كرواتيا توافق “مبدئيًا” على تسليم قاتل الزواري إلى تونس

أعلن القضاء الكرواتي يوم الأربعاء الماضي، أنه وافق في الطور الابتدائي على تسليم تونس بوسنيًا يشتبه في ضلوعه في قضية اغتيال الشهيد المهندس محمد الزواري، وذلك بعد أيام قليلة من تأكيد القضاء التونسي رفض ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﻮﻗﻮﻑ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻔﺴﺮﺓ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺑﻜﻮﻥ ﻗﺎﻧﻮﻧﻬﺎ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺭﻋﺎﻳﺎها.

المحامي يطعن في القرار

محكمة “فليكا غوريكا” التي تقع قرب العاصمة الكرواتية زغرب قالت: “الشروط القانونية لتسليم المشتبه به المقيم في ساراييفو ليحاكم أمام محكمة تونسية متوفرة لكن التسليم ليس وشيكًا، لأن قرار المحكمة قد يستأنف أمام المحكمة العليا، بعد إعلان محامي المتهم أنه سيطعن في الحكم”، حسب بيان نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

وأشارت الوكالة إلى أن المشتبه به أوقف يوم 13 من اذار الماضي في كرواتيا بموجب مذكرة إيقاف دولية، ومحاميه “كريسيمير سكاريتشا” أعلن أن الوثائق التي قدمتها تونس “غير مكتملة وغير مناسبة” ولا يمكن استخدامها أساسًا لعملية تسليم.

وبداية شهر أيار الحاليّ، كشف الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس سفيان السليطي، أنه قد تم في 13 من اذار الماضي القبض على أحد منفذي عملية اغتيال الشهيد محمد الزواري في كرواتيا وهو يحمل الجنسية البوسنية، بموجب مذكرة قبض صادرة عن الإنتربول، في أثناء توجهه للسفر إلى فيينا.

ﻭﺃﻛﺪ ﺍﻟﺴﻠﻴطي حينها أﻧﻪ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬين ﻧﻔﺬﺍ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﻭﻳﺤﻤﻼﻥ اﻠﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﻴﺔ، مضيفا أن عميد قضاة التحقيق سبق وأن وجه 7 إنابات قضائية إلى السلطات المعنية في كل من البوسنة والسويد وبلجيكا وكوبا ومصر وتركيا ولبنان.

وقبل ذلك كانت حركة حماس قد ذكرت أن الذين اغتالوا الزواري في تونس يحملون جوازات سفر بوسنية، وبحسب ما قاله محمد نزال الناطق باسم الجناح السياسي لحماس، فإن الزواري كان تحت المتابعة الدائمة اليومية لمدة أربعة أشهر قبل مقتله، واتهمت حماس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي “الموساد” بالوقوف وراء العملية، مؤكدة أن الزواري عضو في ذراعها العسكرية “كتائب عز الدين القسام” وأحد المسؤولين عن تطوير برنامجها للطائرات المسيرة عن بُعد.

اغتيل الزواري أمام منزله

اغتيل الزواري في 15 من كانون الأول 2016 داخل سياراته أمام منزله في منطقة العين بطريق منزل شاكر من معتمدية صفاقس الجنوبية، بطلقات نارية استقرت في رأسه وصدره، وأعلنت بعد ذلك “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس الإسلامية، أن الزواري أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل من دون طيار التي اخترقت الأجواء الإسرائيلية في أثناء العدوان على قطاع غزة في 2014، واتهمت الكيان الإسرائيلي بالوقوف وراء العملية، وأكدت أن دم المهندس التونسي لن يذهب هدرًا.

المشتبه بالقتل محارب قديم

المواطن البوسني المقبوض عليه لدى السلطات الكرواتية للاشتباه بقتله المهندس التونسي الزواري هو عَلِم تشامجيتش الملقب بـ”تشاماتس”، وكان محاربًا ذا كفاءة عالية في حصار سراييفو (1992-1995)، وفقًا لصحيفة بوسنية.

وذكرت الصحيفة أن علم تشامجيتش مولود في صربيا عام 1972 ولكنه يحمل الجنسية البوسنية، ومعروف في دوائر وسائل الإعلام بسبب إسهاماته الحربية، إذ كان ذا مهارات متنوعة منها التسلل خلف صفوف العدو وإلحاق أضرار فادحة به، والتحق في خريف 1992 بصفوف الشرطة الخاصة البوسنية، ويصفه أحد زملائه الجنود وفضل عدم ذكر اسمه بـ”المغرم بتشاك لورنس ورامبو وفالتر وأبطال أفلام آخرين”، ونتيجة لذلك الشغف بالأفلام صُور فيلم وثائقي عنه يروي مسيرته الحربية بعنوان “تشاماتس” كان مشاركًا فيه، وبقي الفيلم معروضًا على اليوتيوب إلى أن أزيل في فترة لاحقة.

ﻗﺎﻧﻮن البوسنة ﻳﻤنع التسليم

وعمل بعد نهاية الحرب في البوسنة كجندي محترف، ويزعم معارفه أنه في تلك الفترة بدأ التعاون مع الشركة الأمريكية التي كانت مسؤولة عن تدريب جيش اتحاد البوسنة والهرسك آنذاك، ثم زعم أنه يمثل شركة إسرائيلية تتعامل في بيع معدات التنصت والاتصالات، وغادر البوسنة والهرسك بعد ذلك، ووفقًا لشهادات من أشخاص التقوا به في سراييفو، تحدث عن العمل في العراق للوكالات الغربية التي تقوم بمهمات التدريب في الجيش المحلي.

هل يتم التسليم؟

رغم إعلان محكمة “فليكا غوريكا” الكرواتية موافقتها على تسليم المشتبه به في اغتيال الزواري، فإن أطرافًا تونسية لا تخفي خشيتها من إمكانية ممارسة ضغط دولي كبير على القضاء الكرواتي حتى لا يسلم المشتبه به للقضاء التونسي، خاصة أنه تم استئناف القرار الصادر عن المحكمة الكرواتية.

وتصر السلطات القضائية البوسنية على عدم تسليم المشتبه به ﻣﻔﺴﺮﺓ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺑﻜﻮﻥ ﻗﺎﻧﻮن البوسنة ﻳﻤنع ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺭﻋﺎيا البلاد إلى دولة أجنبية، يذكر أنه لا توجد سفارة تونسية في البوسنة، ولا البوسنة لديها سفارة في تونس، كما أنه لا توجد أي اتفاقيات قضائية مشتركة بين البلدين، ما يعقد بعض الإجراءات.

وكان الزواري قد انضم إلى كتائب القسام عام 2006 في بداية تطوير الكتائب للطائرات المُسيرة، وشكل انضمامه لصفوف “القسام” نقلة نوعية في تطوير نواة القوة الجوية التابعة لها، وقبيل اغتياله كان المهندس التونسي قد بدأ أبحاثه لصناعة غواصة مُسيرة عن بعد كجزء من ترسانة القوة البحرية الخاصة بـ”القسام”، وذلك من مهامه على رأس “وحدة المشاريع” التابعة لـ”قسم التصنيع” في الكتائب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى