في ضيافة جرحى غزة هاشم بمدينة الحسين الطبية
بقلم : زيد احمد المحيسن

قيض لي قبل ايام وبمبادرة كريمة من المنتدى العالمي للوسطية في عمان بمرافقتهم في زيارة جرحى العدوان السافر على مدينة غزة وفلسطين الذين يرقدون على اسرة الشفاء في مدينة الحسين الطبية ويتلقون العلاج من قبل الطواقم الطبية الاردنية – هذا الصرح الذي يحمل اسم اغلى الرجال علينا ، الحسين الباني رحمه الله – هذا الصرح الذي يعمل بصمت ودون ضجيج ويقدم خدماته للجميع بكل حرفية واقتدار – فلهم منا كل تحية وتقدير .
دخلنا الى قسم جراحة الرجال فمعظم المصابين من الشباب – شباب في سن الزهور – مزقت اجسادهم العيارات النارية الحية والمحرمة دوليا، فمنها الحارق ومنها الخارق ومنها المتفجر ومنها الحي القاتل من ذخائر السموم والغازات المحرمة دوليا في الحروب، ولكن العدو الصهيوني يستخدمها ببشاعة وغياب ضمير و غياب حس انساني ضد المدنيين العزل من السلاح من ابناء شعبنا العربي الفلسطيني في غزة وسائر فلسطين – فمعظم اصاباتهم بالسيقان والارجل والصدر والوجه حتى يعيقوهم عن الحركة والنضال ، ولكن انى يكون ذلك فقد لقد واجه هؤلاء الشباب الالة العسكرية الصهيونية باجسادهم الطاهرة متسلحين بالايمان بعدالة قضيتهم وحقهم المشروع في تحرير وطنهم من اخر استعمار على وجه الارض يرزح على صدورهم منذ اكثر من مئة عام .
في العادة تزور المريض من اجل ان ترفع معنوياته وتشد من ازره فهو في حالة ضعف والعلاج لايكون فقط بالدواء ولكن العامل النفسي لايقل في تاثيرة عن العلاج والدواء، لكن ان تكون انت الضعيف امام هؤلاء الرجال فهذا شىء غريب ! لقد تالمت من هول المشهد ولكن كلمات هؤلاء الشباب المتفائلة بالنصر والتحرير القريب رفعت من معنوياتي وجعلتني انساناً آخر بعد هذه الزيارة.
لقد اصبحت اكثر حيوية وإيماناً بأن النصر قادم لامحالة ولكننا مستعجلون – هؤلاء المناضلون الشرفاء اعادوا الينا الرشد وعدلوا بوصلتنا الخانعه ، فهم يقدمون ضريبة الدم يوميا دفاعا عن امتنا العربية والاسلامية ونحن هنا نتصارع مع حكوماتنا على ضريبة الدخل، ياالهي كم هي مفارقة كبيرة بين اناس يعمدون مسيرتهم بالدم القاني ونحن نبحث عن حياة الذل والخنوع ونحن في ارذل العمر .
نعم انها مفارقة عجيبة ، لقد خرجت من المستشفى وانا افكر بعظمة هؤلاء الشباب وفي اي مدرسة تعلموا هذا الاباء العظيم وهذا الاصرار الكبير والايمان العميق بالمستقبل الموعود ، وبالرغم من شدة جراحاتهم الا انهم كانوا يخفون اوجاعهم وعتبهم على امتهم التي تركتهم يناضلون وحدهم بصدور مكشوفه واجساد عارية الا من الايمان بان النصر والتحرير قادمان ولو بعد حين ،بكلماتهم الايمانية العفوية الصادقة بالنصر والتحرير .
لقد تركناهم والدمع يملأُ المآقي وبتمتمة خفية رددنا : عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر .