهما دولية علمانية ليست إسلامية وأخرى (إسلامية سنية)  تقف جميعها ولو بدرجات متفاوتة إلى جانب اتفاق بشان سورية .. فانشغلت تركيا بأكراد أبِقُوا وطنهم ودولنهم وقبلوا بأن يتورطوا بالعمل مع الأمريكان ضده ، وكانت النتيجة أن حملت تركيا وحدها دماء الأكراد.. وأتاحت للدولة الوطنية السورية دون تنسيق أو قصد التفرغ لجبهات أخرى !؟ .

وماهو إلا وقت يسبر حتى باعت أمريكا الأكراد ؛ الذين ورّطتهم ضد وطنهم ، ونسّقت مع تركيا ضدهم ، فتركيا الأطلسية أولى بـ ( المودة ) من مشروع كردي رغم أنه قد يشكل خنجراً مسموما جديداً في المنطقة وبخاصة ضد العراق وسورية وإيران .. إلى جانب الكيان الصهيوني .

فَشُلُ المشروع الكردي الأمريكي، أتاحته الخطة الروسية الذكية مع تركيا ، ما أتاح  للأخيرة أن تكون في موقع أقوى بجر الموقف الأمريكي إليها في موضوعة الأكراد، (فأمريكا علم جيداً)  أن مصالح تركيا كبيرة جداً ليس مع روسيا فحسب وإنما مع إيران أيضاً وهي مصالح جوار وأمن وإقتصاد، ليس من الممكن تجاوزها، فيما تحملها علاقاتها مع النيتو و(إسرائيل) أعباء إقتصادية وأمنية وعلاقات سيئة مع دول الجوار، وكراهية الشارع التركي لهذه العلاقات على أكثر من خلفية .

من جهة أخرى أيقظت الخيانة الأمريكية للسوريين الأكراد ، المشاعر الوطنية لديهم ، ما اضطرهم للعودة لحضن دولتهم، فكانوا أذكى من أن يستمروا في الشطط السياسي والعسكري فتوصلوا إلى إتفاق معل دولتهم في الحسكة والقامشلي ولحقت بهما مناطق في الرقة.. وستلحق أخرى ، وهي مناطق تعتبر سلة الغذاء والصادرات السورية والمنتجات اللازمة للتصنيع الزراعي وكذلك على صعيد الغاز والنفط ، ما سيسهم بتسريع استقرار الدولة وإعادة البناء .

قد يقول مزاود أو غير مستوعب للدرس، لكن روسيا استقبلت نتنياهو منذ بداية العام الجاري 3 مرات، صحيح،وصحيح أن بوتين حرص على التنويه خلال استقباله له ( أن زيارة نتنياهو أتت لحضور  المونديال  لكن هذا لا يمنع من استقباله) هذا تنويه ذكي بأن نتنياهو تطفل.. ومن تابع الإستقبال يلاحظ لغة الجسد الصارمة  لدى بوتين وهو يستقبل المتطفل ذاك..الذي لم يحصل من روسيا على اي جدوى ، ولن يحصل، بل على النقيض، فمع كل زيارة له كانت سورية تتقدم على الأرض أكثر دون ضجيج،فالروس أشد رصانة من أن يتركوا التصريحات الطنانة تأخذ مكان الفعل، فيما استقبل بوتين ولايتي والوفد الإيراني المرافق باشراح صدر وابتسامة عريضة،بل وأُعلن عن مشاريع روسية كبيرة في إيران وعن رفض الحصار الأمريكي النفطي عليها ، ،مع اقتراب عقد قمة بوتين ترامب.

روسييا .. تعلم جيداً كل ما صنعه الغرب وأمريكا ضدها في أعقاب إنهيارالمنظومة الإشتراكية وإنهيار الإتحاد السوفييتي ، وما دبّروا من مؤامرات كادت تطيح بها لولا وطنية الشعب الروسي ووما توفر عليه بوتين من مواهب قيادية ، كما لا تنس روسيا الثورات ( الليلكية ) التي أشعلها الغرب حولها ، تمهيداً لتدميرها من الداخل ، وما صنعوا في الدول التي لروسيا فيها مصالح إقتصادية ، روسيا تعلم جيدأ أنه بنتيجة الحرب على سورية تتحدد أموراً كثيرة ، من بينها ميزان القوى العالمي العسكري والاقتصادي والسياسي والمفاهيم الاجتماعية والنظم القيمية الجديدة .

روسيا لن تبيع أي من حلفائها ولن تستعمر دولاً ساعدتها ، وليس لها تاريخ استعماري في منطقتا العربية ولن يكون، ومصالحها عندنا ومعنا تقوم على اساس من استقرارنا وتقدمنا وقوتنا واستقلال قرارنا السياسي وليس العكس ،هذا ليس (تهجيص ) وقد اقترب كثيرا ثبوت ذلك على الأرض وفي كل المجالات .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى