ثورة 23 يوليو المجيدة تاريخ يتجدد

بقلم : عبد الهادي الراجح

كثير من العمل قليل من الكلام ..هذا هو الشعار غير المعلن الذي رفعته ثورة 23 يوليو المجيدة  عام 1952م ، التي قادها الزعيم جمال عبد الناصر ومجموعة من الضباط الأحرار الذين حملوا أرواحهم على أكتافهم في ذلك التاريخ واليوم الخالد، ليغيروا ليس وجه مصر فحسب ولكن واقع العالم العربي والقارات الثلاثة في العالم، ووجه التاريخ في منطقتنا بشكل خاص .

لذلك من اليوم الأول لثورة 23 يوليو المجيدة ناصبها العدو الصهيوني، مخلب الغرب  في أمتنا، شديد العداء، ولعل قصة أحد الصحفيين الصهاينة الأمريكان عندما هرع لأبن غوريون  يبشره أن الثورة المصرية التي قامت على ضفاف النيل لم تطرح أي قضية قومية غير تحرير مصر ، وأخذ يعدد له الأهداف الستة المعلنة لثورة 23 يوليو المجيدة  فما كان من ذلك الداهية الصهيوني ابن غوريون إلا أن صرخ في وجه محدثه قائلا  (تلك هي مصيبة إسرائيل أي أن ترى مصر وقد تحررت من الوصاية البريطانية أو الأمريكية  أو أي قطر عربي).

ورأينا في العصر الحديث كيف تم ضرب العراق وليبيا، وكيف حاول الامبرياليون تدمير سوريا وكل قطر عربي حاول أو يحاول التحرر والنهوض لأنهم يعلمون أن أمة العرب مهما باعدت بينها المسافات هي أمة واحدة وثقافة واحدة،  وحتى نجاحهم في سايكس بيكو لم يعتمدوا عليه رغم نجاحه ، ولم ينظروا إليه إلا كخطوة أولى ثم إعادة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ، وما يحدث في وطننا العربي اليوم أكبر دليل على صحة ما نقول .

ثورة 23  يوليو المجيدة هي النقطة الوحيدة المضيئة في تاريخ العرب الحديث منذ الانقلاب الأموي على عهد الخلافة الراشدة ، لذلك هناك حرب مسعورة على ثورة 23 يوليو ومؤسسها خاصة بعد نجاح الانقلاب على الثورة  الذي تم للأسف من أحد أبنائها، وبدعم من الصهيونية العالمية وعملائها في المنطقة، والخيانة موجودة في كل زمان ومكان منذ أن وجد الإنسان على وجه هذا الكوكب .

ولعل الحديث عن ثورة 23 يوليو ليس ترفا فكريا أو عودة للماضي الذي بالتأكيد لن يعود ولن يبقى منه إلا الدروس والعبر وهذا ما نريده ونقصده .

نتذكر ثورة 23 يوليو المجيدة في ظل هجمة استعمارية امبريالية كونيالية  تريد اغتيال وتشويه كل شيء جميل في تاريخنا حتى تبقى أمتنا بلا تاريخ ، ومن يتابع الهجوم القذر الممنهج على مصر اليوم منذ أن أطاح الشعب المصري بالمخلوع محمد مرسي وجماعة الإخوان المتأسلمين .

هناك اليوم قنوات تبث من تركيا بشكل خاص وأمريكا وغيرها ، تبث سمومها ليل نهار وتحاول التشكيك ليس بنظام معين ولكن بكل تاريخ وحضارة مصر ذات 7000 الاف عام .

نعلم أن هناك الكثير يستحق النقد وضرورة المراجعة منذ أن حول السادات نصر أكتوبر العظيم لهزيمة سياسية  وجعل مصر سوقا للاستهلاك بعد ضرب النهضة الصناعية والزراعية التي قادها الزعيم جمال عبد الناصر وأحرار مصر ، ليصبح استمرار نظام السادات ولكن بدون السادات نفسه لا يتم إلا على حساب مآسي الأمة العربية حيث أكد كل الاقتصاديين أن استمرار نظام السادات من خلال مبارك عشرون عاما  قبل ثورة يناير الثانية كان على حساب تدمير العراق تحت مزاعم تحرير الكويت حيث شطبت نصف ديون مصر التي ورثها مبارك عن السادات وزاد عليها .

وللأسف تستغل هذه الأخطاء أو الخطايا للتشكيك بكل تاريخ مصر ورموزها الخالدة من خلال إعلام موجه يعمل ليلا نهار بلا كلل ولا ملل وهذا الأمر أصبح لا يخفى على كل متابع منصف أن المستهدف هو مصر لأن تدميرها لا سمح الله يعني الوصول لكل ما يريدون  ، لا نقول ذلك شعرا ولا كلام عاطفي في ذكرى عزيزة علينا جميعا لكن نقول ذلك من أجل الغد والأجيال القادمة .

لقد قامت ثورة 23 يوليو المجيدة بقيادة جمال عبد الناصر من أجل نهضة مصر وأمتها العربية حيث جعلت من مصر لأول مرة بلدا صناعيا كانت تقف مع الهند والصين ، متجاوزة ما يعرف بالنمور الآسيوية وكوريا الجنوبية التي كانت ترسل بعثات من أبنائها للاستفادة من التجربة المصرية في صناعة السيارات بشكل خاص .

هذه الحرب الشرسة على ثورة 23 يوليو المجيدة لم تتوقف منذ انطلاقها بل زادت شراسة بعد رحيل قائدها ومفجرها لأن الهدف اغتيال حتى الحلم بعد رحيل صاحبه ، وفي السنوات الأخيرة زادت الحملة شراسة على مشروع جمال عبد الناصر وأصبحت في ظل الطفرة النفطية لدويلات الكاز والغاز تزداد شراسة عليه .

بالأمس جرى تمزيق صورة لجمال عبد الناصر في مسلسل تافه متسعدن والمأساة أن العالم الخارجي ينظر لنا جميعا بنفس  منظاره لعملائه من شيوخ الكاز والغاز .

بالأمس القريب وأثناء زيارة الصهيوني ترامب لبريطانيا خرج الآلاف من المتظاهرين البريطانيين يقودون دمى  على شكل تمثالين لأبن سلمان وابن زايد وكتب عليهما لسنا العرب حتى يقودنا ترامب  .

بقي أن نقول أن ثورة 23 يوليو كانت وستبقى تجربة عظيمة ومحاولة لا بد من الاستفادة منها في أي عمل وحدوي في المستقبل، إضافة الى أنها أعظم حركات التحرر الوطني والقومي باعتراف أعظم قادة التحرر في العالم أمثال جيفارا وكاسترو ونلسون مانديلا وجواهر نهرو وماو سي تونج وأحمد بن بيلا  ونكروما  وصولا لقادة أمريكا اللاتينية  وعلى رأسهم طيب الذكر هوجو شافيز  وغيرهم وغيرهم الكثير .

رحم الله قائد ومؤسس ثورة 23 يوليو المجيدة الزعيم جمال عبد الناصر وتحية تقدير لرفاق دربه الأحرار ومن آمن برسالته الوحدوية ونهجه القومي التحرري ، والى كل يد لا زالت تقاوم المشروع الامبريالي الصهيوني في المنطقة وتؤمن بالوحدة العربية وإنها منبع القوة  لأمتنا في كل زمان ومكان .

وتبقى ثورة يوليو هي رمز التحرر والدينمو المحرك لكل حركات التحرر في العالم النامي رغم  أنوف  الأعداء و العملاء والخونة وما أكثرهم في عصر  ترامب ونتنياهو وابن سلمان وابن زايد  وأمثالهم الكثيرون من أشباه الرجال في أمتنا العربية .. ولا نامت أعين الجبناء .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى