“القبعات الخضراء”.. وحدات كوماندوز امريكية تتولى خوض الحروب الخفية حول العالم

تعتبر “القبعات الخضراء”، وحدات قتالية تتبع قوات الكوماندوز في سلاح المشاة الأمريكي، وهي مسؤولة عن تنفيذ مهمات توصف بالخاصة جدًا خلف خطوط العدو، ويجرى الحديث عنها الآن كقوات سرية تنفذ مهام خاصة من دون علم جهات عديدة.

ووفقا لما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، قد تختلف قليلاً طبيعة المهمة التي استدعيت من أجلها “القبعات الخضراء”، لدعم الجيش السعودي سرًا في حربه ضد الحوثيين في اليمن.

فقد استهلت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالحديث عن دعم سري يحظى به الجيش السعودي الآن في حربه باليمن رغم سعي الجيش الأمريكي لسنوات للابتعاد عن الحرب الأهلية الدائرة في اليمن، حيث تتقاتل قوات التحالف التي تقودها السعودية مع الحوثيين الذين لا يشكلون تهديدًا مباشرًا على الولايات المتحدة.

لكن هذا يبدو أنه تغيير في السياسية الأمريكية، فلا علم لجهات عدة بمهمات القبعات الخضراء في المملكة، ومسألة إرسالها لم تناقش مع أي من الجهات الأمريكية أو غير الأمريكية المناط بها مراجعة الأمر؛ مما دفع الكشف عنها وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إلى الاعتراف بوجود قوة أمريكية تساعد السعودية في تأمين حدودها دون أن يحدد عدد تلك القوى وطبيعة تشكيلها.

هذا الاعتراف الصريح الذي جاء بعد ثلاث سنوات من الإنكار والاكتفاء يناقض تصريحات سابقة للبنتاغون عن طبيعة المساعدة العسكرية للحملة العسكرية التي تقودها في اليمن، فالمهمة لا تقتصر على تزويد الطائرات بالوقود في الجو والدعم اللوجيستي وتبادل المعلومات الاستخباراتية، فالأمر للوهلة الأولى يبدو انخراطًا أمريكيًا أكبر في حرب اليمن.

قالت نيويورك تايمز في تقريرها إن تلك قوات انخرطت في معارك في شمال اليمن ضد القوات الحوثية، وذكرت أن عددها يصل حاليًا إلى 12 خبيرًا عسكريًا، لكن الأمر المؤكد – بحسب محللين – أن تعداد هذه القوات الخاصة أكبر بكثير من الرقم المذكور، لأنها جاءت بطلب من ولى العهد محمد بن سلمان في أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن ولأن مهمتها تتركز حول كيفية رصد، ومن ثم تدمير الصواريخ الباليستية الحوثية التي استهدفت مواقع عسكرية ومدنية سعودية وباتت تشكل قلقًا للسلطات السعودية.

القوات الأمريكية الخاصة وحروب الظل

ليست هذه المهمة السرية الأولى التي تضطلع بها القوات الأمريكية الخاصة، فقد سبق لها القيام بعمليات شبيهة بالحروب نظرًا لطبيعة مهام القوات، وقد تكون “سرية” لأنه منذ عام 1942 لم يعط إذنًا بالحرب من الكونغرس الأمريكي لأي صراع خاضته أمريكا بما في ذلك حرب العراق التي شارك فيها 187900 مجند أمريكي، وحرب أفغانسان التي شارك فيها 100 ألف مجند أمريكي.

وحتى تتمكن تلك القوات من ممارسة المهارات الضرورية لتنفيذ المهام المختلفة، سمح الكونغرس الأمريكي في عام 1991 بتمويل برنامج التدريب المتبادل المشترك (JCET) في الخارج من الميزانية العسكرية لوزارة الدفاع “البنتاغون”، ودائمًا ما يرتكز ذلك البرنامج في الفترة الأخيرة على حلفاء أمريكا مع دول العالم الثالث التي تعاني من صراعات أمنية وسياسية.

ومنذ ذلك الحين، كثرت العمليات الخاصة من حيث العدد والميزانية المدفوعة من أجلها، وانتشرت هذه القوات حول العالم بشكل غير مسبوق، ففي الأيام الأخيرة من عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، نشرت الواشنطن بوست أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية كانت منتشرة في نحو 60 دولة حول العالم، ومع حلول عام 2010 كان هذا العدد قد تضخم إلى 75 دولة، وبعد هجمات 11 سبتمبر، أعلن تيم ناي المتحدث باسم قيادة العمليات الخاصة، أن عدد الدول ربما يكون قد وصل إلى 120 دولة.

ويذكر موقع “The Intercept” أرقامًا أكثر تفصيلًا في الفترة من 2012 وحتى 2016 تفيد بأن عام 2012 تم تقديم 170 برنامجًا تدريبيًا في 67 دولة، وفي 2013 تم تقديم 154 برنامجًا تدريبيًا في63 دولة، وفي 2014 تم تقديم 176 برنامجًا تدريبيًا في67 دولة، وفي عام 2015 سيكون قد تم تقديم نحو 174 برنامجًا تدريبيًا في قرابة 65 دولة، وفي 2016 سيُقدم نحو 180 برنامجًا تدريبيًا في قرابة 68 دولة.

ورغم وجود ما يسمى بقانون ليهي Leahy Law”” لحقوق الإنسان الذي يحظر استخدام ذلك البرنامج مع دول تنتهك قواتها الأمنية حقوق الإنسان، كشف تقرير أجراه موقع “Intercept “The اعتمادًا على وثائق من الخارجية الأمريكية أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية أقامت تلك البرامج مع دول تنتهك قوات أمنها حقوق الإنسان.

وورد في التقرير عدد من الدول العربية منها السعودية والبحرين والجزائر ولبنان، وتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان في عام 2012 تزامنت مع فترات التدريب المشترك بين قوات الأمن في تلك الدول العربية وقوات العمليات الخاصة.

وعلى أرض الواقع لا يبدو الوضع على ما يرام، إذ انتقدت عدد من التقارير الصحفية في مواقع أمريكية وأجنبية قوات العمليات الخاصة الأمريكية وبالأخص تلك الموجودة في إفريقيا عندما عنونت: “القوات الخاصة الأمريكية تفشل في إحكام قبضتها على الجماعات الإرهابية والانقلابات وانتهاكات حقوق الإنسان.

الحرب الأبدية.. قوات أمريكية تخوض المعركة في 134 دولة‏

زادت صلاحيات القوات الأمريكية الخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر، كذلك بالنسبة للرئيس الأمريكي وقتها، فبعد ثلاثة أيام فقط من الهجمات أقر مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي، منح الرئيس تفويض باستخدام كل ما يراه من قوة ضرورية لمنع أي أعمال إرهاب دولي مستقبلي ضد الولايات المتحدة، وهو ما أطلق عليه رسميًا التفويض باستخدام القوة العسكرية، ووفقًا لذك فإن الولايات المتحدة من حقها أن تشن أي هجوم عسكري علي أي دولة متى ارتأت هذا، وأنها في حالة استعداد أبدي للحرب.

ومنذ منح هذا الترخيص المفتوح، أصبح هناك توسع فضفاض في استخدام القوة العسكرية ليشمل عمليات سرية شبه عسكرية، تعتمد على القدرات التكنولوجية أكثر منها على القدرات البشرية، وتتراوح بين قتل الأهداف، إلى تفجير الصراعات الداخلية في الدول المستهدفة دون أن تفقد الولايات المتحدة جنديًا واحدًا من جنودها، إضافة إلى القيام بهجمات عسكرية غير مسبوقة تتحدى بشكل سافر القانون الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى