“نيويورك تايمز″ تكشف دور شركات العلاقات العامة الامريكية في قفزات ابن سلمان الانفتاحية

 

شهدت السعودية العام الماضي سلسلة من القرارات المهمة والتحركات التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبعيدا عن تغيير شكل الوراثة في البلاد من الأخ للأخ إلى الأب إلى للابن فإن معظم القرارات التي اتخذت كانت تقف وراءها شركات العلاقات العامة التي استعان بها ولي العهد وكان قرار فتح دور السينما وإلغاء الحظر عن قيادة المرأة للسيارة نتاجا لابحاث شركات العلاقات العامة.

والغريب أن الشركة التي نصحت الحكومة السعودية هي الشركة الأم لشركة كامبريدج أنالتيكا التي كانت في مركز فضيحة استخدام معلومات الفيسبوك لخدمة الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب والتأثير على مواقف الناخبين البريطانيين اثناء استفتاء عام 2016 للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وفي تقرير أعده المحقق الاستقصائي داني حكيم لصالح صحيفة “نيويورك تايمز″ جاء فيه أن السعودية استعانت بمجموعة أس سي أل غروب (أو كما كانت تعرف بمخابر التواصل الإستراتيجي). ونقل حكيم عن مستشارين غربيين عملوا في السعودية ومدراء تنفيذيين بالإضافة إلى مراجعة للوثائق صورة للطريقة التي استعانت بها السعودية بهذه الشركة.

فقد كانت المملكة تعاني من تراجع اسعار النفط وسكان شباب غير راضين عن الوضع ولهذا استعانت الحكومة بالشركة الأم لكامبريدج انالتيكا.

ويضيف أن عمل أس سي أل، المتعهد السري الدفاعي والأمني سبقت التغيرات العنيفة التي شهدتها السعودية في السنوات الماضية، كما أنها كانت تواجه فضائح. لكنها قدمت في أثناء عملها للسعوديين خريطة طريق نفسية للسكان ومشاعرهم تجاه العائلة المالكة بل وقامت بفحص خطوات الإصلاح المحتملة وعلاقتها بالاستقرار.

ويقول حكيم إن المستشارين والمدراء التنفيذيين الذين تحدث معهم اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم نظرا لأنهم مرتبطون باتفاقيات عدم الكشف.

وكان من بين المقترحات التي قدمتها الشركة هو رفع الحظر المفروض منذ 35 عاما على دور السينما وهو ما فعلته الحكومة في كانون الأول العام الماضي. وأوصت كذلك بالسماح للمرأة بقيادة السيارة وهو ما قرره الملك في إيلول 2017.

ويضيف الكاتب أن السعوديين في ظل الملك سلمان بحثوا منذ وصوله للسلطة في كانون الثاني 2015 عن مساعدة من شركات العلاقات العامة والمستشارين حيث كشف هبوط أسعار النفط عن مشكلة حقيقية تعاني منها المملكة وهي غياب التنوع في الاقتصاد الذي يعتمد في معظمه على موارد النفط.

وكانت بعض الشركات الإستشارية مثل ماكينزي أند كومباني وبوسطن كونسالتينغ غروب ذات سمعة وثقة أما أس سي أل التي انشئت عام 1993 فهي معروفة بعملها السري.

ويضيف حكيم إن الشركة أصبحت محل اهتمام إعلامي وسط فضائح عن إغرائها ورشوتها وإيقاعها بالسياسيين والبحث عن التأثير الأجنبي فيما أغلقت الشركة التابعة لها “كامبريدج أنالتيكا” أبوابها بعد فضيحتها مع حسابات فيسبوك.

ويضيف الكاتب أن أس سي أل لديها تاريخ في مساعدة الحكومات للسيطرة على سكانها وممارسة السلطة. فقد استعانت بها في العام الماضي الإمارات العربية المتحدة كي تقوم بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد منافستها قطر.

وفي أندونيسيا قامت الشركة بتنظيم احتجاجات كوسيلة للسيطرة على تظاهرات الطلبة حسبما ذكر تقرير إخباري، كما رتبت مؤتمرا تدعمه الحكومة سرا وكرس لمناقشة استقلالية الصحافة.

كما وقدمت تحليلات سيكولوجية للمواطنين في اماكن مثل ليبيا بعد سقوط معمر القذافي. ووصف مدير الشركة نايجل أوكس استراتيجيتها بشكل عام بأنها تقوم على “تواصل جمعي” حيث يتم من خلال هذا المفهوم حرف أراء قطاع واسع من السكان. وقال مرة: “نستخدم نفس الأساليب التي استخدمها أرسطو وهتلر” و “نحاول جذب السكان على المستوى العاطفي ودفعهم للموافقة على المستوى العملي”.

ويرى الكاتب أن فكرة لعب أبحاث الشركة النفسية دورا في التخطيط لجهود الإصلاح في السعودية قد تثير نقاشا جديدا حول نوايا ولي العهد بن سلمان الذي ينظر إليه البعض بأنه من أهم الإصلاحيين الإجتماعيين والإقتصاديين في المنطقة فيما يراه آخرون بالإنتهازي القاسي أو كلا الوصفين معا.

ويشير الكاتب إن الإدعاءات النبيلة تفوقت عليها نفقاته الباذخة وسجنه للأثرياء من رجال الأعمال والأمراء من أبناء أعمامه. وقيل أن الحكومة استخدمت أسلوب الإكراه والتعذيب الجسدي للحصول على مليارات الدولارات من المعتقلين الذين احتجزوا في البداية بفندق ريتز كارلتون الرياض.

وتساءل الكثيرون عن نوايا الأمير خلال الأسبوعين الماضيين بعد اعتقال الناشطات اللاتي دعمن نفس الإصلاحات التي تبناها بن سلمان والسماح للمرأة بقيادة السيارة.

ويقول الكاتب إن عمل أس سي أل في السعودية مغلف بالسرية إلا أن محلل سابق في الشركة، جيمس لافيل والذي ذكر المشروع السعودية على معلوماته الشخصية في لينكد إن قال: ” إن التحليل الذي تركز على بيانات المجموعات أسهم في تقديم وكتابة تقرير لمشروع بحثي بشأن الإصلاح الإقتصادي في المملكة العربية السعودية”.

وكتبت ألكسندرا ويسكل، مديرة مشروع في كامبريدج أنالتيكا في معلوماتها الشخصية إن العمل تركز على تطوير مبادرة الإصلاح الوطني ومحاولات البلد تنويع اقتصاده بعيدا عن التبعية للنفط”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى