الاردن : وطن الامن والرسالة الخالدة

بقلم : د. زيد احمد المحيسن

يقول شكيب ارسلان :” يفكر الوطني بالاجيال القادمة , اما السياسي فيفكر بالانتخابات القادمة . ”

يشَهدُ هذَا العصرُ تحَولاتُ إجتماعَية و ثقافَية و سياسَية و تربَوية نتيجه لثورة تكنولوجيا المعلومات و غزارة المعلومات و أنفتاح العالم على بعضة البعض ، نظرًا لتقدم وسائل النقل و الأتصالات السلكية واللاسلكية و الأقمار الصناعية و المحطات الفضائية و الشبكات العنكبوتية “الإنترنت” التي أصبحت في متناول اليد للصغير و الكبير توفر الوقت و الجهد على المستفيد من خدماتها بكل يسر و سهولة .. في ظل هذا التطور المشهود و الكم الهائل من المعلومات المتدفقة بدأنا نشاهد في مجتمعاتنا المعاصرة تنكرا صبيانيا و هجمةً عدائية من قبل البعض تجاه تراثنا القومي و الحضاري و الأنساني ، و تجاه منظومة القيم و الأخلاق التي تشربناها جيلا بعد جيل و يؤمن بها السواد الأعظم من أبناء الأمة العربية . تهدف هذه الهجمة الشرسة في أبعادها المتشعبة إلى تغريب المواطن العربي داخل وطنه عن مقوماتِ مصدر إعتزازه و مبعث قوتة و عنوان أستقلالة و كبريائه ، وذلك عن طريق دس السم في الدسم تارة و في التشكيك بما يؤمن به تارة أخرى، و بإيقاع الفتنة بين أبناء الأمة العربية الواحدة التي حملت الرسالة الخالدة ، وقدمت للبشرية أول مشروع تنويري تقدمي في عصورها المظلمة – مبادئ الحضارة و التمدن و الرقي الانساني و منظومات القيم و الاخلاق – التي يحاول البعض الان تمزيقها و زحزحتها من وجدان المواطن العربي المعاصر ليسهل بعد ذلك اقتلاعها من جذورها و الإنقضاض عليها و شرذمة الامة إلى أشلاء و أشباه دول متماحكة متفرقة.

أمام هذا الواقع الأليم المعاش, لابد من صحوة جديدة يقودها حملة الفكر العربي و العلماء الأجلاء المتنورون و أصحاب الضمائر الحية للتصدي لهذه الهجمة ، و ذلك عن طريق توعية الأمة بهذه المخاطر و بث روح الوحدة و العزة و الكبرياء و الأنفة بماضيها, المضيء و حاضرها المشرق, و مستقبلها الزاهر,، و هذا يتطلب أيضاً مأسسة لعملية التربية الوطنية, تبدأ من البيت, و تنتقل إلى المدرسة ثم إلى الجامعة بعدها إلى مواقع العمل, فالشعوب بحاجة بعد لقمة العيش إلى التربية و هذا ما يجمع عليه أهل الصين في أمثالهم القائلة ( بعد لقمة العيش أول حاجة للشعوب هي التربية).

قد تكون جذور التربية مرة المذاق, و شاقة, ولكنني أجزم بأن ثمارها ستكون حلوة في المستقبل المأمول, وإن بعض حلاوتها الثبات على المبادئ و الحياة الفضلى و الإعتزاز بالإنجاز العربي و تحمل المسؤولية بكل ثقة و إقتدار, لأن شرف الدفاع عن هذه المبادئ و الوطن لا يمكن أن تحملة إلا النفوس الكبيرة, المؤمنة, الواثقة و المطمئنة إلى تاريخها المجيد و حضارتها العريقة.

أننا ورثة رسالة خالدة, و أبناء صحابة أجلاء, فاضت أرواحهم الزكية و هم يبشرون الإنسانية بالفجر الجديد, و عملوا على مسافة الزمن على نشر مبادئ العدل و الخير و السلام و المساواة و الأخلاق الفاضلة. ولا شك إن الوهن الذي أصابنا في هذا العصر هو نتاج قلة في جرعات التربية الوطنية الجادة ، لذلك لابد من نفض الغبار عن كواهلنا مرة ثانية لنعود كما كنا (خير أمة أخرجت للناس ) و كم هو جميل في هذا الوقت أن يحيى الإنسان وهو يدافع عن وطنة و رسالة امته ، فليس ثمة مكان أغلى وأسمى من هذا الوطن وهذه الامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى