حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين  

بقلم : فؤاد دبور *

أعدت هذه الدراسة نظرا للتحركات التي يقوم بها شعبنا العربي الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة تحت عنوان حق العودة للاجئين.

أولا: تعريف اللاجئ :

تعتبر الأمم المتحدة ان اللاجئ الفلسطيني هو الشخص الذي كانت إقامته العادية في فلسطين لسنتين على الأقل قبل عام 1948 ويكون قد فقد منزله قسرا بفعل الحرب ولجأ إلى إحدى الدول الأخرى.

في اجتماع ضم بن جوريون واسحق رابين وايجال آلون من القادة العسكريين، وكانت قوات عصابة الهاجاناه على وشك مداهمة مدينتي اللد والرملة سأل الون عما يجب عمله تجاه سكان المدينتين البالغ عددهم حوالي 70 ألفاً في تلك الفترة فأجابه بن غوريون (جاريش اوتام -أطردوهم).

والواقع ان خطة “واليت التي وضعتها قيادة الهاجاناه منذ شهر آذار سنة 1948 كانت تتضمن أوامر صريحة بالاستيلاء على المدن والقرى الفلسطينية وطرد سكانها وتدمير المعادية منها، وقد قام القادة العسكريون بتنفيذ الخطة عن طريق تهجير السكان وإرغامهم على الفرار من منازلهم إلى خارج البلاد وتلمس النجاة من نيران المدافع والمتفجرات، بل ان وسائل النقل قد أعدت لهم تيسيرا لهجرتهم خارج الحدود واللجوء إلى الأقطار العربية المجاورة.

وكانت الفترة بين آذار 1927 وكانون الأول عام 1948 قد شهدت هجرة أفواج من سكان حيفا ويافا والقدس هروبا من العمليات الإرهابية لمنظمتي شتييرن والأرغون. وقد كانت مذبحة ديرياسين في نيسان عام 1948 حدثا بالغ الأثر في تفريغ العديد من المدن والقرى الفلسطينية من سكانها العرب، حيث ارتكبت العصابات الصهيونية مذبحة دموية كبرى بحق أهل دير ياسين طالت النساء والأطفال والشيوخ وبعد المذبحة قال الإرهابي المشهور مناحيم بيجن “لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل” وقد نبتت فكرة ترحيل عرب فلسطين منذ اليوم الأول لتفكير ثيودور هيرتزل في إقامة الدولة اليهودية وحتى قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول علم1897.

حيث كتب في يومياته في حزيران عام 1895 سنسعى لتهجير السكان عبر الحدود وفي شهر أيار 1937 قام بن جوريون بزيارة إلى لندن بهدف إقناع الحكومة البريطانية بالموافقة على خطة ترحيل عرب فلسطين إلى شرق الأردن وإحلال اليهود مكانهم تنفيذا لوعد بلفور، وهناك العديد من الحقائق والوقائع والخطط ، وبالرغم من كل ذلك، فإن قادة الكيان الصهيوني يتنصلون ويتنكرون من مسؤوليتهم عن قضية اللاجئين الفلسطينيين زاعمين بأنهم قد غادروا مدنهم وقراهم استجابة لنداءات القادة العرب الذين طلبوا منهم فتح الطريق امام القوات العربية.

– ظل موقف الأمم المتحدة تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين قائما على أساس قرار الجمعية العامة رقم 194، الصادر بتاريخ 11 كانون الأول 1948 وقد دأبت سنويا على تأكيد هذا القرار الذي ينص على عودة اللاجئين والتعويض عليهم مقابل الأضرار التي لحقت بهم جراء تشريدهم، والتعويض على من لا يرغب منهم في العودة.

وقد أسندت إلى لجنة التوفيق التي أنشأتها مهمة تنفيذه، وبعد ان قامت اللجنة بعدة زيارات إلى المنطقة وعقدت مع حكومات الدول العربية اجتماعات في بيروت (21 آذار، 5 نيسان 1949) وكانت قضية اللاجئين البند الأساسي على جدول الأعمال، واتفقت الوفود العربية على ضرورة إعطاء هذه القضية الأولوية المطلقة وحلها على أساس قبول الكيان الصهيوني للقرار 194، ومع اعتراف اللجنة بسلامة الموقف العربي، فقد أبدت التحفظ على تنفيذه عمليا، امام رفض موشى شاريت وزير خارجية الكيان الصهيوني اقتراح عودة اللاجئين مطالبا بتوطينهم في الأقطار العربية.

وعقدت لجنة التوفيق الدولية اجتماعا للوفود العربية والكيان الصهيوني في 27 نيسان 1949 وطلبت من الطرفين توقيع ما يعرف ب “بروتوكول لوزان” الذي يتضمن قبول اتخاذ قراري التقسيم واللاجئين (181،194) على التوالي أساسا للمناقشة.

وقد وقع الطرفان البروتوكول في 12 أيار عام 1949 لكن ممثل الكيان الصهيوني قد تحفظ على الاتفاق، خاصة فيما يتعلق باقتراح الوفود العربية بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأرض العربية وفق قرار التقسيم.

وفشلت لجنة التوفيق الدولية في التوصل إلى حل متفق عليه بين الأطراف لحل قضية اللاجئين وهكذا فقد رفض الطرف الصهيوني كل الاقتراحات والقرارات التي تقدمت بها لجنة التوفيق الدولية بعد ذلك.

وقد نتج عن عدوان الخامس من حزيران 1967 نزوح عدد كبير من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة واصدر مجلس الأمن الدولي قرارا في الرابع عشر من حزيران 1967م تحت رقم 237 يطالب فيه حكومة الكيان الصهيوني تسهيل عودة السكان الذين فروا من المناطق بسبب الحرب وتم تكليف السكرتير العام للأمم المتحدة بمتابعة تنفيذ القرار كما أكدت الأمم المتحدة على مضمون القرار في الرابع من تموز عام 1967. وأمام ضغط المجتمع الدولي فقد وافقت الحكومة الصهيونية على عودة ما لا يزيد عن 10% من النازحين إلى مدنهم وقراهم.

– لقد ظل موقف الحكومات الصهيونية المتعاقبة ومنذ عام 1948 ثابتا على رفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين والمطالبة بتوطينهم في الأقطار العربية مستندة في ذلك على مزاعم:

  1. أنها غير مسؤولة عن مشكلة اللاجئين الذين غادروا تلبية لنداءات قادة عرب.
  2. ان نوعا من التبادلية قد حدث، حيث غادر عدد من اليهود لا يقل عن عدد اللاجئين الفلسطينيين الأقطار العربية التي كانوا يقيمون فيها تاركين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم وتم استيعابهم ضمن الكيان الصهيوني.
  3. ان الكيان الصهيوني لا يقبل بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذي يحملون العداء والكراهية لكيانهم مما يهدد أمن وبقاء هذا الكيان فضلا عن انتزاع الطابع اليهودي له.
  4. ان الأقطار العربية لها متسع كبير من الأرض التي يمكن توطين اللاجئين الفلسطينيين فيها.
  5. ان العديد من القرى والمدن التي كان يقيم فيها اللاجئون الفلسطينيون قد أزيلت وأقيم مكانها تجمعات سكانية يهودية وبالتالي فلا يمكن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلا إذا كان ذلك على حساب اليهود.

هذا ولقد أصدرت حكومات الكيان الصهيوني تشريعات قامت من خلالها بالاستيلاء على أملاك اللاجئين الفلسطينيين.

حق العودة في القانون الدولي

حق العودة من حقوق الإنسان حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 13 لكل شخص الحق في مغادرة بلده والعودة إليه وانه لا يجوز حرمان احد بصورة تعسفية من الدخول إلى بلده (وليس دولته).

طبعا الكيان الصهيوني يعتبر ان هذا النص لا ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين.

حق العودة مثلما هو حق فردي لكل لاجئ فإنه حق قومي معترف به للشعب الفلسطيني في القوانين الدولية.

فقرار الجمعية العامة رقم 2535 الصادر في 10 كانون الأول 1969 ينص على ان مشكلة اللاجئين الفلسطينيين قد نشأت بسبب إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف وفقا لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

الواقع ان الجمعية العمومية للأمم المتحدة قد أصدرت عشرات القرارات التي تؤكد على حق اللاجئين في العودة إلى مدنهم وقراهم.

– من الواضح ان الاتجاهات الدولية فيما يتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين تعتبر ان حق العودة يصعب تطبيقه، خلافا للقرارات الدولية وحقوق الإنسان.

وتستعيد الحلول المطروحة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي شردوا منها 1948، أما النازحون عام 1967 فيمكن عودة معظم هؤلاء إلى الضفة وغزة شرط ان تكون هذه العودة مرتبطة بالقدرة الاستيعابية إضافة إلى إعادة الاعتبارات الأمنية للكيان الصهيوني.

قضية اللاجئين في اتفاقات أوسلو (13 أيلول 1993) 

تم التفريق بين اللاجئين عام 1948 واللاجئين عام 1967 حيث أطلق عليهم تسمية النازحين وجعل مشكلة اللاجئين بين موضوعات التفاوض بشأن الوضع   مثلما ورد في المادة الخامسة من الاتفاق ثم تضمنت الاتفاقية الانتقالية الموقعة بتاريخ (28 أيلول عام 1995) عددا من الأحكام تتعلق بالإقامة ولم شمل العائلات، وتم تشكيل مجموعة عمل لبحث قضية اللاجئين في إطار المفاوضات المتعددة الأطراف.

كما تم تشكيل لجنة رباعية لبحث قضية النازحين (مصر، الأردن، فلسطين، الكيان الصهيوني).

طبعا عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات فاشلة ثم توقفت.

–    مجموعة العمل المشكلة في إطار المفاوضات المتعددة الأطراف.

أسندت رئاستها إلى كندا وتضم أمريكا، الاتحاد الأوروبي، واليابان وروسيا. عقدت سبعة اجتماعات في الفترة من أيار 1992 حتى كانون الأول 1995 حيث بحثت في

  1. طبيعة مشكلة اللاجئين
  2. تشجيع الحوار بين الطرفين الأساسيين (فلسطين ، الكيان الصهيوني).
  3. تعبئة الموارد اللازمة لحل المشكلة.

وفي إطار هذه اللجنة تقدمت كندا في آذار عام 1995 بورقة تتضمن رؤية لشرق أوسط بدون لاجئين أو نازحين، نصت على منح هوية لمن لا هوية لهم وإحلال التنمية لحل الفقر والاسكانات بدلا من المخيمات وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وان يتم تعايش مفتوح ويتم ما يلي:

  1. إجراء إحصاء رسمي للاجئين
  2. دراسة مدى الطاقة الاستيعابية للضفة وغزة للاجئين العائدين
  3. نقل خدمات وكالة الغوث الدولية إلى السلطة الفلسطينية
  4. إعداد بيانات خاصة بعملية التعويض الفردية والجماعية (أي تحسين ظروف الحياة) متجاهلة حق العودة.

رؤية الكيان الصهيوني:

  1. القبول بعودة لاجئين إلى الدولة الفلسطينية المقترحة على ان تلتزم سلطات الدولة بأن يكون ذلك ضمن قدرتها الاستيعابية
  2. التعويض عن الممتلكات للاجئين الذين تم تهجيرهم عام 1948 على أساس جماعي في المقابل تقوم الدول العربية بتعويض اليهود عن أملاكهم التي تركوها فيها.

رؤية السلطة الفلسطينية (التي وقعت اتفاق أوسلو)

  1. قبول الكيان الصهيوني بعودة عدد محدود من اللاجئين 1948 واعترافها بحق عودتهم إلى دولتهم الفلسطينية “المقترحة”.
  2. يكون تحديد أعداد اللاجئين العائدين إلى الدولة من سلطة الدولة مع الأخذ بالاعتبار ان حدود الدولة حتى حدود حزيران 1967
  3. توطين اللاجئين الذين لا يرغبون في البقاء في الدول المضيفة إذا ما وافقت هذه الدول على ذلك.
  4. يتلقى من لا يمارس حقه في العودة تعويضا فرديا، كما تقدم تعويضات جماعية إلى الدولة الفلسطينية على ان يتحمل الكيان الصهيوني دفع هذه التعويضات ولا مانع من مساعدة الدول المانحة.
  5. إلغاء وكالة الغوث الدولية

خطة اولمرت:

تحديد حدود الكيان الصهيوني، على ما مجموعه 60% من ارض فلسطين المحتلة 1967م والتي تساوي 22% فقط من ارض فلسطين بما يعني الإبقاء على ما لا يزيد عن 10% من كامل ارض فلسطين ذلك عبر الاحتفاظ بكل الأرض التي يقتطعها جدار الفصل العنصري.:

  1. الكتل الاستيطانية حول مدينة القدس باعتبارها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني
  2. الكتل الاستيطانية في منطقة الخليل وبيت لحم،ونابلس وقلقيلية.

ان إصرار قادة الكيان الصهيوني على تنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم المتعلقة باللاجئين والمستعمرات الاستيطانية والقدس، وجدار الفصل العنصري يعني بالضرورة نسف كل مشاريع التسوية وان لا وجود للسلام في المفهوم الصهيوني مما يجعل الصراع يشتد في فلسطين والمنطقة بأسرها.

– الأوضاع في فلسطين، العراق ولبنان وسورية.

أوضاع اللاجئين الفلسطينيين:

طبعا، تشكل قضية اللاجئين الفلسطينيين جوهر الصراع العربي الصهيوني مثلما تشكل معاناة ومعيشة اللاجئين مأساة إنسانية بكل ما في الكلمة من معنى حيث حياة البؤس والشقاء وعدم الاستقرار والاضطراب النفسي والمعنوي لمعظم اللاجئين الفلسطين وتزداد حياة هؤلاء بؤسا يوما بعد أخر بسبب فقدانهم لأرضهم ولحقوقهم الإنسانية. وبخاصة حقهم الطبيعي في العودة الذي أكدت عليه الاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تستمد قضية اللاجئين الفلسطينيين مشروعيتها كونهم أصحاب الأرض ومن عديد القوانين والاتفاقيات الدولية ومن الطبيعي والواجب، بل من الضرورة الحتمية أن يستند نضال الشعب العربي الفلسطيني ومعه الشعب العربي في كل أقطار الوطن من اجل الحفاظ على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب وبخاصة حقه في العودة إلى وطنه وكذلك من الواجب أيضا مواجهة المشاريع الأمريكية الصهيونية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بما فيها شطب قضية حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم وممتلكاتهم ومدنهم وقراهم ومن الضروري أيضا التصدي لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية التي تستهدف تصفية القضية وبخاصة سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المجسدة في “صفقة القرن”.

ويجب عدم توجه السلطة الفلسطينية نحو أي مفاوضات عبثية سواء أكان ذلك بمشاركة الإدارة الامريكية او دون مشاركتها، كما يتوجب دعم مسيرات حق العودة فلسطينيا وعربيا ودوليا. وحكومة العدو الصهيوني لما لها من مخاطر على القضية الفلسطينية.

 أمين عام حزب البعث العربي التقدمي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى