أحمد سعيد قامة إعلامية لن تتكرر
بقلم : عبد الهادي الراجح

في الذكرى الــ51 لنكسة حزيران الأليمة عام 2018م ، شاءت الأقدار أن يرحل عن عالمنا العربي صاحب قامة إعلامية قل نظيرها، ورجل عريق كان صوته يرهب الأعداء والعملاء والخونة.. رجل إعلام ومهني يعرف ماذا يقول ومتى يقول ولماذا يقول، انه الإعلامي الكبير أحمد سعيد ، احد مؤسسي إذاعة صوت العرب وضميرها المتكلم الذي تولى الرد بكل جدارة واقتدار على المشروع المضاد لمشروعنا القومي الناصري التحرري الذي شكل يومذاك املاً لملايين العرب، وعلامة فارقة في جبين تلك المرحلة المجيدة من تاريخ امتنا .
واليوم وفي ظل الهجمة على أمتنا العربية تعرض كل دعاة ذلك المشروع العظيم لهجوم الاستعمار الغربي وعملائه من الرجعيين الخونة من أمتنا .
لقد كانت إذاعة صوت العرب المستهدف الأول أثناء العدوان الثلاثي حتى أن انطوني ايدن وجي موليه ركزا هجومهما على إذاعة صوت العرب التي انطلقت من دمشق بعد أن توقفت بالقاهرة، لتعلن للدنيا كلها : هنا صوت العرب .. هنا القاهرة من دمشق ، في أعظم تلاحم عربي عربي شهده التاريخ الحديث .
وبعد فشل العدوان واندحاره أصبحت مصر وإذاعة صوت العرب بقيادة الفقيد الكبير أحمد سعيد هي من يوجه الشارع العربي ، وكان الاستماع لصوت العرب يعني جرما يحاسب عليه فاعله في الدول الرجعية وذيول الاستعمار ، وبعد التآمر على مصر في نكسة حزيران يونيو الأليمة عام 1967 بدأت تصفية الحسابات والشماتة ، وكان الفقيد الكبير أحمد سعيد هو الضحية الأولى لتلك النكسة وكأنه هو من يقود الجيش وكل الأسلحة وليس مجرد مذيع مطلوب منه إذاعة ما يصله من بيانات عسكرية من الجهات المسئولة حتى لو كان ذلك على غير قناعاته الشخصية، ورفضه لذلك يعني الحكم عليه بالإعدام كخائن .
ناهيك عن مسألة وطنية وقومية إنسانية ، فهل كان المطلوب منه أن يعلن أن البلد دمر في الساعات الستة الأولى من الحرب وهناك الآلاف الجنود في سيناء وحتى خارج الحدود ؟ وماذا سيكون شعورهم لو أعلن ذلك ؟ لكن الهجمة والظلم الذي تعرض له أحمد سعيد هو في الأصل هجوم على الزعيم جمال عبد الناصر وتجربته .
قبل أعوام شاهدت مقابلة للفقيد الكبير أحمد سعيد على إحدى القنوات وكان المحاور عمرو أديب المعادي لنهج الزعيم جمال عبد الناصر والذي لم يترك نقطة إلا وأثارها مع الفقيد الكبير أحمد سعيد ، وكانت إجابته تقنع كل من يبحث عن الحقيقة ،وأكدت ذلك التعليقات بعد نشرها على الانترنت وغيرها .
وليس الفقيد الكبير أحمد سعيد وحده من تعرض للتشويه ، فهناك الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الذي وصل الأمر أن يمنع نشر مقالاته في مصر في الوقت الذي كانت تطلبه كل صحافة العالم، ورغم أخطائه الواضحة التي لا يمكن تبريرها إلا أن الهجوم عليه أخذ بعدا آخر خاصة في عهد السادات ومن السادات نفسه الذي لم يكن إلا تابعا للزعيم جمال عبد الناصر،ولكن الهدف كان تصفية ثورة 23 يوليو بعد رحيل قائدها، والتركيز على ما اسماه السادات وعصابة حكمه بثورة 15 أيار/ مايو أي الانقلاب على ثورة 23 يوليو وانجازاتها التاريخية .
ومن أجل ذلك لا بد من الهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر والتركيز أكثر على رفاقه ورموز مرحلته خاصة في الإعلام حيث توجيه الرأي العام ، وبالطبع النكسة الأليمة التي أراد لها الاستعمار الصهيو أمريكي وعملاؤه مجمع الملوك العرب ان تشكل الضربة الموجعة للمشروع الوحدوي الناصري خاصة بعد رحيل قائد المشروع وزعيم الأمة جمال عبد الناصر .
نعم لقد ظلم أحمد سعيد كما لم يظلم أحد من قبل، رغم ما كل ما قدمه من إعلام مميز شكل نصف المعركة في محاربة الاستعمار وجلائه في القارات الثلاثة .
رحم الله الإعلامي الكبير أحمد سعيد واسكنه فسيح جناته .. وتعازينا الحارة لأهله وأسرته ولكل محبيه في مصر وأمتنا العربية .